ترمي "نهى أبو زهرى" أحمالها خلف ظهرها معتمدة على تجاربها السابقة في التغلب على المصاعب؛ فأسست لنظام صارم وخططت لأبنائها نمط حياة، وزرعت فأنتجت خيراً من خلال قدراتها الذاتية واستثمار ما يقع عليه نظرها.

مدونة وطن "eSyria" التقت ربة المنزل المنتجة "نهى أبو زهرى" في منزلها بقرية "حوط"، يوم الخميس الواقع في 23 نيسان 2015؛ التي تحدثت عن استثمار حديقة منزلها بالقول: «الحياة تعلمك الكثير من الحكم، خاصة عندما تجعلك التجارب القاسية قادراً على اتخاذ القرارات الصعبة والمصيرية داخل الأسرة، فبعد أن قررنا العودة إلى القرية التي ابتعدنا عنها طلباً للرزق في العاصمة؛ كانت حديقة البيت مهملة وتملؤها الأعشاب والأشواك، والمساحة التي تحيط بها ليست بالقليلة فهي تبلغ 500 متر مربع، ونطلق عليها في الجبل "الحاكورة"، حيث زرعنا فيها منذ سنوات الزيتون والتين والعنب، وكانت هذه الأشجار معرضة للموت بسبب الإهمال، ومنذ وصولنا واستقرار الحال بدأت العمل فيها بمساعدة زوجي الذي تحمل الكثير من التعب حتى عادت أرضها نظيفة متوازنة من خلال فلاحتها وتعزيلها وإزالة كل الأعشاب والأشواك المتراكمة منذ سنين، وعند ذلك جاء دوري في زراعتها».

تعمل جارتنا في حديقتها مع زوجها الأستاذ المتقاعد "سلمان سراي الدين" ليصنعا معاً الكثير من الخير ضمن مساحة صغيرة تؤمن لهما مورد مهم من الرزق، والحديقة مليئة بكل أنواع الخضار ومرتبة بطريقة ملفتة للنظر من خلال الورود الجميلة التي تحيط بالمدخل، وبأشجار منوعة على جوانبها، والأخت "نهى أبو زهرى" لا تتوانى عن إطعام الجيران مما تجود به حديقتها، وهي معروفة في القرية بأنها سيدة منتجة من خلال الأعمال اليدوية التي تصنعها وتسوقها في المحافظة وخارجها

لم تترك مساحة فارغة في الحديقة التي تحولت خلال أسابيع إلى جنة تزخر بكل ما يخطر في البال من خضار موسمية وأعشاب متعددة، وتضيف: «قسمت الحديقة إلى مساكب منظمة ومرتبة، وجعلت بينها ممرات متناسقة للمرور، وحضرت التربة للبذار، حيث جلبت بذور "الخس العربي والبقدونس والنعناع والفجل والجرجير والكزبرة والكراث والثوم والبصل والمردكوش والملوخية والفول والبامياء والفاصولياء والبطاطا والكوسا والباذنجان والفليفلة بأنواعها الحلو والحارة وما يسمى السردين المخصص للطبخ"، ومن الشتل جلبت "البندورة وزعتر الوادي والزعتر البري"، وتركت مساحة صغيرة لزراعة القمح من أجل "الفريكة"، وقمت بزراعة أعداد كبيرة من الورود المتنوعة عند مدخل الحديقة ولمسافة ثلاثين متراً على جانبي المدخل، وهكذا أقضي أغلب وقتي بين الشتلات أهتم بسقايتها حسب المواعيد التي أتقنت حفظها، ومنعت الأعشاب من النمو بينها حتى بدأت تثمر وتعطي بصورة غير طبيعية تكفي لأكثر من عائلة، وهو ما جعلني أقدم ما يزيد على حاجة المنزل إلى جيراني».

"سلمان سراي الدين" بين النباتات

كان إنتاج الأشجار بدأ يعطي ثماراً كثيرة، فالزيتون بأنواعه الأربعة للزيت والمؤونة، والتين للأكل و"المعقود"، والعنب تحول إلى أنواع متعددة، وتضيف: «كانت الثمار في الحديقة كثيرة ومتعددة، منها ما ذهب للمؤونة الشتوية من خلال التفريز والتيبيس مثل: الفول والبامياء والفاصولياء والبندورة والباذنجان لصناعة "المكدوس"، والبصل والثوم، والملوخية والنعناع والكزبرة وغيرها من النباتات، والباقي للحاجات اليومية، وقمت بصناعة "الفريكة" من مسكب القمح الصغير، أما العنب فقد كانت الدوالي تنتج ثلاثة أنواع: "السلطي، والبلدي، والحلواني"؛ فهو للأكل و"المعقود والزبيب والدبس"، والتين كذلك الأمر، وقد استطعت بالتجربة خلق أنواع جديدة من مؤونة "المعقود" من التين ذي النوع الكبير، و"الزبيب" من دالية العنب البلدي وهو أمر غير مألوف في المحافظة، وقد نجحت تجاربي نجاحاً كبيراً بشهادة الجيران وعدد كبير من الأصدقاء الذين كانوا يأتون إلى منزلي ومشاهدة الحديقة، وبهذه الأدوات وصلت إلى اكتفاء ذاتي مع صناعة "الكشك البلدي" والبرغل واللبن والجبن من خلال شراء الحليب وإعادة صناعته من جديد».

وتحدث "جميل أبو عساف" 65 سنة جار "أبو زهرى" عن عملها وحديقتها بالقول: «تعمل جارتنا في حديقتها مع زوجها الأستاذ المتقاعد "سلمان سراي الدين" ليصنعا معاً الكثير من الخير ضمن مساحة صغيرة تؤمن لهما مورد مهم من الرزق، والحديقة مليئة بكل أنواع الخضار ومرتبة بطريقة ملفتة للنظر من خلال الورود الجميلة التي تحيط بالمدخل، وبأشجار منوعة على جوانبها، والأخت "نهى أبو زهرى" لا تتوانى عن إطعام الجيران مما تجود به حديقتها، وهي معروفة في القرية بأنها سيدة منتجة من خلال الأعمال اليدوية التي تصنعها وتسوقها في المحافظة وخارجها».

كراث وتين

أما المتقاعد "سلمان سراي الدين" فبيّن دور زوجته "نهى أبو زهرى" في إعادة إحياء الحديقة بالقول: «أي شيء تعطيه يعطيك، وهذه الأرض الصغيرة تتسع للكثير من الزراعات فهي مساحة كبيرة نسبياً بالنسبة للحواكير، وقد اعتمدت في فلاحتها على الآلات الزراعية الحديثة والصغيرة بنفس الوقت، وبعد أن انتهيت من فلاحتها وتعزيلها قمت بتنظيفها لتصبح جاهزة، أما الشجر ودوالي العنب فقد اهتممت بتقليمها بالمواعيد التي تحددها الإرشادية الزراعية، والحقيقة أنا كموظف متقاعد وجدت الوقت المناسب لأفرّغ طاقتي في هذه البقعة الخضراء، وتبقى اللمسات النسائية لزوجتي هي الأساس في خلق هذا المرج الأخضر والورود التي زينت المنزل».

السيدة نهي بين نباتاتها