"سوركة" من القرى الشهيرة في منطقة "عفرين"، تتميز بمحافظة أبنائها على الحياة اليومية التراثية والتقليدية التي سادت المنطقة منذ مئات السنين، وخاصة في مجال طراز أبنيتهم السكنية.

للحديث عن القرية وما تتميز به، تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 تشرين الثاني 2014، المعمر "موسى موسو" 86 عاماً بالقول: «قرية "سوركة" قرية معروفة في المنطقة، وهي ذات حضور لافت في أحاديث أهل "عفرين"، وقبلة للسياح والفنانين بسبب حياة أهلها التقليدية ومناظرها الطبيعية الساحرة التي تجذب المصطافين والمتنزهين من أبناء محافظة "حلب" وعموم القطر.

"سوركة" تعني "الحمراء" باللغة الكردية، واللون الأحمر هو أحد صفات هذه القرية الواقعة في منطقة سهلية معروفة هي "سهل ليجة" البركاني، وتتميز تربة السهل حيث موقع "سوركة" باللون الأحمر

وأضاف: «النظام العمراني في القرية نظام تقليدي؛ تراثي إذ تتميز بيوتها السكنية بالحفاظ على النموذج الريفي القديم؛ وهو النموذج الذي ساد منطقة "عفرين" عموماً قبل أن يسود نظام الأبنية الإسمنتية الحديثة، فعلى الرغم من أن النظام الإسمنتي دخل القرية كباقي الريف العفريني إلا أن معظم بيوتها ما زالت تراثية؛ فهي مبنية من الحجارة والطين وذات سقوف معمولة من القش والخشب، علماً أن قرية "سوركة" هي القرية الوحيدة في عموم المنطقة التي ما زالت محافظة على هذا النموذج العمراني التقليدي.

تربية الماشية العمل الرئيس في القرية

من ناحية الحياة اليومية؛ الاقتصادية للسكان فهم عموماً يعملون في تربية الماشية وفي الزراعة، لذا تعد من أولى القرى في إنتاج الحليب ومشتقاته من الأجبان والألبان، ويتم تصريف معظم هذا الإنتاج في الأسواق المحلية، وخاصة بازار مدينة "راجو" الأسبوعي الذي يُقام صباح كل يوم خميس».

وقال الفنان "يوسف إبراهيم" متحدثاً: «للقرية موقع سياحي جميل، ولذلك يزورها سنوياً الآلاف من السياح والمصطافين، وخاصة من أبناء المنطقة وعموم محافظة "حلب"، وتحديداً من فئة الموظفين والعمال، لقضاء أوقات ممتعة بين أحضان الطبيعة الخلابة والتخلص من ضغط العمل الأسبوعي، وخاصة خلال فصلي الربيع والصيف، فمن جهة تتواجد الجبال العالية التي توفر الهواء النقي والعليل، ومن جهة أخرى تتوافر المياه حيث يجري "النهر الأسود" بالقرب منها.

الحفاظ على النظام العمراني التقليدي

في الحقيقة تتحول قرية "سوركة" خلال فصل الربيع إلى لوحة فنية رائعة غاية في الجمال والرقة، وهذا أحد أهم عناصر الجذب الفني؛ فجميع المصورين الضوئيين والتشكيليين من أبناء المنطقة يقومون من حين إلى آخر بزيارة هذه القرية لالتقاط صور فنية لها وخاصة في الربيع، حيث تصبح من أكثر المواقع السياحية في المنطقة جمالاً وفتنةً، ولا يخلو الأرشيف الفني لأي منهم من صور "سوركة"، ويوميات أبنائها التقليدية والتراثية في انسجامها مع الطبيعة الرائعة».

وأخيراً، سألنا الدكتور "محمد عبدو علي" الباحث في تراث وتاريخ منطقة "عفرين" عن القرية، فأجابنا بالقول: «تقع قرية "سوركة" في الجهة الجنوبية الغربية من مدينة "راجو" بنحو 10كم، ومن الحدود التركية بمئات الأمتار، و"راجو" كما هو معروف مركز ناحية وواقعة إلى الشمال الغربي من مدينة "عفرين" بنحو 25كم.

الموقع من الفضاء

من الناحية الخدمية فالقرية يصلها طريق إسفلتي يربطها بما حولها وخاصة بمدينة "راجو" التي ترتبط بها إدارياً واقتصادياً، كما تتوافر فيها الشبكة الكهربائية، ولكنها تحتاج إلى الشبكة الهاتفية وشبكة المياه، وإلى بلدية تقدم للناس الخدمات الضرورية، كما تحتاج القرية إلى مركز طب بيطري، لكون معظم سكانها يعملون في تربية الماشية، وهذه الحيوانات بحاجة إلى مراقبة ورعاية طبية دائمة، وتقديم إرشادات طبية لأصحابها».

وحول اسم القرية قال: «"سوركة" تعني "الحمراء" باللغة الكردية، واللون الأحمر هو أحد صفات هذه القرية الواقعة في منطقة سهلية معروفة هي "سهل ليجة" البركاني، وتتميز تربة السهل حيث موقع "سوركة" باللون الأحمر».

وختاماً، قال الدكتور "محمد عبدو علي": «تتألف قرية "سوركة" من حوالي عشرين مسكناً معظمها مسقوف بالقش، وهي مبنية وفق طراز معماري قديم يسمى "زنج" zinc باللغة الكردية، يبلغ عدد سكانها نحو 100 نسمة، وموقعها مرتفع عن سطح البحر بنحو 260م».