يعد الأدب الإلكتروني من الآداب التي أصبحت تطل برؤاها ومنافذها على العالم، وينشر ثقافة وأدب الشباب دون حواجز، ولكن: هل يؤثر سلباً أم إيجاباً في البنية الذهنية الشبابية؟ وكيف؟

حول الأدب الإلكتروني وقصص الشباب مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 5 تشرين الثاني 2014، التقت القاص "هيسم أبو سعيد" عضو اتحاد الكتاب العرب، فبيّن قائلاً: «للأدب الإلكتروني تعريفات متنوعة إذ يرى بعضهم أن الأدب الإلكتروني يتألف من أعمال أدبية تنشأ في بيئة رقمية؛ أي إنه الأدب الذي يُقرأ على الحاسوب، فاستبدل الكتابة الرقمية بالكتابة المطبوعة، بينما يرى بعضهم الآخر أن الأدب الإلكتروني هو الأدب الذي يتحدث عن عالم الرقميات أو العالم الافتراضي، وما يحدث في أجوائه. وبهذا يميزه عن الأدب العادي الذي يُكتب وينشر عبر الوسائل الإلكترونية، ومن خلال ما يتوافر للوسائل التقنية من قدرات يمكن دعم بعض النصوص الأدبية العادية بمؤثرات مثل عرضها كعروض تقديمية، مع موسيقا أو لوحات أو صور، أو إيصال الرواية أو القصة مقروءة بصوت كاتبها أو غيره إلى المتلقي. فهل نستطيع صوغ تعريف جديد لهذا الأدب بناء على ما تقدم؟ وقد وضعت الطباعة -التي كانت حداً فاصلاً بين التواصل الشفهي والتواصل عبر الكتاب- حاجزاً بين الكاتب والمتلقي يتمثل في استعمال الكتاب، وما نراه الآن من وسائل تقنية كفيل بكسر هذا الحاجز، من خلال ما يمكن تسميته بالأدب التفاعلي، حيث يستطيع القارئ المساهمة بآرائه وأفكاره في العمل الإبداعي مع المبدع ليصير مبدعاً جديداً، ومع تطور هذا التفاعل يمكن الوصول إلى مشاريع الكتابة التعاونية وليس فقط التفاعلية، ويظهر من خلال ما تتيحه الإمكانيات التقنية أيضاً النص المترابط الذي يحيل إلى نصوص أخرى ذات صلة بموضوعه، ومن السهل الوصول إليها عبر روابط تشعبية، ويظهر أيضاً النص التشعبي الذي يترك لك حرية اختيار المسار الذي ترغب في تتبعه أثناء القراءة».

النشر دون رقابة ودون إجازة للنص من مختصين -وقد أشرنا إليها كإيجابية- يجعل الكاتب وحده ناشراً يجيز نصه دون الوقوف على معايير فنية أو أدبية أو أخلاقية، أو حتى دون تدقيق لأخطاء إملائية ونحوية، وإمكانية سطو بعض الأشخاص على نصوص غيرهم دون مراعاة لحقوق المؤلف، ورضا بعض الأقلام الواعدة بإمكانية النشر هذه، والتوقف عن العمل لتطوير الذات والأدوات الفنية وصقل الموهبة، وتعرض هذا الأدب للضياع لصعوبة الحفاظ عليه، وفيما يتعلق بالقصة وحدها؛ فيمكن أن تفرض الوسائل التقنية على القصص المنشورة فيها شروطاً جديدة خاصة بالقصة الإلكترونية -إذا صح التعبير- من حيث الطول والمفردات والمواضيع، ومن حيث التداخل مع الأجناس الأدبية الأخرى وغيرها. وهو ما يحتاج إلى دراسات نقدية مستفيضة حول هذا الموضوع

وتابع الأديب "أبو سعيد" بالقول: «لقد صار لمثل هذه الكتابة أهمية كبيرة، حتى نشأت على أساسها منظمات مثل منظمة الأدب الإلكتروني ELO، واتحاد كتاب الإنترنت العرب، فمن فوائد الأدب الإلكتروني أنه وسيلة تواصل حرة بين الكاتب والمتلقي لا تمنعه رقابة أو حدود أو قيم متباينة، ووسيلة تعبير حرة، يتجاوز بها المبدع شاعراً أو قاصاً أو غيره من الرقابات الحازمة، ويتناول أي موضوع يريد، إذ وفرت التقنيات الحديثة للقصة وغيرها سهولة الوصول إليها وقلة التكلفة واتساع فئة المتلقين، وتوفر هذه الوسائل إمكانية الحصول على التغذية الراجعة والنقد المباشر والسريع، حيث فتحت مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية الباب أمام أقلام الشباب للنشر، متخطية صعوبات إصدار الكتب أو النشر في المطبوعات الإعلامية الورقية من صحف ومجلات، وهو ما شجع الكثيرين على خوض تجربة الكتابة. حتى إن بعض الكتاب المتمرسين وجدوا في هذه المواقع فضاء جديداً لإبداعهم؛ وهو ما يكسبهم قرّاء جدد ويساهم في وصول ما يكتبون إلى مواقع جغرافية بعيدة، يتعذر وصول المنشورات الورقية إليها».

الأستاذ نواف كيوان.

وعن سلبيات التقنية في مجال الأدب، أشار "أبو سعيد" بالقول: «النشر دون رقابة ودون إجازة للنص من مختصين -وقد أشرنا إليها كإيجابية- يجعل الكاتب وحده ناشراً يجيز نصه دون الوقوف على معايير فنية أو أدبية أو أخلاقية، أو حتى دون تدقيق لأخطاء إملائية ونحوية، وإمكانية سطو بعض الأشخاص على نصوص غيرهم دون مراعاة لحقوق المؤلف، ورضا بعض الأقلام الواعدة بإمكانية النشر هذه، والتوقف عن العمل لتطوير الذات والأدوات الفنية وصقل الموهبة، وتعرض هذا الأدب للضياع لصعوبة الحفاظ عليه، وفيما يتعلق بالقصة وحدها؛ فيمكن أن تفرض الوسائل التقنية على القصص المنشورة فيها شروطاً جديدة خاصة بالقصة الإلكترونية -إذا صح التعبير- من حيث الطول والمفردات والمواضيع، ومن حيث التداخل مع الأجناس الأدبية الأخرى وغيرها. وهو ما يحتاج إلى دراسات نقدية مستفيضة حول هذا الموضوع».

الأديب والكاتب "نواف كيوان" بين رأيه الأدبي في الأدب الإلكتروني قائلاً: «لعلنا اليوم أمام موجة عارمة وقوية تحملها ثورة الاتصالات والمعلومات في مضمونها، منها الأدبي الذي يمكن أن يقال عنه الأدب التنقلي بين فضاء العالم، ذلك لأن معياره ينسجم مع رؤية مؤلفه غالباً ولا يخضع إلى معيار أدبي حامل لأساليب فنية وقراءة ومراجعة نقدية، لكن بالمقابل العالم الافتراضي أو الشابكة أوجدت لعناصر متنوعة وفئات عمرية مختلفة ومن مشارب ثقافية متعددة الطرائق لنشر ما يرغبون وليس ما يجب أن يكون عليه الأدب، فالقيمة الفنية والرؤية التطلعية والمعيار الأدبي هو السبيل لإنتاج نص قصصي إن كان ورقياً أم إلكترونياً، ولكن ثمة سؤال: من يحفظ تلك الآداب من القنص والسرقة وتبادل الأدوار؟

الأديب هيسم أبو سعيد

إذاً، نحن نعيش حالة من الحرية المربكة التي من شأنها خلق خلافات فكرية أدبية وليس أدباً نحتاجه لبناء ثقافتنا وهويتنا الثقافية، والأدب الإلكتروني هو أدب له جمهوره وله متابعوه، ولكنه لا يخضع لعامل النقد الموضوعي المنهجي».

الجدير بالذكر، أن محور الأدب الإلكتروني وقصص الشباب قدمه الأديب "هيسم أبو سعيد" ضمن ندوة أقامتها مدونة وطن "eSyria"، وفرع اتحاد الكتاب العرب بالسويداء بعنوان: "تأثير استخدام تقانات الاتصال والتواصل الاجتماعي في إبداعات الشباب".

من أجواء الندوة