تحت سطح البحر شباب عشقوا الغطس رياضة وموطناً للمتعة، وجرأة في الطرح للرقي باهتمامهم وتطويره؛ لا تقل عن جرأتهم في الغوص في أصعب المناطق البحرية الوعرة.

مدونة وطن "eSyria" رافقت خمسة غطاسين في طلعة بحرية على متن اليخت بتاريخ 15 آب 2014، ملقية الضوء على نشاطهم وعلى تجربتهم في تنظيم هذه الفكرة الرائدة في "سورية".

في السابق كنت أغطس وحدي، ولكن في الغطس فإن أهم شيء هو الصحبة، فلا يستطيع الغطاس تطوير نفسه من دون محفز، لذلك أحببت أن أكون مع هذه المجموعة

الغطاس "أحمد الحزوري" يحدثنا عن شغفه بالصيد فيقول: «أغطس منذ ما يقارب 18 عاماً، أخرج بمعدل مرتين في الأسبوع مع المجموعة إلى أماكن نعرفها مسبقاً بحسب خبرتنا الطويلة، على أن تكون وعرة حيث نجد أنواعاً من الأسماك تستوطن هذه الأماكن، فإن كانت الظروف مناسبة نصطاد ما نقدر اصطياده، وإذا كان البحر عكراً أو التيار غير مناسب فنكتفي بالغطس».

الصيد بالبارودة

قرر الشباب أن ينظموا هذه الرياضة ويعمموها على مستوى رسمي، فكرة بدأت تجد طريقها إلى الواقع منذ بداية العام 2010، وها هو الكابتن "طالب الحزوري" يقود المجموعة مدرباً ورئيساً لنادٍ بات يعرف بـ"النادي السوري للغطس الحر"، هو الأول على الشاطئ السوري، ويحدثنا عن مشروعه، فيقول: «إن ما شجعني على هذا المشروع هو أن بلادنا بحرية ولا يوجد فيها نادٍ لتعليم الغطس، ومن هذا المنطلق فإن رغبة بعض الأصدقاء في تعلم الصيد والغطس يدفعونك للقيام بتعليمهم وفق أسس أكاديمية، من هنا جاءت فكرة المشروع بتهيئة المتدربين ليصبحوا قادرين على الغطس بمفردهم، ولأجل ذلك قمت بتصميم هذا اليخت وتجهيزه خصيصاً ليتناسب مع هذه الرياضة، وليلبي حاجة المنتسبين، وأنا أساعدهم في الحصول على التجهيزات المناسبة التي يجب أن تكون عالية الجودة درءاً للمخاطر التي ترافق هذا النوع من الرياضة».

وعن آلية الانتساب، ومراحل التدريب التي يتبعها المنتسب قال: «نحن لا نقبل أي منتسب ما لم يتخطَّ الفحص الطبي الذي نجريه، وأن يمتلك مستوى سباحة مقبولاً، ويلي ذلك النجاح في الدورة التدريبية التي نجريها، والتي تتضمن: درساً نظرياً يتعرف فيه المنتسب على شروط الغطس، مخاطره ومحاسنه (طريقة حبس وتنظيم النفس، والتهيئة للغطس، ...إلخ)، تشمل خمس حصص في المسبح يتعرف فيها المنتسب إلى الأدوات وكيفية تطبيق عمليات حبس النفس وتنظيمه والتهيئة للغطس، ويبدأ اليوم السادس في البحر بالغطس من ستة أمتار ويصل إلى عشرة أمتار في اليوم العاشر، ثم دورة ثانية يصل فيها الغطاس إلى عمق عشرين متراً.

لقز على الخصر

يلي ذلك دورة تدريبية لتعليم صيد السمك، يتم ذلك في البحر مباشرة مع عرض مقاطع فيديو عن طرق صيد كل نوع من الأسماك، ثم تطبيق عملي في البحر، بعد ذلك يحصل المنتسب على بطاقة شخصية تؤكد أهليته ومستوى التدريب الذي خضع له».

وعن مخاطر هذه الرياضة وإجراءات السلامة فيها يقول: «هذه الرياضة خطرة جداً ما لم يتم اتخاذ إجراءات وقائية حاسمة، وهذا ما نقوم به من ناحية العدّة التي يجب أن تكون ذات جودة عالية ولا ينقصها شيء، والتدريب المسبق على حالات الخطر، ودرء المخاطر عن طريق التحفيز العقلي، عدا حضور مدرب إنقاذ بحري في طلعاتنا جميعها».

حرامي، لقز، سرغوس

من بين المجموعة التي رافقتنا منتسبون لم يسبق لهم أن غطسوا من قبل، وقد تطور مستواهم اليوم ليصبحوا على درجة عالية من الكفاءة، يحدثنا الغطاس "رامي غصة" عن تجربته مع هذه الرياضة قائلاً: «أنا عضو في النادي منذ فكرة إنشائه قبل 4 سنوات، كنت قبلها أخرج للسباحة فقط، وفي النادي تعلمت الغطس والصيد، أغطس الآن لعمق يقارب 30 متراً، أرغب بالخروج إلى أماكن أكثر تنوعاً في مناطق أخرى أبعد من التي نذهب إليها».

أما الغطاس "فادي إبراهيم" الذي كان هاوياً وهو رياضي ولوجوده هنا ما يبرره، فيقول: «أنا عضو في النادي منذ تأسيسه، ولم أكن أغطس بالمعنى الحقيقي سابقاً، مع النادي تعلمت الغطس والصيد بأعماق تقارب 20 متراً، أنا رياضي بالأصل لكن ما يدفعني لأكون هنا هو المتعة التي أحصل عليها بالصيد».

الغطاس الطبيب "آرا أكمكجيان" غطاس قبل إنشاء النادي، ولوجوده هنا ما يبرره، وعن ذلك يقول: «في السابق كنت أغطس وحدي، ولكن في الغطس فإن أهم شيء هو الصحبة، فلا يستطيع الغطاس تطوير نفسه من دون محفز، لذلك أحببت أن أكون مع هذه المجموعة».

أثناء الطلعة البحرية برفقتنا، أجرى الفريق عدة غطسات مع بارودة الصيد البحرية "Arpon" نجح كل منهم بصيد عدد من أسماك "اللقز"، و"الحرامي"، و"السرغوس"، وهذا جزء من تدريبهم، واللافت في الفريق الالتزام والانضباط الذي يميز أفراده حتى من أكثرهم خبرة.