تعد مدينة "حلب" من أولى المدن العربية التي دخلت ميدان العمل الطباعي والصحافي، حيث أصدرت خلال القرون الماضية عدداً من الصحف والمجلات التي شكلت علامات فارقة في تاريخ البلاد.

التقت مدونة وطن "eSyria" المهندس "عبد الله حجار" المستشار في "جمعية العاديات" بالمدينة، بتاريخ 15/10/2013 حيث قال: «بدأت ملامح النهضة تظهر في "حلب" في القرنين السادس عشر والسابع عشر، حيث وجدت فيها أول مطبعة في الوطن العربي بأحرف عربية، وذلك في عام /1702/م عندما جلبها البطريرك "اثناسيوس الدباس" من "رومانيا" وقام بصنع حروفها "عبد الله زاخر الحلبي" فطبعت فيها "المزامير" وبعض الكتب الدينية، وفي عام /1858/م تم تأسيس المطبعة "المارونية" التي أدخلها المطران "يوسف مطر" حيث بدأت بطبع مقالات المفكرين أمثال "فرنسيس المراش" و"نصر الله دلال" ووزعت على الجماهير، وكان للصحف التي تم إصدارها دور كبير في حركة التنوير من خلال نشر أفكار المفكرين النهضويين التي كان يتداولها طلاب "معهد الأرض المقدسة" وطلاب "المدرسة اليسوعية" في "ترب الغرباء"، إضافة إلى شيخ الصحافة العربية "رزق الله حسون" الذي قام بتأسيس جريدة "مرآة الأحوال" في عام /1855/م في "الآستانة" وتابع إصدارها في "لندن"».

أول صحيفة يومية صدرت في المدينة كانت جريدة "الفرات" الأسبوعية الرسمية وقد أسسها في عام /1867/م "مكتوبو" الولاية "حالت بك" الذي كان يرأس تحريرها، وكانت تصدر باللغتين العربية والتركية ثم أضيفت إليها في العدد /50/ اللغة الأرمنية قبل أن تحذف الأخيرة اعتباراً من العدد /101/ وكان لها ملحق اسمه "علاوة الفرات" أو "غدير الفرات"

وحول أهم الصحف التي صدرت في "حلب" تحدث الدكتور "عبد الرحمن حميدة" في كتابه "محافظة حلب" الذي صدر عام /1992/ بالقول: «أول صحيفة يومية صدرت في المدينة كانت جريدة "الفرات" الأسبوعية الرسمية وقد أسسها في عام /1867/م "مكتوبو" الولاية "حالت بك" الذي كان يرأس تحريرها، وكانت تصدر باللغتين العربية والتركية ثم أضيفت إليها في العدد /50/ اللغة الأرمنية قبل أن تحذف الأخيرة اعتباراً من العدد /101/ وكان لها ملحق اسمه "علاوة الفرات" أو "غدير الفرات"».

"مرآة الأحوال" من أولى الجرائد التي ساهمت في النهضة بحلب

وتابع: «في عام /1877/م صدرت جريدة "الشهباء" الأسبوعية لصاحبها "هاشم العطار" المعروف بـ"الخراط"، وكان يتولى تحريرها "عبد الرحمن الكواكبي" بمساعدة جماعة من أدباء "حلب" مثل "ميخائيل أنطون الصقال"، ولم تعمّر الجريدة أكثر من أيام قليلة؛ لأن "كامل باشا" والي "حلب" قام بإلغائها بعد صدور العدد الثاني، وفي عام /1879/م صدرت جريدة "الاعتدال" بالعربية والتركية وكان يملكها "هاشم العطار" ويشرف على تحريرها "عبد الرحمن الكواكبي" و"سعيد شرف" ولم يكن عمرها أطول من سابقتها إذ أمر "جميل باشا" بإغلاقها بعد أن تصدى "الكواكبي" للكشف عن مساوئ الموظفين وعرض حاجات البلد وتوسيع دائرة المعارف، وفي عام /1908/م صدر بترخيص من نظارة المعارف أربع صحف حملت الأسماء التالية: "الشهباء" و"صدى الشهباء" و"الشعب" و"التقدم"، لكنها لم تعمر طويلاً إذ تم إغلاقها، وبعد دخول القوات العربية إلى "حلب" في عام /1918/م صدرت جريدة "العرب" على يد فئة من الشبيبة العربية وكان "سامي السراج" مديراً لها أيام الحكم "الفيصلي" وقد أغلقت في عام /1919/م لأنها نشرت مقالة هاجمت فيها الصهيونية، وفي نفس العام صدرت جريدة "حلب" بأمر من الوالي "شكري باشا الأيوبي" بصفحتين وكان يتولى تحريرها "محمد منير المدوّر"، واستمرت حتى أوائل سني الانتداب الفرنسي وإلى جانبها كانت تصدر جريدة "التقدم" لصاحبها "شكري كنيدر"، وفي عام /1919/م ظهرت جريدة باللغة الفرنسية اسمها "النهضة العربية"، كما ظهرت جريدة أرمنية اسمها "هاي ترين"».

وأضاف "حميدة": «خلال فترة الانتداب الفرنسي كانت تصدر الصحف التالية: "الجهاد" لصاحبها "محمد فهمي الحفار" و"عبد القادر الحفار" و"الشباب" لصاحبها "محمد طلس" وكان يدعمها الحزب الوطني و"الميثاق" لصاحبها "شرف الدين الفاروقي" و"الاتحاد" لصاحبها "محمود وهبي" و"الأهالي" لصاحبها "شاكر نعمت الشعباني" وكان يكتب فيها أحياناً العلامة "بدر الدين النعساني"، كما صدرت جريدة "النذير" لرئيس تحريرها "أحمد قنبر" وكانت تنطق باسم "حزب الشعب والتقدم" لصاحبها "شكري كنيدر" و"الوقت" و"الحوادث" لصاحبها "حسين الشعباني" وكانت أطول الجرائد الفرنسية عمراً هي "برق الشمال" التي تحولت إلى اللغة العربية بعد الجلاء وكان يملكها "نقولا جانجي"، وبعد حصول البلاد على الاستقلال صدرت صحف جديدة هي: "الميزان" لصاحبها "حسن عبد العال" و"الوطن" لصاحبها "عبد الرحمن أبو قوس" وجريدة "التربية" التي كانت تهتم أيضاً بالرياضة البدنية وكان يشرف عليها "عبد السلام الكاملي" وغيرها من الجرائد مثل "الصباح" و"النهضة" و"الأمل" و"المرأة" و"رسالة العمال"، وفي عام /1961/م صدرت الصحف التالية: "آخر دقيقة" و"برق الشمال" و"التربية" و"الحوادث" و"الشباب" و"الميزان" و"الوطن" و"نداء العروبة"، كذلك "الشرق" و"سورية" بالأرمنية، لكن صحافة "حلب" كانت تعاني دائماً من قلة البيع لأن السحب في أية جريدة لم يكن يتجاوز/3000/ نسخة مطلقاً، ما كان يدفعها إلى الاعتماد على الإعلانات أو وضع نفسها تحت تصرف الأحزاب السياسية ومحترفي السياسة، وبعد عام /1970/م أخذت جريدة "الجماهير" على عاتقها النهوض بتغطية كل ما يتعلق بالمحافظة من أخبار وإعلانات ونشاطات».

مجلة "الضاد" الحلبية .. ما زالت مستمرة في الصدور

وختم بالقول: «من المجلات التي صدرت في النصف الأول من القرن العشرين مجلة "الحديث" وهي مجلة أدبية اجتماعية كان يرأس تحريرها الأديب "سامي الكيالي" و"القربان" ويشرف عليها الأب "أغناطيوس سعد الماروني" و"السنابل" و"الشهباء" و"الضاد" لصاحبها "عبد الله يوركي حلاق" وماتزال مستمرة حتى اليوم، إلى جانب "اليقظة" و"الجامعة الإسلامية" لصاحبها الأستاذ "كحالة" و"اللواء" لصاحبها "فيكتور كالوس"».

جريدة "الجماهير" الحلبية اليومية