تفوح رائحتها من بيوت وقرى وادي النضارة في السادس من كانون الثاني من كل عام، ذلك الوقت الذي يرتبط صنعها فيه مع حلويات "عيد الغطاس"، حيث يجتمع عليها جميع الأهالي ضمن طقس اجتماعي يحمل طابعاً دينياً محتفلين بذكرى معمودية السيد المسيح.

مدونة وطن"eSyria" التقت بتاريخ 5/1/2013 السيدة "اخلاص حاماتي" أثناء صنعها لأقراص "المبسبس" مشيرة بالقول: «تعتبر إقامة أكلة "المبسبس" عادة قديمة متوارثة في منطقتنا وهي أكلة معروفة بالنسبة للجميع وسهلة الصنع والتحضير، وأما عن ارتباطها بالعيد فهي تعتبر من أحد الطقوس الاجتماعية التي تنبع من تكريم كل الأعياد بصنع نوع معين من أنواع الحلوى الشعبية كالمبسبس الذي صدف ارتباطه بعيد الغطاس (ذكرى معمودية السيد المسيح) ودرج ذلك منذ عشرات السنين».

كنا نعجن الطحين مع فجر يوم العيد ونخبزه على شكل أقراص دائرية الشكل، وبعد نضجه مباشرة يغطس في ماء بداخل "صفوة حطب"، بعدها يتم غمسه بالسمن العربي، وكان يطلق عليه في القديم أقراص الغطاس

تتابع: «المبسبس هو من أنواع الحلويات التي يتم صنعها من عجينة تحوي الطحين والزبدة والسكر مع اللبن وقليل من الخميرة ويترك مدة قصيرة حتى يختمر، ثم يقطع إلى دوائر والأهم هو طبعه "بمشبك المبسبس" الذي ينقش علامة دينية ترتبط بعيد الغطاس على القرص ليشوى بعده ويقدم يوم العيد».

السيدة "اخلاص حاماتي"

اختلفت طريقة صنع المبسبس عما كانت في الماضي، وهنا تقول تقول الجدة "سمون خوري": «كنا نعجن الطحين مع فجر يوم العيد ونخبزه على شكل أقراص دائرية الشكل، وبعد نضجه مباشرة يغطس في ماء بداخل "صفوة حطب"، بعدها يتم غمسه بالسمن العربي، وكان يطلق عليه في القديم أقراص الغطاس».

يترافق "المبسبس" مع طبق آخر يدعى "السمبوسك" الذي يرتبط ايضاً "بعيد الغطاس"، وهو من المأكولات التي تشتهر بها مدينة "حمص"، تحدثت عنها السيدة "غادة الياس" بالقول: «سمبوسك الغطاس يختلف عن باقي أنواع السمبوسك التقليدية في الفرن أو يغلى بالزيت ولا سبب أساسياً وراء صنعه في العيد إلا أنه تقليد أجتماعي لمناسبة دينية طالما اعتاد أبناء الطائفة المسيحية على تحضيرها في هذه المناسبة، لأنه يعد تناولها حلالاً في ذلك الوقت».

طريقة صنعها

لا يقتصر وجود المبسبس والسبموسك على البيوت فقط، بل أصبح نوعاً من الحلوى يطلبه زبائنه بشكل خاص مع حلول عيد الغطاس، ليكون ذا نكهة مميزة في العيد، كما تقول السيدة "فاديا لياس" صاحبة متجر لبيع الحلويات: «نقدم حلوى المبسبس الذي تدخل فيه مادة الحليب والمبسبس الخالي منه؛ كصنف نباتي لتلبية رغبة الزبائن مع السمبوسك التقليدي الذي يحتوي الجوز والسكر، والآخر العصري الذي يدخل عليه القشطة والفستق الحلبي، ولكل صنف راغبوه إلا أن الطلب على الأنواع التقليدية من كلا الصنفين يكون أكبر».

يضيف المؤرخ الحمصي الكبير "نعيم الزهراوي": «إن السمبوسك والمبسبس كأنواع مميزة لأعياد الحماصنة واهل القرى والتي كان الأهالي يقومون بصنعها من مواد متوافرة بين أيديهم ولاسيما أثناء الاحتلال العثماني والفرنسي وما رافقهما من فقر في الحال وقلة المردود، والمميز في تلك الحلويات انها كانت توزع من قبل الأهالي الذين يعتنقون الدين المسيحي على باقي فئات المجتمع دون حصر الطوائف والأديان بل كانت وسيلة لنشر العيد والفرحة بينهم».

يفضل الأطفال حلوى المبسبس التي تأتيهم كعيدية أخرى في يوم عمادة السيد المسيح لتضيف إلى بهجة الأعياد بهجة أخرى.