يعد من النباتات البرية المنتشرة في الساحل السوري، وخصوصاً مع أوائل فصل الشتاء أي في الشهر الثاني عشر من السنة، حيث تفننت نساء الريف بطريقة صناعته، على الرغم من أن رحلة التسليق للحصول عليه من الطبيعة ليست بالسهلة.
إنه نبات "البلغصون" الذي يعتبر من الوجبات المعروفة والغنية بالعديد من المكونات المفيدة، حيث يتم تحميصه مع زيت الزيتون أو مع البيض البلدي ليصبح وجبة تراثية مميزة.
يمكن طهو نبات "البلغصون" وفق الطريقة العامة له، إلا انه يمكن في نهاية المرحلة الأخرى إضافة بيضتين بلديتين لتتغير نكهة الوجبة بالكامل وتصبح ألذ عند بعض محبي هذه الوجبة الطبيعية التراثية
مدونة وطن eSyria بتاريخ 14/12/2012، التقت السيد "محمد علي" من أهالي قرية "بعمرائيل" التابعة لمدينة "بانياس" الذي تحدث بالقول: «مع بدء هطول أمطار الشتاء تبدأ بعض الأعشاب الشتوية بالنمو والظهور في الطبيعة الساحلية، وهذا ما يدفعنا كأبناء ريف للقيام بجولات تسليق في أحضان الطبيعة البرية التي نحبها وننتمي إليها، فهي المتنفس بالنسبة لنا ومصدر العديد من النباتات البرية المفيدة والمغذية التي لا يمكن الحصول عليها بغير مواسمها، ومن هذه النباتات التي أقوم بتسليقها نبات "البلغصون" الذي اعتبره من الوجبات الرائعة بطعمه وشكله بعد عملية التحضير والطهو، ومع كل رحلة تسليق لنبات "البلغصون" يجب أن ترافقني سكيني الحادة لزوم اجتثاث النبات من التربة مع جذره، والكيس القماشي لزوم وضع النباتات فيه».
يتابع: «ينتشر نبات "البلغصون" في الحقول غير المستثمرة أي الحقول المزروعة بالأشجار فقط وخاصة منها كروم الزيتون واللوزيات، وهذا خلافاً لبقية نباتات التسليق التي تنتشر على حواف السواقي وجوانب الطرق.
ويجب التعامل مع نبات "البلغصون" خلال عملية التسليق بحذر لأنه من النباتات التي تملك أوباراً شائكة على مجموعها الخضري وأزهارها، وهنا يجب بعد عملية تسليقه تحريك السكين الحادة على هذا المجموع الخضري للتخلص من أكبر قدر من الأوبار، حيث يتم التخلص مما يتبقى منها بعملية السلق».
ولعملية طهو "البلغصون" طريقة خاصة تبدأ بحسب رأي السيدة "ليلى عبد الله" بعملية التقطيع: «لقد تعلمت طريقة طهو نبات "البلغصون" كإحدى الوجبات التراثية التي اعتدنا على صناعتها من والدتي، فبعد جمعها من الطبيعة أقوم بتقطيعها إلى قطع صغيرة نسبياً فهي خلال عملية الطهو تخسر شيئاً من حجمها، وبعد سلقها أتركها بعض الوقت لتبرد قليلاً وأقوم بعصرها بكلتا اليدين للتخلص من بقية أوبارها الشوكية التي تلين نتيجة عملية السلق فيسهل التخلص منها، ومن ثم أقوم بوضعها في وعاء على نار هادئة للتخلص من بقية ماء عملية السلق وهذا ما يسمى عملية الحمس، وبعدها أضيف زيت الزيتون البلدي وأتركهما على النار لحوالي ربع ساعة ليتجانسا تماماً وخلال هذه الأثناء أضيف بعض حبات الثوم إليها، لتصبح جاهزة لتناولها».
أضف إلى هذه الطريقة يوجد طريقة أخرى لطهو نبات "البلغصون" وهي بحسب رأي الجدة "عليا شداد" من أبناء قرية "العصيبة": «يمكن طهو نبات "البلغصون" وفق الطريقة العامة له، إلا انه يمكن في نهاية المرحلة الأخرى إضافة بيضتين بلديتين لتتغير نكهة الوجبة بالكامل وتصبح ألذ عند بعض محبي هذه الوجبة الطبيعية التراثية».
وفي حديث سابق للباحث التراثي "حسن عباس" أكد «أن هذه الوجبة التراثية تحتوي على الكثير من البروتينات والألياف المغذية والمعادن، لأن مصدرها الطبيعة البكر، وتأتي في بداية موسم الخير. ولها أيضاً العديد من الفوائد الطبية منها ما يخص الدم وتقويته، وهذا ما أدركه أجدادنا القدامى حيث لم يتركوا أي نوع من الحشائش البرية ومنها نبات "البلغصون" ولم يجربوه ويتذوقوا طعمه اللذيذ، ومن هنا جاء اعتمادهم على الطبيعة والتعايش معها لتأمين حاجياتهم وما ينقصهم لزوم وجبات الطعام التراثية».
من الجدير بالذكر أن وجبة "البلغصون" من الوجبات التراثية التي لم يتم صناعة الفطائر منها.