يزخر "نهر الفرات" بأنواع عديدة من الأسماك الشهية واللذيذة، ولكل نوع من هذه الأنواع صفاته الخاصة وطعمه الخاص، إلا أنها في النهاية تشترك جميعها بأنها ذات مذاق رائع، فهناك الأسماك ذات الأحجام الكبيرة كسمك "الكرسين"، وسمك "الكارب"، و"الجري"، وغيرها الكثير من أنواع الأسماك التي يمكن تناولها إما مشوية على الفحم أو بالفرن أو مقلية بالزيت.

وهناك أنواع أخرى تتميز بحجمها الصغير، وهذه لا يناسبها إلا طريقة واحدة في الطهو وهي القلي بالزيت، ويأتي في مقدمة هذه الأنواع سمك "البوري"، الذي يتميز بحجم صغير وطعم رائع، ويكاد لا يخلو مطعم من مطاعم "الرقة" التي تقدِّم وجبات السمك من هذا النوع.

يعيش سمك "البوري" في "نهر الفرات" في المقام الأول، حيث إن مجرى النهر هو الموطن المثالي له، ثم يأتي ثانياً مجرى "نهر البليخ"، وللعلم هو لا يعيش في كل المسطحات المائية وعلى سبيل المثال فلا وجود للبوري في "بحيرة الأسد" على الرغم من أن المياه الموجودة في البحيرة مصدرها نهر الفرات، وحقيقة إنني لا أعرف السبب الحقيقي لهذه الظاهرة، وكما أسلفت سابقاً فإن "البوري" الذي يعيش في نهر "البليخ" يتميز بحجمه الكبير نسبياً قياساً بغيره، ومن الأماكن التي يمكن العثور فيها على تواجد جيد لسمك "البوري" المسطحات المائية التي تتفرع عن نهر الفرات، وهي كثيرة، ومن أشهرها "صراة الدلحة"، وفيما يخصُّ الموسم الذي يبدأ فيه سمك "البوري" في التزاوج ووضع البيوض، فهو تقريباً يتزامن مع موسم تكاثر باقي أنواع الأسماك الأخرى، وهذا الموسم يمتد من تاريخ /15/ آذار وحتى /1/ حزيران، ويطلق الصيادون على هذه الفترة اسم "موسم المنع"، حيث يمنع صيد السمك في هذه الفترة من قبل مديرية الزراعة

مدونة وطن eSyria وبتاريخ 15/11/2008 توجهت إلى سوق الأسماك في مدينة "الرقة"، والواقع في شارع "الكورنيش"، والتقت بالصياد "ياسين الحمود"، وهو صاحب مسمكة، ولدى سؤاله عن أنواع سمك "البوري"، وعن مواصفاته التي تميزه من باقي الأسماك، أجاب قائلاً: «سمك "البوري" من أسماك الفرات الأصيلة، والتي لم يتم استزراعها أو جلبها من مناطق ثانية، أما فيما يتعلق بأنواعه فأعتقد أن "البوري"، وحسب معلوماتي ليس له سوى نوع واحد، لكن له لونان، الأبيض والأسود، ويعود سبب الاختلاف في اللون، إلى طبيعة المناطق التي يعيش فيها، ومن خبرتنا بصيد الأسماك لاحظنا أن "البوري" الذي يعيش في نهر "البليخ"، يكون لونه مائلاً للبياض، أما الذي يعيش في مجرى نهر الفرات، فيميل لونه في الغالب للسواد، و"البوري" من أنواع السمك الصغيرة، حيث لا يتجاوز وزنه الـ100غرام، وأنا شخصياً لم أرَ خلال فترة عملي بالصيد، أو من خلال تجارتي بالأسماك، سمكة "بوري" تجاوزت هذا الوزن، وإذا حدث أن رأى أحد الصيادين أو التجار، سمكة تزن أكثر من هذا الوزن فإنه يدعو زملاءه لمشاهدتها وذلك لندرة وجودها، ويلعب المكان الذي تعيش فيه أسماك "البوري" دوراً هاماً في تحديد وزنه، ففي المياه المالحة نسبياً يكون حجم سمك "البوري" أكبر من حجم الأسماك من نفس النوع التي تعيش في المياه العذبة، حيث إن الأخيرة لا يتجاوز وزنها في أحسن الأحوال الـ/50/ أو /60/ غراماً».

الصياد "ياسين الحمود"

ويضيف: «يعيش سمك "البوري" في "نهر الفرات" في المقام الأول، حيث إن مجرى النهر هو الموطن المثالي له، ثم يأتي ثانياً مجرى "نهر البليخ"، وللعلم هو لا يعيش في كل المسطحات المائية وعلى سبيل المثال فلا وجود للبوري في "بحيرة الأسد" على الرغم من أن المياه الموجودة في البحيرة مصدرها نهر الفرات، وحقيقة إنني لا أعرف السبب الحقيقي لهذه الظاهرة، وكما أسلفت سابقاً فإن "البوري" الذي يعيش في نهر "البليخ" يتميز بحجمه الكبير نسبياً قياساً بغيره، ومن الأماكن التي يمكن العثور فيها على تواجد جيد لسمك "البوري" المسطحات المائية التي تتفرع عن نهر الفرات، وهي كثيرة، ومن أشهرها "صراة الدلحة"، وفيما يخصُّ الموسم الذي يبدأ فيه سمك "البوري" في التزاوج ووضع البيوض، فهو تقريباً يتزامن مع موسم تكاثر باقي أنواع الأسماك الأخرى، وهذا الموسم يمتد من تاريخ /15/ آذار وحتى /1/ حزيران، ويطلق الصيادون على هذه الفترة اسم "موسم المنع"، حيث يمنع صيد السمك في هذه الفترة من قبل مديرية الزراعة».

الصياد "حسان مصطفى"، تحدث عن مشكلة حقيقية تواجه معظم الصيادين والتجار على حدٍّ سواء، حيث قال: «هناك مشكلة قديمة مازلنا نواجهها مع مديرية الزراعة والثروة السمكية، حيث إن هناك معادلة يصعب علينا إدراكها، وهي أن دوريات الزراعة تعمل على مصادرة شباك الصيادين المخصصة لصيد سمك "البوري"، بحجة أن قياس هذه الشباك غير نظامي، ومخالف للمواصفات التي تتطلبها عملية حماية الثروة السمكية، فالشباك التي يستخدمها الصيادون في صيد سمك "البوري" هي من قياس /24/ ملم، وهي بالكاد تفي بالغرض، أما القياس المسموح به من قبل مديرية الزراعة فهو /30/ ملم، وهذا القياس لا يمكن من خلاله صيد سمك "البوري"، والذين جربوا هذا القياس يعرفون ذلك تماماً، وباختصار فإن المديرية تهدف من وراء هذه الإجراءات، هو أن يكبر سمك "البوري" حتى يصبح بقياس /30/ ملم، وهذا ما نعتقد نحن الصيادين، أنه ضرب من المستحيل، فسمك "البوري" من الأسماك الصغيرة التي لها حجم معين تتوقف عنده عن النمو، فكما نعلم، ومن خلال ممارستنا لمهنة الصيد لعشرات السنين، أن القياس المثالي للشبك الذي يتم به صيد "البوري"، هو /24/ ملم، وأكبر سمكة "بوري" شاهدتها في حياتي لا يتجاوز وزنها الـ/100/ غرام في أحسن الأحوال، لذلك فإننا نرجو إعادة النظر بهذا الموضوع، من قبل مديرية الزراعة والثروة السمكية، وإجراء تجارب علمية ميدانية، للوقوف على حقيقة الأمر».

الصياد "حسان مصطفى"

وعن التسمية الحقيقة لسمك "البوري"، يتحدث الدكتور "أحمد دهام العلي"، والذي يحوي في مكتبته، موسوعة علمية، تتحدث عن الحيوانات المائية، حيث يقول: «أعتقد أن تسمية "البوري" التي يتداولها الناس في محافظة "الرقة"، وفي المنطقة الشرقية عموماً ليست دقيقة، فهذه التسمية وغيرها من التسميات الأخرى التي تطلق على أنواع عديدة من الأسماك، ما هي إلا تسميات أطلقها الصيادون منذ عشرات السنين على الأسماك التي يصطادونها، وهي في الغالب تسميات شعبية ومحلية وغير علمية، وكل ما أعرفه عن سمك "البوري" هو ما قرأته في "الموسوعة العربية العالمية"، حيث تذكر حرفياً: "البوري" اسم يطلق على نوعين مختلفين من الأسماك هما"البوري الرمادي" اللون، و"البوري الأحمر" الشهير "بأبي ذقن"، والنوع الأول، سمك لونه أزرق فضي، يتراوح طوله بين /30/ و /60/ سم، وله رأس غير حاد وفم صغير، وأسنانه إذا وجدت، تكون ضعيفة جداً، ويعيش بأعداد كبيرة بالقرب من الشواطئ في جميع المناطق المعتدلة والاستوائية تقريباً، أما النوع الثاني فهو سمك "البوري" الشائع أو المخطَّط، وهو الأكبر والأفضل، ويزن ما بين /4,5/ و/5/ كجم، أما "أبو ذقن" أو "البوري الأحمر" فهو سمك صغير الحجم، ذو ألوان زاهية ويعيش عادة في البحار الدافئة، وله فم صغير وأسنان ضعيفة، وله مجَسّان يُطلق عليهما "البربل" يتدليان من ذقْنه كخيطين».

* تم تحرير المادة في 2008

أثناء تنظيف السمك