للبيض حضور في المعتقدات الشعبية للناس في مختلف المناطق السورية وفي منطقة "عفرين" يتمتع البيض بخصائص طبية واجتماعية ودينية متعددة.

للحديث حول حضور البيض في المعتقدات الشعبية بمنطقة "عفرين" تحدثت لمدونة وطن eSyria السيدة "زينب مصطفى" من قرية "جوم" ناحية "جنديرس" قائلة: «البيض من أكثر المواد الحاضرة في التراث الشعبي والديني في منطقة "عفرين" وله استعمالات متعددة في الحياة اليومية للناس، هذه الاستعمالات وصلت إلينا عبر الزمن من أجدادنا وآبائنا جيلاً بعد جيل.

هناك أقوال طريفة متعلقة بالبيض في التراث الشعبي العفريني من قبيل أن مجرد لمس بيوض العصافير يفسدها ويقال ذلك للأطفال وذلك لمنعهم من تخريب أعشاش الطيور في الحقول والتي تحتوي على البيوض وكذلك أنه إذا باض الديك فإن القيامة قريبة

البيض أولاً رمز التكاثر لذا تجمعه السيدات خلال فصل الشتاء لتضعه مع بداية الربيع تحت الدجاج وبعد 21 يوماً تفقس البيوض وتخرج منها الصيصان فيمتلئ فناء البيت حيوية وفرحاً، وعندما تبيض الدجاجة جرت العادة بأن تقوم السيدة بوضع البيضة الأولى في المكان الذي ترغب بأن تبيض فيه الدجاجة وتسمى تلك البيضة "موتك" محلياً وعندما تأتي السيدة لأخذ البيوض عليها دائماً أن تبقي "الموتك" في المكان وإلا ستهرب الدجاجة لتبيض في خم الجيران.

قياس ملوحة ماء التخليل باستخدام البيض

للبيض استعمالات أخرى كثيرة فالسيدات يقمن باستخدامه في عملية تعيير وقياس مستوى ملوحة الماء قبل استعماله في عمليات التخليل المنزلية المتنوعة، والمبدأ هو أن تقوم السيدة بوضع كمية معينة من الماء في إناء مع وضع كمية مناسبة من الملح فيه ولمعرفة مدى ملوحة الماء تقوم السيدة بوضع بيضة في الماء المالح فإن طفت البيضة على سطح الماء فإن الماء صالح للاستعمال في عمليات التخليل وإن غاصت فيه فإنه يحتاج للمزيد من الملح».

وأضافت السيدة "زينب": «بحسب المعتقدات الشعبية في منطقة "عفرين" أيضاً فإنّ للبيض مجموعة من الاستخدامات الطبية والعلاجية التي عرفها الناس وما زال الكثير منهم وخاصة المعمرين وكبار السن يستعملون البيض في معالجة بعض الأمراض بل كشفها أيضاً.

تلوين البيوض بألوان الطبيعة بمناسبة الأربعاء الأحمر

ففي حال وجود التهاب داخل الجسم أو وجود كسر عميق يلجأ الناس إلى كسر بيضة وإخراج صفارها ووضعه على جسم المريض وتحريكه من موضع لآخر وحينما يصل هذا الصفار إلى موضع الالتهاب أو الكسر فإنه يتبعثر من تلقاء نفسه عندها يتم تحريك الصفار في الموضع جيداً مع تغطيته بقطعة قماشية وذلك كفيل بحسب المعتقدات الشعبية في زوال الألم وجبر الكسر.

وبالنسبة للأطفال الذين يتبلون في الفراش ليلاً فالعلاج والتخلص من هذه المشكلة يتم باستخدام قشر البيض وذلك بوضعه في طنجرة وتحميصه على نار هادئة وبعد الانتهاء من عملية التحميص يُطحن القشر المحمّص ويُعطى للطفل.

توزيع البيوض بمناسبة الأربعاء الأحمر لدى الإيزيديين

أما بالنسبة للمرأة العاقر التي لا تنجب فإن تناولها لبيوض السلحفاة بعد قليها كفيل بجعلها تنجب ويزهر بدنها من جديد بحسب المعتقدات الشعبية».

وتابعت حديثها: «هناك أقوال طريفة متعلقة بالبيض في التراث الشعبي العفريني من قبيل أن مجرد لمس بيوض العصافير يفسدها ويقال ذلك للأطفال وذلك لمنعهم من تخريب أعشاش الطيور في الحقول والتي تحتوي على البيوض وكذلك أنه إذا باض الديك فإن القيامة قريبة».

وتقول السيدة "مولودة خالد" حول حضور البيض في الاحتفالات الدينية في المنطقة: «يستعد الإيزيديون للاحتفال بعيد رأس السنة لديهم واسمه "الأربعاء الأحمر" وذلك بوضع زهرة شقائق النعمان مع قشور البيض ولصقها في مكان بارز في بيوتهم كمدخل البيت وذلك كإشارة قرب للمناسبة، وفي يوم الاحتفال يقومون بغلي البيض وتلوينه بألوان الطبيعة ومن ثم توزيعه على المحتفلين وتقام بهذه المناسبة لعبة قديمة تسمى "لعبة تكسير البيض" ويلعب بها شخصان والشخص الذي تتكسر بيضته أثناء اللعبة يخسرها للآخر».

ويقول الدكتور "محمد عبدو علي" الباحث في تاريخ منطقة "عفرين" حول استخدام البيض الطقوسي في المنطقة: «يصادف أول أربعاء من شهر نيسان الميلادي الشرقي الذي يتأخر 13 يوما عن شهر نيسان الميلادي الغربي عيد رأس السنة الإيزيدية والذي يسمى الأربعاء الأحمر.

وحول هذه المناسبة تقول الرواية الدينية الإيزيدية بأنها يوم ولادة "شيث بن آدم" جد الإيزيديين وميلاد جميع الخلائق وفي هذا الشهر تتجدد الطبيعة وتفقس البيوض ولذلك تعتبر البيضة رمزاً هاماً لهذا العيد حيث يقوم الإخوة الإيزيديون بتلوين البيض بهذه المناسبة بألوان الأخضر والأصفر والأحمر إضافة إلى اللون الأبيض».