في ذاكرة الإنسان الحوراني مجموعة من الخرافات التي كانت قيمتها الأدبية ضئيلة مقارنة بالقيمة التراثية التي أمدتنا بها فجعلتها إرثاً تاريخياً تناقلته الأجيال.

فالخرافة نصوص تاريخية غير مكتوبة لها موضوعاتها واسعة الانتشار التي تفسر بسطحية ولا منطق ظاهرة مستمرة يتكرر حدوثها في حياة الناس.

يشترط في "الخرافة" البعد عن الموضوعية والمنطق والسعي لتحقيق أهداف الفرد بأساليب بعيدة عن العلم والعقل، وكذلك احتماؤها وراء بعض المفاهيم الدينية والعقائدية وتسترها خلفها، عدا صفة الاستمرار التي جعلت من "الخرافة" مادة تراثية تناقلتها الأجيال

السيد "جهاد الزعبي" عضو لجنة جمع وتوثيق التراث تحدث في لقائه مع موقع eDaraa بتاريخ 27/12/2011 عن تعريف "الخرافة" بالقول: «هي معتقدات خيالية توارثتها الأجيال منذ الأزل على الرغم من كونها مجرد فكرة أو أفكار غرست في ذهن الفرد دون أن تقدم الأدلة والبراهين، لتكون أفكاراً غير منطقية تفتقر إلى الدليل الموضوعي والتجريبي بل تتعارض مع الموضوعية، لكنها تشكل فلكلوراً شعبياً مقبول اجتماعياً لكونه يعبر عن مجموعة من الأفكار والممارسات والعادات الاجتماعية التي تزود من يؤمن بها بوسيلة لمواجهة مشكلة ما تعتبر من المشاكل الأصعب على الإطلاق».

السيد جهاد الزعبي

وتابع "الزعبي" في ذكر بعض الأمثلة عن "الخرافات" الأكثر شيوعاً في المجتمع الحوراني فقال: «كان الإنسان قديماً يعتقد بأن رؤية الخنفساء شتاءً تعني البركة والرزق ووضع الحذاء عند الرأس في النوم يسبب الأحلام المزعجة وانسكاب الماء شر وانسكاب القهوة خير، وإذا رفت العين اليمنى فهذا يعني حصول نكد وغم وبكاء أما رفة العين اليسرى فتعني السرور، وإذا سمع الإنسان في أذنه طنيناً فهذا يعني أن أحدهم يذكره.

كذلك ما إن يقرأ أحدهم برجه في إحدى الصحف أو المجلات ويخبره عن مفاجأة سارة في الأيام القادمة حتى يمتلئ بهجةً وسروراً، إضافة إلى الاعتقاد بوجود الأرواح الشريرة والأشباح والغول، وتعتبر قراءة الطالع وقراءة الفنجان والكف والتشاؤم من البوم والقط الأسود والاعتقاد بأن الحسد يسبب المرض للإنسان من الخرافات أيضاً».

السيد ابراهيم الشعابين

السيد "ابراهيم الشعابين" مدير ثقافة درعا سابقاً ومهتم بالتراث أشار إلى بعض الصفات التي تميز "الخرافة" عن مفاهيم ومصطلحات أخرى بقوله: «يشترط في "الخرافة" البعد عن الموضوعية والمنطق والسعي لتحقيق أهداف الفرد بأساليب بعيدة عن العلم والعقل، وكذلك احتماؤها وراء بعض المفاهيم الدينية والعقائدية وتسترها خلفها، عدا صفة الاستمرار التي جعلت من "الخرافة" مادة تراثية تناقلتها الأجيال».

وذكر "الشعابين" أنواع "الخرافات" بقوله: «على الرغم من كون "الخرافات" مجرد تخيلات ليس لها وجود عقلي أو منطقي مبني على العلم والمعرفة إلا أن لها أنواعاً عدة قد تكون دينية أو ثقافية أو اجتماعية أو شخصية، فمن الخرافات الدينية إيمان بعض المشلولين أو المقعدين بقدرة قديس بعينه على شفائهم، ومن الخرافات الثقافية أو الاجتماعية الاعتقاد السائد بأن الخرزة الزرقاء تدفع الشر والسلاحف تجلب الحظ والتطير بالغراب والتشاؤم من يوم أو رقم معين».

السيد محمد فتحي المقداد

وعن أصل "الخرافة" قال "الشعابين": «تعود بداية "الخرافة" إلى وجود الإنسان على هذه الأرض ومحاولته تفسير بعض الظواهر كوجود العالم والانفعالات النفسية والأحاسيس المتقلبة التي كانت تدفعه للقيام بسلوكيات مختلفة منها ما هو إيجابي وآخر سلبي، فأوجد تفسيرات سطحية وغير منطقية لكنها تبدو إبداعية».

أما السيد "محمد فتحي المقداد" الباحث في التراث فقد قال في أهم العوامل التي تؤدي إلى انتشار "الخرافة": «تكثر "الخرافات" عند أفراد المجتمع الذي يسوده الجهل والأمية والتي قد لا تزول بزوال هذا الجهل لأن لها جذوراً تاريخية عميقة، كما أن الشعور بالخوف والتوتر الانفعالي وعدم الاستقرار النفسي وتبرير السلوك والدفاع عن النفس كلها عوامل قد تخلق مجالاً واسعاً للتأويلات والتفسيرات الخرافية، فضلاً عن الدور السلبي لوسائل الإعلام بكافة أنواعها التي تتعرض للفكر الخرافي في الكثير من برامجها ولا تحاول تصحيحه أو إحلال الفكر العلمي محله».