لاتزال قرية "عرقوب سلمون" تعيش حياة بسيطة بمختلف مكوناتها، أساسها أرض خضراء قاسية وعلاقات اجتماعية طيبة تعمر قلوب سكانها.

فبيوت هذه القرية التي تعرف بين قرى منطقة "الشيخ بدر" بقرية "العرقوب"؛ تتوزع على تلة جبلية مرتفعة تحيط بها الوديان والجبال المرتفعة، يقول الأديب والكاتب الصحفي "حاتم سلمون" أحد أهالي القرية عن موقع القرية:

يعود أصل عائلة "سلمون" إلى قرية "بحنّين" القريبة من مدينة "طرطوس"، حيث جاء جدنا الأول "سلمان" إلى هذه المنطقة وكان له ولدان أحدهما كوّن قرية "عرقوب سلمون" والثاني كون عائلة "بيت محرز" في قرية "النمرية" الملاصقة لنا، رغم عدم التأكد من خلو المنطقة أصلا من بعض السكان

«تبعد قرية "العرقوب" /35/ كم عن مدينة "طرطوس" وذلك عبر طريق "طرطوس – الشيخ بدر" ثم طريق فرعي باتجاه قرية "الوردية"، أما عن "الشيخ بدر" فتبعد /4/ كم، في حين تبعد عن البحر كخط نظر /17/ كم، وترتفع عن سطح البحر /450/ متراً، في حين يصل عدد سكانها إلى "1000" نسمة.

الأستاذ حاتم سلمون

و"العرقوب" جزء من تجمع لعدة قرى متجاورة تحيط بها وهي قرى "العسلية وبعزرائيل" شمالا، ومن الشرق "الوردية، النمرية وبلحين"، في حين تحدها "برمانة رعد" من الجنوب، أما الجهة الغربية فهي عبارة عن أودية عميقة ومتتالية مع مجموعة تلال جبلية باتجاه البحر، ورغم بعد القرية الكبير عن مدينة "طرطوس" فإنه يمكن مشاهدة أضواء المدينة من جهة الشمال».

وعن معنى اسم القرية يقول الأستاذ "حاتم": «تدل كلمة "العرقوب" في اللغة الفصحى والمحكية على الأرض الصعبة والقاسية، ونلاحظ تكرار اسم القرية كثيرا بين قرى الساحل السوري وحتى بعض قرى "لبنان"، فهناك قرى "عرقوب قمصو، وعرقوب بيت السخي.."، ما يشكل عنصر قوة لفرضية اسم العرقوب ومعناه، وللمفارقة فإن هذه القرى تحمل كثيراً من الصفات المتشابهة».

الواجهة الغربية للقرية

كما أن قرية العرقوب بحد ذاتها ليست قديمة في وجودها من حيث لقب العائلة "سلمون" الذي يشمل قسماً كبيراً من أهل القرية، وعن هذه الفكرة يحدثنا أقدم معمر في القرية الشيخ "يوسف سلمون" فيقول: «يعود أصل عائلة "سلمون" إلى قرية "بحنّين" القريبة من مدينة "طرطوس"، حيث جاء جدنا الأول "سلمان" إلى هذه المنطقة وكان له ولدان أحدهما كوّن قرية "عرقوب سلمون" والثاني كون عائلة "بيت محرز" في قرية "النمرية" الملاصقة لنا، رغم عدم التأكد من خلو المنطقة أصلا من بعض السكان».

مختار قرية "عرقوب سلمون" السابق السيد "محمد سلمون" تحدث عن القرية خلال لقائنا معه بتاريخ "20/8/2011" حيث قال: «تقع قرية "العرقوب" أو "عرقوب سلمون" بين مجموعة من التلال والأودية الخضراء التي تغطيها غابات السنديان والأحراش، كذلك فإن بيوت القرية تتوزع أيضا ضمن بيئة طبيعية متنوعة تضم مختلف أنواع الفواكه والأشجار، كما أنك تجد أشجار "التين والعنب" في كل ناحية يقع عليها نظرك، علما أن القرية كانت أحد مواطن التفاح الذي بقيت منه بعض الشجيرات هنا وهناك.

وأهل القرية بطبيعتهم يحبون هذا الحزام الأخضر الذي يلف كل بيت، لأن هذه الحالة تشيع في النفس الإحساس بالهدوء، هذا عدا الخير والبركة في الشجرة وما تعطيه من ثمار، وضمن هذا التنوع الكبير في الغطاء النباتي تجد الحجر الأبيض الذي بنيت منه البيوت القديمة والأسوار الصغيرة حولها كذلك جوانب الطرقات إلى بعض جدران المنازل بحد ذاتها، ضمن حالة من التناسق غير المخطط له سابقا، والذي يعكس عناصر جمالية عديدة».

المختار "محمد" تحدث عن وضع قريته في زمانه فقال: «عاشت المنطقة عموما حياة بعيدة عن الحضارة فلا وسائل نقل وأي شكل من أشكال التطور الحضاري الموجود حاليا، ما جعل الحياة صعبة إلى حد كبير، وكانت أعمالنا يومها مقتصرة على الزراعة وتربية المواشي، فكنا نزرع القمح والشعير وبعض أنواع الحبوب، ولم نكن نهتم بزراعة الأشجار ولا نعرف عن كثير منها، في حين كان الشباب العاملون في "لبنان" يجلبون معهم "التفاح والبرتقال..".

واستمر هذا الوضع إلى أن بدأنا قبل عشرات السنين بزراعة الأشجار من مختلف الأنواع وأكثرها "التفاح" الذي بلغ إنتاجي منه 400 عبوة خلال الموسم، مع العلم أن زراعة الأشجار تراجعت حاليا ولم يبق شيء من أشجار التفاح نتيجة توجه الشباب إلى مهن أخرى».

ومع تقدم الزمن تحسن وضع القرى بالأخص من ناحية الخدمات وأسلوب المعيشة وغيرها من الجوانب الحضارية التي تحدث عنها الأستاذ "حاتم سلمون" بالقول: «دخلت الحضارة إلى قريتنا كغيرها من المناطق، حيث لدينا نسب عالية من التعليم والتعليم الجامعي، كما أصبح عدد كبير من أبناء القرية يعملون في الوظائف الرسمية، وهناك اتجاه جديد اليوم لدى شباب القرية يتمثل بالتنمية الريفية والعمل على مشاريعها التي تعتبر مشاريع صغيرة مثل تربية الدواجن».