في عام 1977 اكتشف في موقع "معراتا" الواقع إلى الشمال من بلدة "دركوش" في منطقة "جسر الشغور" بحوالي 5 كم، لوحة فسيفسائية كانت ترصف أرضية كنيسة، وتعتبر هذه اللوحة من أكبر اللوحات الفسيفسائية المعروضة في متحف "معرة النعمان"، حيث تتميز بتعدد مشاهدها وتنوعها.

الباحث "أحمد غريب" قدم لموقع eIdleb شرحاً عن هذه اللوحة بالقول: «كانت هذه اللوحة ترصف بالأصل أرضية كنيسة كبرى يعود تاريخها إلى أوائل القرن السادس الميلادي، تتألف من صحن مركزي ينتهي من الشرق بحنية نصف دائرية ورواقين يميني ويساري ولوحات كانت بين قواعد الأعمدة التي تحمل سقف الكنيسة، وتبلغ المساحة المنقولة من هذه اللوحة إلى المتحف 103 أمتار مربعة، ولهذه الأرضية خصوصية من حيث تنوع مشاهدها، ففي صحن الكنيسة عمد الفنان الفسيفسائي إلى نسج زخرفة هندسية قوامها عنصر "المفروكة" (الصليب المعقوف باتجاه عقارب الساعة) بتوزيع متناغم ورائع ومثير للدهشة، ويؤطر صحن الكنيسة عدة مشاهد لأشخاص نصفية لها دلالات رمزية، وقد حوى منتصف الصحن عدة كلمات باللغة اليونانية القديمة ترجمتها: "زاخا، فلافيا، نوفسيميوس، ... لهم مكان هنا، غرفة طعام لسانتيكوس" وهذه الأسماء هي لمن قام برصف أرضية هذه الكنيسة، أما حنية الكنيسة فقد أطّرها الفنان بزهرة "اللوتس" على شكل زنبقة متناوبة وعدة مشاهد لطيور وحيوانات ذات دلالات طقسية ودينية، كالطاووس الذي يرمز للخلود والحمل الذي يرمز للأضحية، وفوق رأس الحمل إشارة الصليب دلالة على الرمزية القدسية لهذا الحيوان الذي يذكر بذبيحة "إسماعيل"».

في هذا الموقع بعض الآثار المنتشرة على مساحة 100×150 مترا عبارة عن مبان وكنيسة وصهاريج وأبواب مغمورة في التراب، وهي بقايا أثرية غير مدروسة بشكل جيد تعود إلى القرنين الخامس والسادس الميلاديين، ولعل فسيفساء كنيسة "معراتا" تعتبر من أهم آثارها المكتشفة، وتعتبر الكنيسة إحدى الكنائس السورية المبنية في القرن السادس الميلادي وهي من النموذج البازليكي مؤلفة من رواق مركزي باتجاه الشرق في نهايته منبر مرتفع قليلاً ومن رواقين جانبيين ينتهي كل منهما بقاعة مستطيلة الشكل، تبلغ مساحة الكنيسة 17×12 مترا، كتابة الكنيسة مشوهة ولا تظهر تاريخها ولكن نموذجها وصور الصليب فيها تشير إلى أنها من القرن السادس الميلادي، وما يثير الانتباه في هذه اللوحة وجود شجرة النخيل في أحد مشاهدها، فربما أن هذه الشجرة كانت موجودة في المنطقة في القرن السادس أو أنها تمثل العلاقات التجارية مع أبناء الجزيرة العربية طالما يوجد بجانبها رسم لحصان مسروج والذي يرمز للتجارة، كما أن مشهدا للسمكة في أحد أقسام اللوحة يشير إلى الثروة السمكية في نهر "العاصي" لكون الموقع قريب من النهر

ويتابع الأستاذ "أحمد غريب" شرحه لمشاهد لوحة فسيفساء "معراتا": «وهناك اللوحات الجانبية (اللوحات المعلقة على الجدران) التي كانت تغطي الفراغات بين قواعد الأعمدة الحاملة لسقف الكنيسة، ومن أبرز تلك اللوحات مشهد آلهة الأرض "اكسانتيكوس" وقد وثق اسمها باللغة اليونانية، حيث نشاهد نصف امرأة في الوسط وعلى يمينها ويسارها رجلان من المدينة يتقدمان إليها بأنواع الفاكهة، لوحة أخرى تتضمن مشهدا جانبيا لأسد يلتف ذيله على رجله اليمنى، ولوحة ثالثة لشخص يقف ويحمل بين يديه حملاً وهي إشارة إلى الراعي الصالح (السيد المسيح)، أما الرواقان الجانبيان فقد تم شغل مساحتهما بمشاهد حياة الرعي اليومية وهي من المشاهد المحببة لدى الفنان في العهد المسيحي، ومشاهد الجنة التي تمثلت بأنواع من أشجار الفاكهة، كشجرة النخيل التي ترمز للعدالة وشجرة الرمان (ثمرة الرمان ترمز للذرية الصالحة)، وقد وزع الفنان أشجار الفاكهة بين الحيوانات بدقة وتوازن لكي ينقل للمشاهد جمال الطبيعة وسحرها، وهناك مشاهد أخرى لحيوانات بوضعيات مختلفة، ولا يخفى ما لهذه الأرضية من غنى زخرفي رمزي طقسي حاول الفنان الفسيفسائي المسيحي وضع المؤمن عند دخول الكنيسة بحالة من التعايش مع بيئته التي تحيط به».

مشهد آلهة الأرض اكسانتيكوس

وحول تاريخ موقع "معراتا" يوضح المؤرخ "فايز قوصرة": «في هذا الموقع بعض الآثار المنتشرة على مساحة 100×150 مترا عبارة عن مبان وكنيسة وصهاريج وأبواب مغمورة في التراب، وهي بقايا أثرية غير مدروسة بشكل جيد تعود إلى القرنين الخامس والسادس الميلاديين، ولعل فسيفساء كنيسة "معراتا" تعتبر من أهم آثارها المكتشفة، وتعتبر الكنيسة إحدى الكنائس السورية المبنية في القرن السادس الميلادي وهي من النموذج البازليكي مؤلفة من رواق مركزي باتجاه الشرق في نهايته منبر مرتفع قليلاً ومن رواقين جانبيين ينتهي كل منهما بقاعة مستطيلة الشكل، تبلغ مساحة الكنيسة 17×12 مترا، كتابة الكنيسة مشوهة ولا تظهر تاريخها ولكن نموذجها وصور الصليب فيها تشير إلى أنها من القرن السادس الميلادي، وما يثير الانتباه في هذه اللوحة وجود شجرة النخيل في أحد مشاهدها، فربما أن هذه الشجرة كانت موجودة في المنطقة في القرن السادس أو أنها تمثل العلاقات التجارية مع أبناء الجزيرة العربية طالما يوجد بجانبها رسم لحصان مسروج والذي يرمز للتجارة، كما أن مشهدا للسمكة في أحد أقسام اللوحة يشير إلى الثروة السمكية في نهر "العاصي" لكون الموقع قريب من النهر».

مشهد الراعي الصالح
مشهد الأسد