علم من أعلام الفكر والأدب في منطقة وادي الفرات، أتقن عدة لغات غير العربية مما مكنه من الاطلاع على معارف الأقوام الأخرى بلغاتهم، والنهل منها بما يطور فكره ومعارفه، عمل في مجال الصحافة في "دير الزور" فكان له قصب السبق في هذا الميدان، ترك مجموعة كبيرة من المؤلفات، إنه الأديب والغوي "علي صائب".

للتعريف أكثر بهذا الأديب اللغوي الذي تدين له "دير الزور" بالكثير التقى eSyria أولاً بالباحث الأستاذ "غسان رمضان" الذي أفادنا بالقول: «ولد الأديب والعالم اللغوي والصحفي "علي صائب" في "دير الزور" من العام 1870 م، تلقى المبادئ الأساسية في العلوم في مدينة "القسطنطينية" ومنها حصل على إجازة في العلوم الشرعية، ثم درس علوم الشرعية الإسلامية وعلوم اللغة العربية على يد الشيخ "حسين الأزهري"، وقد عرف عنه رحمه الله أنه بالإضافة إلى نبوغه في اللغة العربية وعلومها فقد كان يتقن بشكل جيد عدة لغات منها اللغة الفارسية واللغة التركية، وقد رشح بفضل علمه الغزير لعضوية المجمع العلمي التركي».

تأتي أهمية "علي صائب" من دوره الريادي في مجال الفكر في "دير الزور" بالإضافة إلى كونه صاحب قصب السبق في مجال العمل الصحفي من خلال إصدار صحيفة "الجول" باللغتين العربية والتركية

وحول أهم المناصب التي تقلدها خلال مسيرة حياته سألنا الأستاذ "علي الجاسم" الذي أفادنا بالقول: «تسلم الأديب "علي صائب" خلال حياته المهنية العديد من الوظائف منها إدارة مكتب المتصرف التركي ثم أصبح بعد ذلك رئيساً لديوان وكتاب المحافظة، أصدر في عام 1917 م جريدة "الجول" والتي تعني الصحراء أو بمعنى أدق "البادية باللهجة المحكية الديرية" وهي مكان النزهات عند أهل المدينة في الربيع.

وكانت هذه الجريدة هي الجريدة الأولى في "دير الزور" وكانت تصدر باللغتين العربية والتركية وتولى الأديب "علي صائب" رئاسة تحريرها وكانت منبراً هاماً من منابر الثقافة والنضال في "دير الزور" في بداية القرن الماضي، ولا يزال بعض أبناء "دير الزور" يحتفظون بأعداد منها لما شكلته من قيمة أدبية وتاريخية لكونها الجريدة الأولى في مجال العمل الصحفي في المدينة».

وحول أهم الإصدارات التي أصدرها الأديب في حياته التقينا الناقد الأدبي الأستاذ "ياسر الظاهر" والذي أفادنا بالقول: «إن المصنفات التي تركها الأديب والعالم اللغوي "علي صائب" تعد من أوائل المؤلفات التي تخص أدباء ولغويين من "دير الزور" في العصر الحديث وربما يكون من أبرز تلك المؤلفات وأولها عام 1929 م المعجم العربي الذي سمي المعجم "الصائب" واتبع كل حرف من ذاك المعجم إلى دائرة معارف، وكان هذا المعجم على اثني عشر جزءاً جعله على حروف المعجم وهو موسوعة في شتى أبواب العلوم والآداب والمعارف ومودع في مكتبة الأسد في دمشق.

كما أنه كتب مخطوطاً يتناول لهجات العرب منذ أقدم العصور بعنوان "الحروف الهجائية وتطوراتها" وله مخطوط في التاريخ كما أن له مخطوط بعنوان "مقارنة بين المسيحية والإسلام" ومخطوط هام بعنوان "معجم القبائل العربية" وآخر بعنوان "الآباء والأبناء" ومخطوطان عن حياة النبي "محمد" صلى الله عليه وسلم وآخر عن السيد "المسيح".

وفيما يتعلق بمؤلفه "المعجم الصائب" أو ما عرف أيضاً بـ"المعجم العربي" وما حواه هذا المؤلف بين دفتيه فقد تحدث عنه الأستاذ الباحث "عبد الصمد حيزة" في كتابه "رواد الفكر بوادي الفرات الأوسط" قائلاً: «في المؤلف مادة لغوية غزيرة اختارها المؤلف من كتاب التراث العربي، حيث يشير إليها بأسمائها ويذكر أرقام صفحاتها وأسماء مؤلفيها في نهاية كل نص يستشهد به».

وحول مخطوطه في التاريخ أضاف الباحث "حيزة" قائلاً: «يبدأ المخطوط بتعريف التاريخ، عدد أيام السنة عند العرب، الشهور العربية في الجاهلية والإسلام، أسماء أيام الاسبوع في الجاهلية والإسلام، أسماء ساعات النهار، أسماء ساعات الليل، البروج، مواقع البروج، طبائع البروج، درجات البروج، الكواكب السيارة، أسماء الكواكب التي رآها سيدنا "يوسف" عليه السلام ، منازل القمر، فصول السنة، تقلبات الظلال».

وحول المكانة التي يتمتع بها بين أعلام المحافظة في مجال الفكر حدثنا الأستاذ "ضرار المحمد" مدير المركز الثقافي في "البصيرة" بالقول: «تأتي أهمية "علي صائب" من دوره الريادي في مجال الفكر في "دير الزور" بالإضافة إلى كونه صاحب قصب السبق في مجال العمل الصحفي من خلال إصدار صحيفة "الجول" باللغتين العربية والتركية».