في ربيع عام /1976/م، اجتمع نخبة من الشباب الموهوبين والمتحمسين للفن، ليعرضوا أعمالهم في صالة المركز الثقافي في "الرقة"، وكانت هذه الخطوة هي الأهم والأبرز في تاريخ الحركة التشكيلية الرقية، والتي أطلق عليها "تجمع فناني الرقة"، حيث قدم هذا التجمع وعلى مدى سنوات طويلة العديد من النشاطات الفنية التي أغنت المشهد التشكيلي السوري.

واليوم وفي ذات الصالة التي خصصت مؤخراً لاتحاد الفنانين التشكيليين في "الرقة"، يجتمع فنانو هذه المدينة من جديد، ليعيدوا للحياة التشكيلية بريقها، بعد سنوات عجاف كانت قد مرت عليها، عبر معرضهم السنوي الأول الذي ضمَّ غالبية الأسماء التشكيلية الرقية، على اختلاف أجيالها، والذي أطلق عليه اسم "أجيال".

سبق لي أن شاركت في مدينة "الرقة" بأكثر من معرض، لكن هذه المشاركة مختلفة تماماً، فهذا الاهتمام الكبير بتنظيم المعرض، وعدد الحضور وعدد المشاركين أذهلني بالفعل، وأنا شخصياً لم أشاهد له مثيلاً سوى في بعض المعارض التي تقام في العاصمة "دمشق"، وأود أن أشير هنا إلى أن مستوى الأعمال المعروضة ـ بشكل عام ـ كان جيداً جداً ويبشر بمستقبل واعد لكثير من فناني هذه المدينة

موقع eRaqqa وبتاريخ (25/1/2011) كان حاضراً فعاليات هذا المعرض الذي تم افتتاحه برعاية الدكتور المهندس "عدنان السخني" محافظ "الرقة".

الدكتور خليل المجحم الحسن

الدكتور "خليل المجحم الحسن" تحدث عن المعرض بقوله: «افتقدت "الرقة" ولسنوات عديدة مثل هذه التظاهرة الفنية الكبيرة، التي تذكرنا بأجواء الفن التشكيلي في فترة الثمانينيات من القرن العشرين، والتي تعتبر العصر الذهبي للحركة التشكيلية في "الرقة"، وقد أدهشني هذا الكم الكبير من الأعمال الفنية، والذي يعبر ـ تقريباً ـ عن كل الأسماء الفنية في المحافظة، وقد كان عدد الحضور مذهلاً، حيث لم تفرغ الصالة إلا بعد حوالي الساعتين من افتتاح المعرض تقريباً، وكل ما آمله هو أن يستمر هذا المعرض السنوي بالعطاء والتألق، وأن يساهم بلم شمل الفنانين التشكيليين في هذه المحافظة، وأن يساهم بارتقاء الذائقة البصرية لجميع أهالي هذه المدينة».

أما الفنانة المسرحية "ميرفت حمدان" فقد قالت: «إن ما شاهدناه اليوم هو عبارة عن تحقق حلم لطالما راود كل المثقفين ومحبي الفن في هذه المحافظة. فأن يجتمع /45/ فناناً تشكيلياً في معرض واحد، لهو حدث جدير بالاهتمام، وما يلفت النظر هو أن عنوان المعرض جاء مطابقاً تماماً لمضمونه، فقد شاهدنا في هذا المعرض أعمالاً تمثل عدة أجيال متعاقبة، من الرعيل الأول والجيل الذي تلاه وهكذا..، وصولاً إلى جيل الشباب الواعد، وكأني أرى في هذا المعرض رسالة مضمونها أن شعلة الفن في هذه المدينة لن تخبو مادام هناك جيل يورث هذه الشعلة للجيل الذي يليه».

الفنانة المسرحية ميرفت حمدان

أما الفنان "عز الدين عمر" الذي جاء من محافظة "حلب" ليشارك في معرض "أجيال" الأول، فقد قال عن هذه المشاركة: «سبق لي أن شاركت في مدينة "الرقة" بأكثر من معرض، لكن هذه المشاركة مختلفة تماماً، فهذا الاهتمام الكبير بتنظيم المعرض، وعدد الحضور وعدد المشاركين أذهلني بالفعل، وأنا شخصياً لم أشاهد له مثيلاً سوى في بعض المعارض التي تقام في العاصمة "دمشق"، وأود أن أشير هنا إلى أن مستوى الأعمال المعروضة ـ بشكل عام ـ كان جيداً جداً ويبشر بمستقبل واعد لكثير من فناني هذه المدينة».

الفنان التشكيلي "عيد النزهان" رئيس مجلس فرع اتحاد الفنانين التشكيليين في "دير الزور" كان حاضراً فعاليات معرض "أجيال" وقد تحدث قائلاً:

السيد محافظ الرقة كان حاضراً فعاليات المعرض لأكثر من ساعة

«إن الخطوة الكبيرة التي حققها فرع اتحاد الفنانين التشكيليين في "الرقة" هذا العام من خلال إعادة تأهيل صالة المعارض التابعة للمركز الثقافي القديم، وتحويلها لواحدة من أجمل صالات العرض في القطر، بعد أن تم تخصيصها لصالح فرع الاتحاد، تعدُّ بحق علامة فارقة في تاريخ الحركة التشكيلية لهذه المحافظة، وهي مكسب لكل الفنانين التشكيليين في سورية، وقد حضرت برفقة عدد من فناني "دير الزور" في هذا اليوم لنهنئ جميع المثقفين والفنانين في هذه المدينة على ماحققوه من إنجاز رائع تغبطهم عليه جميع الفروع، ونتمنى بدورنا أن يصيبنا من الخير ما أصابهم.

أما عن الأعمال التي قدمت في المعرض فقد كانت بمستويات متباينة، فهناك الغث وهناك السمين ـ وهذا حال جميع المعارض الفنية ـ وأودُّ أن أشير هنا إلى وجود عدد من المواهب الشابة الرائعة، التي تستحق كل الرعاية والدعم، فهي تشكل نواة حقيقية لمستقبل فني مشرق لهذه المحافظة».

الفنان التشكيلي "سالم العكاوي" تحدث عن ظاهرة جديدة لحظها في هذا المعرض، حيث يقول:

«سبق لي أن حضرت وشاركت في العديد من المعارض الفنية سواء داخل المحافظة أو خارجها، وكانت العرف السائد أن يطوف راعي الفعالية على جميع الأعمال خلال مدة لا تتجاوز العشر دقائق، لكن الحدث الفريد في هذا المعرض هو أن السيد محافظ "الرقة" وهو راعي الافتتاح، ظل ولأكثر من ساعة كاملة يستعرض اللوحات المعروضة ويستمع لآراء الفنانين حولها، وهي بالفعل ظاهرة فريدة لم نشهد ما يماثلها سابقاً، وهي تعكس الاهتمام على الصعيد الرسمي بجهد وإبداع الفنان التشكيلي، الذي نأمل أن يلاقي الدعم اللازم للارتقاء بالحركة التشكيلية في هذه المحافظة».

وبعد انتهاء فعاليات المعرض، تحدث الفنان التشكيلي "أيمن ناصر" رئيس مجلس فرع اتحاد الفنانين التشكيليين في "الرقة" قائلاً:

«انتهت ـ كما شاهدتم ـ منذ قليل فعاليات معرض "أجيال" السنوي، لنتنفس الصعداء أخيراً، بعد أشهر من العمل المتواصل، حاولنا خلالها ـ جاهدين ـ مع جميع فناني المحافظة إنجاح هذه التظاهرة الفنية التي طال انتظارها، فهذه هي المرة الأولى في تاريخ هذه المدينة التي يعرض فيها الفنانون أعمالهم في صالة خاصة بهم، وقد فتحنا من خلال هذا المعرض الباب على مصراعيه لجميع المواهب الشابة الواعدة للمشاركة فيه، فهم الجيل الذي سيبقي جذوة الفن مشتعلة في سماء هذه المحافظة في القادم من المستقبل، ولكي يستفيدوا كذلك من خبرة الأجيال التي سبقتهم.

وأنتهز الفرصة هنا لأشكر باسمي وباسم جميع مثقفي وفناني هذه المحافظة السيد محافظ "الرقة" الدكتور المهندس "عدنان السخني" الذي كان وراء كل هذه الإنجازات، حيث أنه قدم الدعم المادي والمعنوي الكامل لفرع الاتحاد للنهوض بمسؤولياته تجاه الحياة التشكيلية في هذه المدينة، ابتداءً من إعطاء القرار بتخصيص الفرع بهذه الصالة وانتهاءً بإعادة تأهيلها بالشكل اللائق ورعاية هذا المعرض الأول».