على طريق "صافيتا" وصولا إلى "الكفرون" حيث لغز الاندماج بين الإنسان والطبيعة فالحياة في المدينة والتمتع بمزاياها الحضارية لا يشكل أي فرق بالنسبة لابن "الكفرون" الذي اعتاد على المياه والخضار والأشجار والتمتع بالجيرة الحسنة بعيدا عن التكلف والتعقيدات وفي هذا الإطار يقول السيد "حبيب ندور" أحد أبنائها:
«نحن في "الكفرون" أسرة واحدة متداخلة فيما بينها فابن "الكفرون" استمد طيبته من أرضها الكريمة التي علمتنا عبر الأجيال كيف نساند بعضنا وكيف نعيش مع بعضنا بعضاً على الرغم من التعددية الدينية فيها، فقرية "الكفرون" هي الرابط الأقوى وأسمى من أن تكون مجرد مكان ولدنا فيه، ونعيش حياتنا بتفاصيلها اليومية ففي الأحزان نحن معا وكذلك الأفراح وفي شهر الصوم الإسلامي يقوم المسيحيون بإعداد العزائم لجيرانهم المسلمين وهكذا الجميع يراعي بعضهم بعضاً قد تجدين مسلما ومسيحيا في كنيسة أو جامع لا فرق فالجميع إخوة يجمعهم رابط الانتماء لـ"الكفرون"».
بحسب المصادر التاريخية القديمة القليلة الباقية فإن "الفينيقيين" هم أول من سكنوها وبعدهم "الرومانيين" بعد أن استولوا على الساحل السوري ودخلت إليها المسيحية عبر "البيزنطيين" في القرن الثاني الميلادي
ويتابع: «عاداتنا كأي قرية أخرى في الأفراح نجتمع ونؤمن نقطة للعروسين كهدية من أهل القرية يبدؤون بها مشوار حياتهم وفي الأحزان الكل موجود للمساندة وتقديم العزاء وتأدية الواجب تجاه الجار وهذه العادات ليست حكرا علينا بل هي ذاتها ممتدة من أول الشريط الساحلي السوري وحتى قرى تركيا».
أما السيد "توفيق نصار" فقد أبحر بنا في رحلة عبر الزمن للتعرف على "الكفرون" في الماضي فقال: «بحسب المصادر التاريخية القديمة القليلة الباقية فإن "الفينيقيين" هم أول من سكنوها وبعدهم "الرومانيين" بعد أن استولوا على الساحل السوري ودخلت إليها المسيحية عبر "البيزنطيين" في القرن الثاني الميلادي».
وحول التسمية يخبرنا السيد "نصار" قائلا: «"الكفر" بفتح الكاف كلمة آرامية تعني حارة والبرهان على ذلك موجود حتى الآن حيث إن "الكفرون" عبارة عن سبع حارات هي: "كفرون رفقة- كفرون زريق- كفرون سعادة- كفرون بشور- كفرون حيدر- كفرون بدره- كفرون نبع كركر" ويطلق على "الكفرون" أيضا اسم "الكفارين السبعة" نسبة إلى حاراتها التي ذكرناها».
وأما عن الموقع فتحدث السيد "نصار" قائلا: «تقع إلى الشمال الشرقي من "صافيتا" على بعد 16 كم منها وثلاثة كيلومترات جنوب شرق بلدة "مشتى الحلو" وترتبط بشبكة طرق واسعة تصلها بالمناطق كافة إلى "صافيتا والساحل وحمص" ومع المناطق القريبة المجاورة: "مصياف- جبل الحلو- منطقة الناصرة والوادي وطرابلس في لبنان" ويطل عليها من الغرب "جبل السيدة" ومن الجنوب "جبل السايح" المماثل بالارتفاع وتغطي قمته الجميلة غابة صغيرة معمرة وتنفتح إلى الجنوب الغربي على واد جميل تجري فيه أنهار "الشيخ حسن" و"نبع العروس" و"وادي العديدة" الدائمة الجريان والمغطى بأكمله بالأشجار الخضراء المعمرة».
ويحدثنا المهندس "رائد خضور" عن الزراعات المشهورة فيها ليخبرنا أن "الكفرون" كانت مشهورة بالتفاح حتى إن المزارعين الذين يأتون لشراء غراسها الشهيرة بالجودة كانوا يطلقون عليها اسم "بلد التفاحيات" وشاعت هذه التسمية حتى إن الكثير من الناس يعرفونها بهذا الاسم ونظرا لجودة غراسها وشتولها فإن المزارعين يأتون حتى من "لبنان" لشرائها، وجودتها تأتي من كون "الكفرون" بعيدة عن أية ملوثات ما يترك التربة نظيفة وملائمة لمختلف أنواع الشتول والأشجار وهذا ما يفسر الطبيعة النقية والخضراء الموجودة فيها».
وفي لقائنا مع المهندس "يوسف ابراهيم" رئيس دائرة السياحة في "مشتى الحلو" أخبرنا عن السياحة في "الكفرون" قائلا: «تمتلك "الكفرون" العديد من المقومات السياحية الطبيعية ولكنها للأسف لم تأخذ حقها سياحيا، فسياحتها صيفية تقتصر على أشهر الصيف الثلاثة رغم أن السياحة الشتوية فيها ممكنة وممتعة إلا أن مفهوم السياحة الشتوية لم يعمّم بعد في هذه المنطقة ويقتصر على بعض الناس من سكان القرى المجاورة الذين يأتون إلى مواقع "نبع كركر" و"نبع الشيخ حسن" بنوع من الجلسات الشعبية التي أعتبرها العنوان العريض للسياحة الشتوية في "الكفرون"».
ويكمل حديثه فيقول: «حاليا أخذت العديد من الفنادق رخصاً من وزارة السياحة في منطقة "الكفرون" ونستطيع القول إن لها مستقبلا سياحيا مشابها لبلدة "مشتى الحلو" سيتبلور أكثر خلال خمس السنوات القادمة وسيزيده ألقا المضي قدما لإيجاد ما يسمى السياحة الشتوية وتفعيلها بشكل أكبر».