بجهود شخصية وإمكانيات فردية، وفي ظلّ غياب أي شكل من أشكال الدعم المادي أو المعنوي، يواظب مؤرخ"إدلب"، وباحثها "فايز قوصرة" ومنذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً، على انجاز مشروع تأريخ شامل وكامل لمحافظة "إدلب" يحمل عنوان محافظة "إدلب" بوابة الحضارة السورية.

موقع eIdleb التقى بالمؤرخ "فايز قوصرة" لكي يضعنا في أجواء هذه المشروع الضخم والهام جداً، وماذا تحقق منه بعد أن مضي أكثر من ربع قرن على اطلاقه؟ وماذا يخبئ لنا في السنوات القادمة؟

لديّ قيد الطبع حاليا كتاب الأوابد الأثرية في جبل "باريشا"، وهناك قيد الإنجاز ثلاثة كتب هي "إدلب" البلدة المنسية، والحضارة في جبل "الزاوية"، ودليل أسماء بلدات "إدلب" وقراها

يقول المؤرخ "قوصرة": «مشروع محافظة "إدلب" بوابة الحضارة السورية، عبارة عن كتاب متكامل، موسّع ومفصّل لهذه المحافظة منذ القديم وحتى الوقت الحاضر، وهو موزّع على أجزاء تصدر تباعاً، فمنذ أوائل الثمانينات، بدأت في انجاز سلسلة هذا المشروع، فكانت البداية عام 1985 بإصدار الجزء الأول من كتاب "الرّحالة في محافظة "إدلب"، ثمّ الجزء الثاني في عام 1988، وفي نفس العام أصدرت كتاب "حارم" "دمشق" الصغرى، وكتاب "حصن شغر- بكاس"، وفي عام 1995 أصدرت كتاب ""قلب لوزة" درة الكنائس السورية" باللغتين العربية والانكليزية، وفي عام 2004 أصدرت أحد أهم كتب المشروع وهو كتاب من "إبلا" إلى "إدلب" الذي يؤرخ لمنطقة "إدلب" منذ الألف السادسة قبل الميلاد، وحتى أيام الوحدة مع "مصر"، وفي عام 2009 صدر كتاب ولاية "الفوعة"».

الكتاب الأول الصادر ضمن سلسلة محافظة إدلب بوابة الحضارة السورية

وعن الجديد في هذه السلسلة يقول الباحث "قوصرة": «لديّ قيد الطبع حاليا كتاب الأوابد الأثرية في جبل "باريشا"، وهناك قيد الإنجاز ثلاثة كتب هي "إدلب" البلدة المنسية، والحضارة في جبل "الزاوية"، ودليل أسماء بلدات "إدلب" وقراها»

وعن الأسباب التي دفعته للنهوض بهذا المشروع الضخم، الذي يتطلب وقتا وجهدا كبيرين، وامكانيات ضخمة قال: «انطلاقا من الأهمية الحضارية الكبيرة لمحافظة "إدلب"، وبما فيها من خصائص تميّزها عن غيرها من المحافظات، كالموقع الاستراتيجي الذي جعل منها حلقة وصل حضاري بين الشرق والغرب، والطبيعة الجميلة، والأرض الخيّرة المعطاءة، والسكان القادرين على العطاء، كل هذا جعل منها مركز ثقل اقتصادي عبر العصور، فكانت مصانع الزيت والخمور المنتشرة في المحافظة، ترسل انتاجها إلى "أوربا" منذ العصور القديمة، وعلى أرضها تعددت الحضارات وكثرة المواقع الأثرية، فقد أحصى المركز الأثري الفرنسي في "بيروت" الآثار الواقعة في جبال "الأعلى" و"باريشا" و"الدويلي" و"الوسطاني"، بمئتين وسبعين موقعاً أثرياً عدا أثار جبل "الزاوية"، ، أضف إلى ذلك جهل الكثيرين من أبناء المحافظة بتأريخ محافظتهم ومواقعهم الأثرية، كلّ هذا دفعنا للخوض في أعماق التاريخ، علّنا نفهم تراث أجدادنا، فكلما عرف الإنسان تاريخه، زاد تعلقه بأرضه، وكان هذا الجهد الذي يتطلب الكثير من الوقت والكثير من الدعم المادي والمعنوي، فهو مشروع يمتد لسنوات طويلة، عله يكون حافزا للأجيال القادمة في متابعة البحث، بعد أن نكون قد مهدنا طريقاً وعراً وشاقاً إلى موضوع لم يتطرق أحد إليه من قبل»

الكتاب السادس الصادر عن سلسلة محافظة إدلب بوابة الحضارةالسورية

يشار إلى أنّ المؤرخ "فايز قوصرة" من مواليد مدينة "إدلب" عام 1945، حاصل على إجازتين جامعيتين في الآداب والفلسفة، نشرعدّة كتب وعدّة محاضرات في تاريخ محافظة "إدلب" وآثارها، ويأتي مشروعه هذا ليسدّ فراغاً كبيراً في تاريخ الشمال السوري، وليكمل الصورة التاريخية لمنطقة طالما أهملها الباحثون.