بعد أن تابع الكثير من المشاهدين السوريين سباعية "أسعد الوراق" المأخوذة عن رواية "الله والفقر" للكاتب الكبير الراحل "صدقي إسماعيل" والتي عرضها التلفزيون السوري عام 1975 من إخراج "علاء الدين كوكش" وبطولة كل من الفنان "هاني الروماني" و"منى واصف" وتمثيل كل من "ملك سكر"، "أمل سكر"، "عدنان بركات"، "علي الرواس" و"يوسف حنا".
تقوم المخرجة "رشا شربتجي" بتصوير مسلسل بنفس العنوان بعدما قام "هوزان عكو" بإعادة كتابة سيناريو تلفزيوني يمتد على ثلاثين حلقة بحيث أنه أضاف بعض الخطوط الدرامية إلى العمل القديم، ولتتخلى فيه الفنانة "منى واصف" عن صرخة "منيرة" للفنانة "أمل عرفة" وليحل بدور البطولة "تيم حسن" بدور أسعد الوراق بعد أن قدمه سابقاً بأداء ساحر الفنان "هاني الروماني" ويشارك في تمثيل المسلسل الجديد كل من "خالد تاجا"، "فراس إبراهيم" و"أيمن رضا" ولتجسد الفنانة "منى واصف" دور "أم نعيمة" وهو كما أخبرتنا لم يكن موجوداً في النص السابق وإنما هو عبارة عن شخصية جديدة أضافها كاتب السيناريو إلى القصة القديمة.
بين يدي نصوص اجتماعية رائعة وسهلة التنفيذ، لكنني آثرت اختيار بيئة مختلفة، لأكون أمام تحد مختلف
يتناول مسلسل "أسعد الوراق" حكاية شاب بسيط أمي يتيم الأبوين، تضعه الظروف الاجتماعية والبيئية في مواقف كثيرة تدفع به من قاع المجتمع، ومن قسوة الأقدار، إلى رحلة شّاقة نحو الوعي، وبلورة مفهوم عميق للحياة الحرة الكريمة، بما يجعلها جديرة بأن تعاش، ويدافع عنها بالغالي والرخيص، وحول هذا المحور الإنساني المتصاعد تدور حكايات اجتماعية وعاطفية عديدة، مجدولة بخيوط اليأس والترقب والأمل، وكل ذلك في مرحلة تاريخية تمتد بين العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، تلك الفترة التي كانت فيها سورية ومقدراتها خاضعة للانتداب الفرنسي، وكان التململ الشعبي قد بدأ لاسترداد حرية الأرض والشعب والمصير.
والمسلسل حسب الممثلة "منى واصف" يقدم رؤية جديدة عن النسخة الماضية التي اعتبرت من أهم الأعمال التلفزيونية التي قدمها التلفزيون السوري في فترة الأبيض والأسود، ومن أكثرها جرأة وعمقاً، سيما في ظل المتغيرات التي طرأت على النص، فضلاً عن التطورات التكنولوجية التي دخلت عالم الإخراج بشكل عام.
وتأكيداً على ذلك قال المعد "هوزان عكو": «قمت بقراءة الرواية الأصلية، وهي عبارة عن قصة صغيرة قوامها خمس وستون صفحة، ثم تابعت حلقات أسعد الوراق المصورة ولمرة واحدة فقط».
وأضاف: «حرصت على ألا يقع هذا المسلسل بنسخته الثلاثينية بفخ الإطالة التي تشوب أغلب الأعمال الرمضانية، فبعد مشاهدتي لحلقات السباعية أنشأت روايتي الخاصة في نص قوامه ثلاثون حلقة، لأطرح "أسعد الوراق" الجديد الذي يأخذ أكثر من مسار بشكل متشعب وأكثر عمقاً من حيث أسلوب الطرح، بالإضافة لدخول خطوط جديدة على العمل الذي يتناول دمشق في بداية عشرينيات القرن الماضي».
أما المخرجة "رشا شربتجي" فأوضحت أن اختيارها لهذا النص الصعب كان نتيجة لنجاحات أعمالها السابقة التي جعلتها تطرح سؤال "وماذا بعد؟"، لذلك كان الاختيار الأصعب هو الاختيار الأمثل.
وقالت "شربتجي": «بين يدي نصوص اجتماعية رائعة وسهلة التنفيذ، لكنني آثرت اختيار بيئة مختلفة، لأكون أمام تحد مختلف». لافتة إلى أنها لا تنفي مغازلتها لنجاح المسلسل بنسخته القديمة مؤكدةً أنه لا تتخذه عكازة لإنجاز عملها الجديد.
وأشارت أنها قامت بقراءة السيناريو الجديد وتقطيعه وتوزيع الأدوار على الممثلين قبل أن تشاهد النسخة القديمة رغم أنها جاءتها مع النص الجديد.
يشارك في العمل الفنان "محمد قنوع" الذي قال: «أقوم بتجسيد شخصية "أحمد" الذي هو من أصحاب السوابق، ويتعرف على "أسعد" محاولاً الوصول إلى أهداف غير نبيلة، لذلك تكون نهايته في السجن، وتمر حياته بالكثير من الصعوبات والمخاطر والتفصيلات الدرامية المهمة».
والمسلسل مأخوذ عن قصة للأديب السوري "صدقي إسماعيل" بعنوان "الله والفقر" من مجموعة قصصية تحمل الاسم ذاته، كتب السيناريو والحوار لها الكاتب السوري "عبد العزيز هلال"، الذي كان واحداً من كتاب السيناريو البارزين في الدراما السورية في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين.