«يمثل الشباب قوة المجتمع ككل، فهو شريحة اجتماعية تشغل وضعا متميزا في بنية المجتمع، والشباب أكثر الفئات العمرية حيوية وقدرة على العمل والنشاط، كما أنها الفئة العمرية التي يكاد بناؤها النفسي والثقافي أن يكون مكتملا، هذا فضلا عما يتسم به الشباب من المرونة والقدرة على التكيف مع المواقف التي تواجههم.»

هذا رأي الدكتورة "كلير فهيم" استشاري نفسية وعصبية وطب نفسي أطفالي من جامعة "لندن" والذي ورد في كتابها "طريق نجاح الشباب في الحياة"، ولعل العاطفة المتمردة –والتي يناقشها eAleppo هي أهم ما يواجه الشباب في حياتنا المعاصرة، ولكن هل شبابنا على وعي وإدراك للعاطفة والحب؟

منذ أن دخلت الجامعة وأنا أشعر أن جميع علاقاتي مع الجنس الآخر تكون مضطربة وغير مستقرة، لا أستطيع أن أصل إلى علاقة متوازنة مع أي فتاة أتعرف عليها، دائما تجتمع في عقلي حاجاتي ورغباتي في أن تكون حياتي مستقرة بوجود فتاة تحبني وأحبها، وأخبئ في داخلها أسراري وآمالي ومشاكلي، ولكن دائما اصطدم بالفشل أو الرفض، ربما أنا غير متوازن أو لم يأتي الوقت المناسب بعد.

"شادي حمرة" 22 عاما من كلية "الطب البشري" يقول:

الشباب في الجامعة..نخبة الشباب

«الحب هو كلمة صدق تنبض من القلب، يعيشها الإنسان مرة واحدة في حياته، ومهما قيل ومهما سيقال لا بد من التأكيد على أنّ الحب هو الشيء الذي نحتاجه جميعا، نسمع كثيرا ونرى كثيرا انتقادات لاذعة عن علاقات الحب في المرحلة الجامعية، كأنّ يقال أنّ الحب هو عبارة عن غاية للوصول إلى غايات أخرى، أو أنّه سبيل لملء فراغ الشباب، أو أنّه دليل على الفشل في الحياة، ولا أستطيع أن أرد على كل هذه الأقاويل إلا أن الحب هو الحياة.»

الآنسة "جومانة دحدوح" 19 عاما من "الأدب الفرنسي" تعبر بكلمات بسيطة عما تشعر به عندما تحب: «كثيرون ممن يتهجمون على الحب كمفهوم سلبي مضر، فعندما نرى أو نسمع عن مواقف سيئة قد تكتشف في الجامعة، فعذرا ممن يسمي ذلك حبا، لأنّ من يحب يحترم الإنسانة التي يحبها ولا يعرضها لهكذا مواقف في أماكن عامة، وهذا لا يسمى حبا، ومن يقول بأنّ من يحب في الجامعة فهو يضيع مستقبل شابين، فالحب هو المستقبل، ومن يريد أن يحب يجب أن يبني مستقبله على أساس وجود الشريك معه، ومن يقول أنّ الحب في الجامعة نتيجته الحتمية الفشل فالحب هو النجاح، ولا أعتقد أنّ أحدا منّا يستطيع التنبؤ بالمستقبل وإذا قال تاجر ما الحب في الجامعة مستقبله الفشل حتما، فلماذا لا تكون نتيجة كل تجاراته الفشل، إذا النجاح موجود في حياتنا، والحب هو الأوفر حظا بالنجاح لأنه مبني على الصدق، وكل من لا ينطبق عليه الصدق والطمأنينة والوفاء فكل ذلك ليس حبا.»

الحب في زمن الجامعة؟

وإذا تخصصنا أكثر ودخلنا إلى عمق الموضوع نجد أنّ كل شاب من شباب الجامعة يحمل معاناة معينة تستحق الوقوف عندها، هذه هي حالة "معتز رحمو" من كلية "الاقتصاد" 25عاما:

«منذ أن دخلت الجامعة وأنا أشعر أن جميع علاقاتي مع الجنس الآخر تكون مضطربة وغير مستقرة، لا أستطيع أن أصل إلى علاقة متوازنة مع أي فتاة أتعرف عليها، دائما تجتمع في عقلي حاجاتي ورغباتي في أن تكون حياتي مستقرة بوجود فتاة تحبني وأحبها، وأخبئ في داخلها أسراري وآمالي ومشاكلي، ولكن دائما اصطدم بالفشل أو الرفض، ربما أنا غير متوازن أو لم يأتي الوقت المناسب بعد.»

وأخيرا أكثر الأحزان ما يضحك مع "صالح مصطفى" 23عاما من كلية "الاقتصاد": «بعد قصة حب طويلة انتهت بالفشل، بدأت أشعر بالاضطراب في تواصلي مع الفتيات ودخلت علاقات كثيرة كانت تتميز بأنها تنتهي بزواج الفتاة التي أحبها، حتى أنني أحيانا لا أصدق ما يحدث لي، فعلاقتين متتاليتين انتهتا بزواج الفتاة، رغم أنني أعترف بأن هاتين العلاقتين لم تكونا بمستوى العلاقة الأولى ولكنهما تركتا في نفسي صدمة كبيرة، حتى أنني وجدت نفسي أخيرا وبدون سابق إصرار في علاقة حب –قد تكون خاطئة- مع امرأة متزوجة، علي أجد معها الاستقرار، وعلى الأقل زال من قلبي الخوف بإمكانية أن تتزوج.»

وحول هذه المسألة عدنا إلى رأي المحلل النفسي الأردني الدكتور "صلاح عبيد" والذي يقول عن مرحلة المراهقة والوقت الذي تأتي فيه: «هناك مشكلة عند الشباب أنّ مراهقتهم تأتي متزامنة مع امتحانات الشهادة الثانوية والتي تحرمهم من ممارسة مراهقتهم فتنتقل معهم هذه المشاعر المؤجلة إلى مرحلة الجامعة، لذلك وبما أنّ الشاب إنسان وله احتياجاته النفسية والعقلية والعاطفية فيطلق العنان لمشاعره المكبوتة في جو مفتوح ويجد نفسه قد تحرر من كلّ القيود التي كانت تكبل مشاعره وتحرمه من التعبير عن عواطفه، فتبدأ مرحلة التلاعب بالمشاعر، وتكون المسألة بالنسبة لكلا الطرفين أن يجرب ويتسلى فقط فهو يعلم ألا مستقبل لهذه العلاقة وبنفس الوقت هو بحاجة إليها، وكذلك الفضول، فمن أهم الأسباب التي تجعل الشباب يرتبطون عاطفيا في الجامعة أن كلا الطرفين لديه فضول شديد للتعرف على الطرف الآخر، والجامعة تمنح الدور الأكبر لكل شاب وفتاة للتعرف على الجنس الآخر.»

أمّا أساليب الوقاية والعلاج فيوجزها الدكتور "عبيد" بقوله: «لا بد إذن من توعية كبيرة من قبل الأهل أولا من خلال فهم الأساس في بناء شخصية متوازنة ليست متعطشة للمشاعر والأحاسيس وقادرة على التحكم بعواطفها وعيشها بصدق وعفوية، وبعد ذلك يأتي دور إدارة الجامعات والتي عليها أن تهتم بتنظيم المناخ الاجتماعي لتوجيه هذه العواطف والتعامل معها بطريقة تربوية تساعد على تنمية شخصيات الطلاب من الجنسين بأسلوب راق ٍ، وتحت إشراف ورعاية الأساتذة المسؤولين عن رعاية الشباب، ويمكن تحقيق ذلك من خلال ملء أوقات الفراغ وتنمية شخصياتهم للوصول إلى شخصيات متوازنة ومتكاملة ومتفاعلة في المجتمع».