الطفل عجينة سحرية مطواعة تستجيب لأناملك، تعطيها الصورة الأمثل لما ستكون عليه في المستقبل كقيمة إنسانية قادرة على البناء والتأسيس لمجتمع فاضل. الأسرة والروضة والمدرسة، المكان الأكثر أهمية في خلق وتربية الطفل على حب الخير والعلم والإنسان والوطن.

موقع eSyria قام بجولة في روضة "سحر العطري أخرس" الكائنة في ضاحية "أبي الفداء" المنطقة الجنوبية من مدينة "حماة"، وفي قاعة "الأركان التعليمية" التقينا الطفل "حذيفة المليح" الذي حدثنا عن الأشياء التي تعلمها في هذا الركن، فقال: «لقد تعلمت وتعرفت على الخضار والفواكه وأهميتها لجسم الطفل، وكذلك اللحوم بأنواعها ودورها أيضاً في بناء جسم الطفل، كما أصبحت قادرا على المطابقة بين العدد والمعدود، ومن قصة "كريم والتفاحة" ضرورة غسل الفواكه والخضار قبل تناولها، وكذلك عدم أخذ الدواء بمفردي بل بإشراف أمي».

لقد تعلمت اللغة العربية، وحفظت بعض الآيات القصيرة من "القرآن الكريم"، ودعاء ما قبل الطعام، والأناشيد، وأصبح عندي صداقات في الروضة

وحدثنا الطفل "آدم السبع" المولود في "بريطانيا" والذي حرص والديه على تعليمه "اللغة العربية" وتعريفه على موطنه سورية ومدينته "حماة"، فقال: «لقد تعلمت اللغة العربية، وحفظت بعض الآيات القصيرة من "القرآن الكريم"، ودعاء ما قبل الطعام، والأناشيد، وأصبح عندي صداقات في الروضة».

الأطفال في قاعة الأركان التعليمية

ثم التقينا الطفل "عبد الحكيم المصري" الذي قال: «أحب هذا الركن لأنني أمثل وأرسم وأتعرف على الأعداد، وأنا أحب التمثيل وأقلد البائع المتجول الذي ينادي على "الخضرة". وشاهدت البائع في مسلسل "باب الحارة". وكنت عريف حفل السنة الماضية وقلت: "مسيتكم بالخير يا ضيوفنا ردوا السلام، من روضة "سحر العطري" إلكن معي رسالة، غالي المجلس والإدارة والأهالي الكرام، لكن مافي على حب الوطن غالي"».

كذلك التقينا المعلمة "كفا كيلاني" في ركن "القصة" التي حدثتنا عن هذا الركن قائلة: «نحن ضمن خبرة غذائي وصحتي، نعتمد على الحكاية المجسدة بالرسوم، فقصة اليوم بعنوان "كريم والتفاحة" تحدثنا القصة عن "كريمط التلميذ النشيط الذي يحب الفواكه، لكنه أكل التفاحة بدون غسيل، فمرض وتم إسعافه بقصد معالجته. هذا يقودنا للحديث عن مضار أكل الخضار والفواكه بدون غسيل، وضرورة تناول الدواء من يد الأم أوالأب حصراً».

الطفل "آدم السبع"

وأضافت موضحة هدف آخر للقصة قائلة: «القصة التي نرويها تشمل الحرف الذي أخذه الطفل حرف "السين" مثلاً، تحتوي كلمات القصة على هذا الحرف بحواراتها وأسماء الحيوانات والخضار وبالأناشيد والدعاء والآيات القرآنية».

بعد ذلك التقينا المشرفة "إيمان الأسود" في الركن "التعليمي" فعرفتنا على أقسام الركن قائلة: «يدخل الطفل هذا الركن ويتعرف على كل الأقسام، ركن "العلوم" ويشمل التصنيف للعلوم المختلفة، ركن "الإدراكي" يشمل المتاهات والأُحجيات والمطابقة ما بين العدد والمعدود، ركن "المكعبات" يشمل تركيب وبناء سور حديقة، حوض سمك، وبائع متجول، ركن "الأسرة والدراما" حيث يمثل الأطفال دور الأسرة "الأب" و"الأم"، وكيف يعمل كل منهما في سبيل العائلة، وركن "الفن" والأشغال اليدوية حسب خبرة كل طفل، وركن "القصة"».

السيدة "هند بدوي" مديرة الروضة

وفي ختام الجولة التقينا السيدة "هند بدوي" مديرة الروضة التي أوضحت لنا مهام الكادر المشرف على الأطفال قائلة: «نحن نغرس في نفس الطفل حب الوطن، حب العلم، حب الدين وتمثل قيمه الإنسانية والحضارية والأخلاقية، وحب العمل، وأن يكون إيجابي مع البيئة والمجتمع الذي يعيش فيه، ونعتمد على مبدأ التعليم الذاتي، بمعنى أن يكتشف الطفل المعلومة بقدراته مع التوجيه لنقل الفكرة بموضوعية وصحيحة».

وعن مهمة الروضة الأساس أضافت قائلة: «الروضة هي مكان لنقل الخبرات وتعليم الطفل وإكسابه القيم والعادات، خصوصاً أن هذه المرحلة من عمر الطفل تعتبر أخطر المراحل حيث يبدأ الطفل بتكوين شخصيته المستقلة، فالروضة ليست فقط مجرد مكان لتعليم القراءة والكتابة، أو مأوى ريثما يرجع الأهل للبيت».

وعن منهج "التعليم الذاتي والتجريبي الاكتشافي" في إيصال المعلومة للطفل حدثتنا قائلة: «نحن ندخل الطفل إلى قاعة "الأركان التعليمية" التي تحوي عدة أركان كما أوضحت لكم المشرفة، بحيث نراقب ونتابع والطفل وهو يتعلم بنفسه من خلال استكشافاته الذاتية مع توجيهات طفيفة للإرشاد فقط. فالطفل فضولي دائماً يرغب في التعرف على الأشياء واكتشافها، من هنا جاء موضوع التعلم الذاتي التجريبي، وفي هذا الركن أيضاً يستعيد الطفل كل ماتعلمه خلال الأسبوع وينفذه يدوياً».

كما أوضحت الهدف من فكرة "خبرة غذائي صحتي" وتطبيق الأطفال ذاتيا لها قائلة: «بقاعة الأركان التعليمية يتعرف الأطفال بأنفسهم على الأغذية التي تتعلق بالطاقة والصحة والوقاية والبناء، الهدف فني ونمائي، لا علاقة له بالمعلومة العلمية التي يأخذها الطفل، بل يحصل عليها بطريقة التعلم الذاتي لاكتشافي».

وعرفتنا على تصنيفات الأغذية قائلة: «أطعمة الصحة والوقاية تشمل "الخضار والفواكه، أطعمة البناء تضم: "اللحوم- البيض- الجبن- الحليب"، أطعمة الطاقة متوافرة في: "السكاكر والحلويات"».

وعن دور مجلس الإدارة في زيادة خبرة المعلمين والمشرفين قالت: «الفضل يعود لأهله، وأقصد هنا إدارة الجمعية التي تدير هذا الصرح بمنهجية تربوية قويمة، ولا أخفيك أننا لم نكن كما نحن الآن فقد أخضعتنا الإدارة لدورات تخصصية محلياً وعربياً ودولياً، مع الإشراف المباشر والمتابعة الحريصة على المعلم والطفل معاً، مثلا دورة التعامل مع الطفل كانت بالتعاون مع مؤسسة "كريم رضا سعيد"، التي حققت لنا هذه الكفاءة بالتعامل مع الطفل».

ختام الجولة كان مسكاً، فقد رغبت السيدة "هند بدوي" تعطير كل من يقرأ هذا اللقاء، فقالت: «أتمنى من الإعلام مساعدتنا في نقل هذه المعلومة للروضات الأخرى، لأن الطفل في النهاية أمانة عندنا ليس لعائلته فقط، بل للوطن الذي ينتظر ابنه السوي عقلياً وجسدياً وتربيةً، بمعنى أن نسير بمنهج قويم مثمر على كافة النواحي المجتمعية».