تجاوز الثانية والتسعين عاما وما زال يختزن في ذاكرته الكثير من حكايات الثورة، شارك منذ طفولته في عدة معارك خاضها الثوار ضد المستعمرين، حيث يعتبرالوحيد ممن بقي من مجاهدي "جبل الزاوية"..

رئيس فرع رابطة المجاهدين القدامى في محافظة "إدلب" بموجب قرار رقم/314/ الصادر عن قيادة فرع "إدلب" بتاريخ 17/11/2003 وبما نصه تسمية المجاهد "أحمد العبسي" بن "محمد" و"زكية" مواليد "نحلة" سنة /1916/ رئيسا لفرع رابطة المجاهدين في "إدلب" بدلا من المجاهد رئيس فرع الرابطة السابق بسبب وفاته.

من أهم المعارك التي خاضها الثوار في جبل الزاوية معركة "ترعان" عام /1922/ وسميت أم المعارك لكثرة الخسائر والقتلى التي تكبدتها القوات الفرنسية في تلك المعركة

«دم الثورة مازال يجري في عروقي رغم تقدمي في السن ومازلت أفتخر بتلك الذكريات التي مر عليها أعوام عديدة ولا أنسى ما حييت ذلك اليوم الذي دخلنا فيه إلى"القشلة" بـ"إدلب" وكنت ممن دخلوا وقتلوا المستشار الفرنسي عام/1946/».

هذا ما قاله "العبسي" لموقع eIdleb بتاريخ 12/10/2008 عند زيارته في منزله والذي يحمل على جدرانه ذكريات الثورة وزعماءها وصور مجاهديها حيث لا توجد زاوية منه إلا وتحكي قصة بطل ضحى بدمه لتنعم البلاد بالاستقلال. ويتابع المجاهد "أحمد العبسي" حديثه عن أهم المعارك التي خاضها الثوار في "جبل الزاوية" وعن حكاياتهم قائلا: «من أهم المعارك التي خاضها الثوار في جبل الزاوية معركة "ترعان" عام /1922/ وسميت أم المعارك لكثرة الخسائر والقتلى التي تكبدتها القوات الفرنسية في تلك المعركة».

وعن تفاصيل هذه المعركة يقول الحاج "أحمد": «تقدم الفرنسيون باتجاه جبل الزاوية من القرى الشرقية "كفر بطيخ" و"داديخ" وعند وصول الخبر إلى الثوار الذين اتخذوا من "جبل الزاوية" مركزا لهم توجهوا لمناصرة إخوانهم الثوار في قرية "سرجة" بعد أن طوق الفرنسيون "جبل الزاوية" من المنطقة الشرقية والشمالية فحضر المجاهدون وعلى رأسهم القائد "مصطفى الحاج حسين" والزعيم "إبراهيم هنانو" إلى قرية "سرجة" وتمركزوا في أعلى قممها التي تطل على الوادي الذي أراد الفرنسيون الدخول من خلاله وكان ورائهم الصبيان والنسوة ينقلون الماء والذخيرة للمجاهدين وأنا كنت من هؤلاء الصبية وكان عمري ست سنوات حيث ذهبت إلى المعركة مع أبي وعمي وعند وصول طلائع الجيش الفرنسي الذي كان عددهم كبير جداً».

ويضيف بالقول: «فكر الثوار بتفجير ذخيرتهم لزرع الرعب في قلوبهم وإجبارهم على التراجع فتقدم أحد المجاهدين ويلقب "بالهزار" من قرية "جبالا" وألقى قنبلة على بغال الفرنسيين التي تحمل الذخيرة مما أدى إلى انفجارها وفي الطرف الآخر من الوادي الذي كان الفرنسيون قد وضعوا كمية كبيرة من الذخيرة فتقدم أحد المجاهدين واسمه "مصطفى المحلول" من قرية "احسم" وألقى عليها قنبلة مما أدى إلى اشتعال الوادي وكأنه بركان حل بالمنطقة وبدأ إطلاق النار في ذلك الوقت وأستمر ثلاثة أيام بلياليها دون توقف وتمكن الثوار من منع الفرنسيين الدخول إلى قرية "سرجة" بعد أن سقط على أرض المعركة أكثر من أربعة آلاف قتيل وأكثر من ثلاثمئة جريح وكانت خسائر المجاهدين (43) شهيداً سقوا تراب "وادي ترعان" بدمائهم الطاهرة ومنهم "محمد قدور الجعب" من قرية "كفرحايا" و"محمد عبد القادر حصرم" من قرية "الرامي" و"طاهرالعبسي" من قرية "الرامي" و"محمد صالح شعبان" من قرية "احسم" و"عبد القادر علوش" من قرية "ابلين" وعمي "مصطفى خيرو العبسي" من قرية "نحلة" و"عبدو سلهب" من قرية "أورم الجوز" و"محمد أحمد الخطيب" من قرية "مرعيان" و"أحمد صالح عبد الرحمن" من قرية "نحلة" وغيرهم».

وعن أهم المعارك التي خاضها مع المجاهدين يضيف: «عند دخولنا إلى "القشلة" في مدينة "إدلب" وذلك عام /1946/ دخل أحد المجاهدين من "آل القصاص" وكان شاباً ذا عزيمة وقوة إلى مكتب المستشار فوجده قد أشهر مسدسه فتقدم إليه بكل قوة واستطاع أن يأخذ المسدس منه وأطلق عليه النار من مسدسه فأرداه قتيلا وتمكن باقي المجاهدين من قتل جميع أفراد الحامية وتحريرها بشكل كامل».

«وقد تم تكريمنا في العديد من الأماكن في محافظة "إدلب" وفي محافظة "حلب" في مركز الكتلة الوطنية وفي صالة معاوية في جامعة "حلب" وقدمت لنا بعض الهدايا العينية ولكن في الوقت الحاضر تم إلغاء التكريم ولم نعرف السبب».

وعن فرع رابطة المجاهدين القدامى يقول المجاهد "أحمد العبسي": «أسس فرع الرابطة المجاهد "مصطفى عرب الزيدان" وبقي رئيسا له حتى وفاته وتم تنصبي رئيسا له منذ عام /2003/ ووظيفة الفرع توثيق أسماء رجال الثورة وأهم أعمالهم والمعارك التي خاضوها حتى تمكنوا من تحرير الوطن من المحتلين لننعم بالحرية التي قدموها لنا على دمائهم وجثثهم».