بعد مرور خمسين عام على وجود المركز الثقافي العربي في منتصف شارع "أبي العلاء المعري"، يتم الآن نقل أساسات المركز بدءاً بمحتويات المكتبة التي تضم أكثر من أربعة عشر ألفاً وخمسمائة كتاب في كافة فروع المعرفة إلى المركز الجديد الذي تم الانتهاء من تجهيزه مؤخراً في منطقة المساكن...

وسلم لمديرية الثقافة في "إدلب" من قبل مؤسسة الإسكان العسكري الجهة المنفذة، والمركز الجديد يضم مسرحاً يتسع لأربعمائة كرسي وهذا بالطبع غير موجود في المركز القديم الذي بني ليكون مسجداً، ثم حوّل إلى مركز ثقافي عام /1958/م، وعلى الرغم من أن المركز الجديد مبني على الطراز الحديث حيث لم يراع ثقافة وخصوصية المنطقة وهو المخطط الموجود على الورق لأغلب مراكز القطر إلا أنّ للمركز القديم أهمية خاصة عند أغلب رواده وموظفيه فهو إضافة لوجود ضريح "المعري" في داخله تأتي أهميته من موقعه وسط الشارع الرئيسي المسمى بإسم فيلسوف "المعرة" وشاعرها الكبير "أبي العلاء المعري" الذي يخترق بمروره، ليكشف النسيج الاجتماعي والثقافي "للمعرة".

كل هذا النسيج المتداخل في غرابته من تاريخ وفكر وشعر وحضارة وعجور ولبن وتين سيترك في مكانه لنرحل كما المهاجر العاشق

فيظهر للمارين فيه ثقافة البلد وأعمال أهليه وزراعاتهم، حيث باعة العجور والكرز والمشمش واللبن والجبن والسمن العربي، وهي منتجات محلية تشتهر بها المنطقة، وفي وقت آخر تجد باعة التين والعنب، وهذا يتم كلّ صباح من أيام الأسبوع أما يوم السبت وهو يوم "البازار" (سوق السبت) في "المعرة" فيتزاحم باعة بسطات الألبسة إضافة لجلوس القرويين إلى جانبي الباب لتبادل الأحاديث أو لتناول الموز وأحياناً لأخذ قيلولة في الصيف الحار فنسمات المركز الباردة لا تقاوم، «كل هذا النسيج المتداخل في غرابته من تاريخ وفكر وشعر وحضارة وعجور ولبن وتين سيترك في مكانه لنرحل كما المهاجر العاشق»، والكلام للشاعر "عبد الرحمن الإبراهيمي" أحد موظفي المركز.

المركز القديم

أخيراً ورد في كتاب "محمد سليم الجندي" تاريخ "معرة النعمان" الجزء الأول أن أديب الأدب العربي "طه حسين" تبرع باسم الحكومة المصرية في المهرجان الألفي الأول سنة /1944/م بألفي جنيه مصري لشراء الكتب والخزن الخشبية وهي مازالت موجودة في المكتبة وقد كتب على كعب كل كتاب "هدية الحكومة المصرية" ونقش على كل خزانة بيت من قصائد "المعري".

نشير إلى أن عدداً كبيراً من رجال الفكر والأدب والشعر والسياسة قد زار المركز أمثال "طه حسين" و"بدوي الجبل" و"الرصافي" و"عبد القادر المازني" والرئيس المصري الأسبق "أنور السادات" وآخرين كثر لا مجال لذكرهم الآن، وقد ترك معظمهم كلمة دوّنها في سجل الزيارات الموجود في المركز.

الباعة أمام المركز القديم
جرد الكتب لترحيلها