تعتبر من الأغاني التراثية الشعبية، فهي أغنية المرأة بمختلف سنوات عمرها، وقد استخدمتها الأمهات خلال هز السرير الخشبي لأبنائها، فقد حملت بين معاني كلماتها الكثير من الحب والعشق لشباب القرية والالتفات للصبايا الرازنات في مقتبل عمرهن.

فكثيراً ما وجهت أغنية "الروزانا" بألحانها ومفرداتها الشباب للزواج والتلاقي بالمحبوبة، بالإضافة إلى أنها كانت تغنى في مناسبات عدة، مختلفة بذلك عن باقي الأغاني الشعبية التي أدارت بمفرداتها وألحانها مسارح الدبكة الشعبية عند التغني بها، إلا أن لتفسيرها ككلمة نحوية معنيين اختلفا بالتفاصيل والمعنى والتقيا بالمفردات، هذا بحسب كلام الباحث التراثي "حسن اسماعيل" الذي التقته مدونة وطن eSyria بتاريخ 24/1/2013، مشيراً بالقول: «أغنية "الروزانا" هي من الأغاني الرقيقة والجميلة والتي تحمل بين مفرداتها ومقاطع جملها ولحنها نوعاً من الرومانسية اللافتة والجاذبة للمشاعر بشكل عام، تختلف عن غيرها من الأغاني الشعبية الأخرى التي تغنى بها ريفنا الساحلي على مدى عقود متتالية في مسارح الأفراح والدبكة الشعبية.

تذكرني هذه الأغنية القديمة جداً بوالدتي التي كانت تغنيها لنا قبل النوم، وقد حفظت مفرداتها عندما كنت استمع لها وهي تغنيها لأخي الأصغر مني سناً، فالجدات وباعتقادي أدركن لحنها الجميل بكل حرفية، فلهذا اللحن الهادئ تأثير على الحالة النفسية للطفل فيهدئه ويجعله ينام بسرعة وعمق

فهي ليست أغنية للدبكة ولا تغنى في مسارح الدبكة بل ربما تغنيها الفتاة الشابة أو السيدة المتزوجة على حد سواء، فالفتاة قد تغنيها ضمن مجموعة من الشابات الفاتنات وهن يصنعن أطباق القش، أو قد تغنيها السيدة خلال عملية تنقية حبات القمح من الشوائب العالقة ما بعد عملية الدراسة بعد مرحلة الحصاد، وهذا لتجهيزها لعملية الطهو.

وقد تغنى أغنية "الروزانا" أيضاً خلال فترات العمل في الحقل الزراعي ومرحلة شك أوراق الدخان ضمن خيطان قنب بعد قطافها».

وفي لقاء مع الجدة "عليا شداد" من أهالي قرية "العصيبة" التابعة لمدينة "بانياس"، والتي تحدثت عن استخدامها لأغنية "الروزانا" التراثية: «تذكرني هذه الأغنية القديمة جداً بوالدتي التي كانت تغنيها لنا قبل النوم، وقد حفظت مفرداتها عندما كنت استمع لها وهي تغنيها لأخي الأصغر مني سناً، فالجدات وباعتقادي أدركن لحنها الجميل بكل حرفية، فلهذا اللحن الهادئ تأثير على الحالة النفسية للطفل فيهدئه ويجعله ينام بسرعة وعمق».

سيدة تصنع أطباق القش وتغني عالروزانا

وبالعودة إلى حديث الباحث التراثي "حسن اسماعيل" حول معنى كلمة "روزانا" أوضح أن لها معنيين الأول من قاموس المفردات الآرامية والثاني من قاموس المحيط للغة العربية، وهنا استطرد بالحديث: «للروزانا ككلمة معنيان الأول من كلمة "روزنة" كما ورد معناها في قاموس المفردات الآرامية تعني الفتحة في السقف، وهي فتحة صغيرة بطول وعرض حوالي خمسين سنتيمتراً أنشئت في سقف المنازل الطينية التراثية القديمة جداً لأسباب أو استخدامات عدة منها تمرير القمح المشمس أي الذي عرض لأشعة الشمس على سطح المنزل، إلى داخله عبر هذه الفتحة، وذلك بدلاً من حمله في أكياس عبر السلم الخارجي لإدخاله، كذلك يفعلون عند تخزين مادة قش القمح "التبن" ولكن هنا تكون "الروزنة" أكبر قليلاً.

إضافة إلى أنها استخدمت كمدخنة لموقد الحطب في داخل ذات المنزل الطيني التراثي، ليخرج عبرها دخان الاحتراق في فصل الشتاء من المدفأة، حيث تكون الأبواب والنوافذ موصده ولا يجد غاز الفحم سبيلاً للخروج إلا من هذه الروزنة.

وكانت هذه الروزنة وسيلة لتواصل المحبين والعشاق مع بعضهم بعضاً.

أما المعنى الثاني لكلمة "روزانا" فهو لغوي من قاموس المحيط وهو من الفعل "رَزَنَ" أو "راز" أي وزن، والمراز يعني "الثدي" والمرازان هما الثديان، والمرأة الرازنة هي المرأة ذات الصدر الممتلئ، وورد في كتاب المستطرف عبارة لأحد النحويين يقول لجيرانه "حان أن تزوجوا رازنتكم" أي حان أن تزوجوا ابنتكم الرازنة أي التي أمتلأ صدرها.

وكلمة "عالروزانا" ربما تكون إشارة إلى الفتاة التي أصبحت جاهزة للزواج وفق الأعراف والتقاليد، أو دعوات للشباب للتوجه نحو الصبايا اللائقات للحب والزواج».

أما عن مفردات أغنية "عالروزانا" فيقول الأستاذ "حسن": «كثيراً ما تم تغيير في بعض مفردات أغنية "عالروزانا" دون قصد ولكن يمكن القول إن مفرداتها ما تزال ترن في بعض مناطق الريف حيث تصدح في مقاطع تقول:

عالروزانا عالروزانا .... كل الحـلا فيـها

شـو عملـت الـروزانا .... الله يجـازيهـا

يانازلين عا حلـب .... حبـي معاكم راح

يا شايلين العــنب .... تحت العنب تفـاح

كلـمن حبيبو مـعو .... وأنا حـبيبي راح

يا ربي نسمة هـوا .... ترد الحبيب لـيـا

لاطلع على داركم .... وعاشر احبـــابي

سهران شو همكم .... ما تدروا بعـذابي

وسياج عا سطوحكم .... من غير بـوّابة

سكرتوا باب الهوى .... كلّو جكـــر فيـّا».