"أكل الملوك يا معروك".. نداء نسمعه من الباعة يصف أكلة المعروك الدمشقية، والتي حافظت على مكانتها خلال الشهر الفضيل وتجددت بإضافة نكهات جديدة متنوعة تماشياً مع الحداثة.

مدونة وطن زارت العديد من الأفران للتعرف على طريقة صناعة المعروك ونكهاته الجديدة.

حافظنا على الطعم الأساسي وأضيفت نكهات جديدة تناسب العصر، ونعمل على إنتاج المعروك من الساعة الحادية عشرة وحتى آذان المغرب بشكل متواصل والأسعار تناسب الجميع

من التراث

"أيمن جحا" صاحب مخبز "أبو شهاب" يقول في حديثه لمدونة وطن: إن الإقبال على "المعروك" يزداد خلال شهر رمضان المبارك على اختلاف أنواعه، فهناك السادة والمحشي بالتمر، اللوتس، الأوريو.

صاحب مخبز "أبو شهاب" أيمن جحا"

ويضيف: «حافظنا على الطعم الأساسي وأضيفت نكهات جديدة تناسب العصر، ونعمل على إنتاج المعروك من الساعة الحادية عشرة وحتى آذان المغرب بشكل متواصل والأسعار تناسب الجميع».

من جهتها "وفاء معروف" من مخبر "غراند مارت" تقول: «المعروك من الأكلات التراثية المشهورة منذ القديم ولا تزال مستمرة إلى يومنا هذا، ففي شهر رمضان يكثر الطلب عليه، ويتجدد ليواكب جميع الأذواق، ففي السابق كان يقتصر على نكهتين السادة والتمر أما اليوم نلاحظ ميل الزبائن لتذوق نكهات جديدة منها المحشي بالجبنة، الشوكولا، الفاكهة والقشطة».

من مراحل صنعه

وعن مكوناته وصنعه تقول: «يصنع من الطحين، السكر، الحليب السائل، محلب ناعم، خميرة، زبدة حيوانية، والماء، ويستغرق تحضير العجينة حوالي ساعتين وبعد تمديدها تضاف الحشوات المختلفة للحصول على النكهة مميزة ثم يرش عليه السمسم أو حبة البركة للزينة».

طقس رمضاني

بدوره يتحدث "محمد فياض الفياض" باحث في التراث الشعبي عن طقوس رمضان التي يشكل تناول المعروك واحداً منها بقوله: «عند الحديث عن طوس رمضان وما يرتبط بهِ من عادات، نجد عند أهل "دمشق" ميزة لا يمكن أن نجدها عند أهل البيئات الأخرى، إذْ تفرد المطبخ الشامي "الدِّمشقي" في تقديم العديد من أصنافِ الطعامِ وأطباق الحلوى والتي أصبحت علامة فارقة بتاريخ هذه المدينة، ومن المأكولات الرمضانية الشهيرة والتي ترتبط بطقس رمضان"المعروك" الذي ربما تسميته من شدة العرك أي الخلط والدعك والعجن لكي تصبح في النهاية "خبز رمضان" وكما هو معروف على لسان الناس، وقد كانت تنفذ هذه المهنة بالطريقة التقليدية عجناً وطهياً قبل ظهور الآلات الحديثة التي وفرت الوقت والجهد، وإذا عدنا إلى تاريخ دمشق ورواسبها الثَّقافية وجدنا بأنَّ هذا الصنف من المأكولات موجود منذ زمن طويل، والبعض يقول بأنَّ هذه الأصناف الجميلة من الأطعمة ولدت من رحم هذه المدينة ومازالت مستدامة حتى يومنا هذا، وقد أطلق أهل دمشق على هذا النوع من الحلوى "خبز رمضان" لأنه ارتبط بطقس رمضان».

من النكهات الجديدة

خبز الفقير

بحسب "الفياض" حافظ أهل دمشق على العديد من الثَّقافات القديمة التي بقيت مستمرة حتى هذا الوقت بالرغم من حالات العسر واليسر التي مرت بها الدِّيار الشامية، والبعض يقول عن هذا النوع من الأطعمة بأنه أكل "الفقير" والبعض الآخر يقول هو طقس رمضاني بامتياز يقبل عليه الغني والفقير، إذْ تتكون مفردات هذا الصنف من الحلوى من مادة الطحين أي القمح السوري ذو الجودة العالية، يضاف إلى هذا الدقيق مادة الزيت النباتي والقليل من السمن البلدي قديمًا طبعاً، أمَّا اليوم فيضاف السمن النباتي والقليل من مادة السكر والماء بحيث تمزج هذه المفردات مجتمعة لتشكل لنا عجينة "المعروكة" والتي تترك لمدة ساعة تقريباً حتى تنهمر ثم تفرد بعد ذلك على أطباق معدنية وتوزع بحسب الحجم والوزن.

بساطة مكوناته

وعن التجدد الذي طرأ على هذا الصنف يقول: «توجد اليوم أصناف متعددة من خبز رمضان أي المعروك التقليدي الذي يقتصر على العجينة المذكورة والتي توضح بحبات السمسم والحبة السوداء التي تعرف شعبيًا "بحبة البركة"، ثم يتم إدخال هذه القطع إلى الفرن بغية الشي، وبعد الانتهاء من عملية الشي تدهن هذه القطع بالزيت، أمَّا الصنف الآخر والذي يسمى "المملوكي" فهو من الأصناف الخاصة يضاف إليهِ جوز الهند والزبيب المُجفف البلدي وماء الزَّهر والفستق الحلبي المبشور؛ كما أصبحت هذهِ القطع يضاف إليها حشواتٍ كانت غير متبعة سابقاً نحو مزيج التمر والشوكولاتة وربما جوز الهند وغيرها وفق الأذواق وتماشياً مع الحداثة وحاجة الناس».

ويبين "الفياض" أن هناك الكثير من الحكايات والأمثال والغناء الشعبي المرتبط بثقافة الطَّعام في المدرسة الدِّمشقية بالإضافة إلى نداءات الباعة التي تزيد من سحر وعبق شهر رمضان لأنها تمثل ثقافة المجتمعات.