مشاهد يرويها المكان وأخرى يحفظها الزمان عن دهاليز الأبرش وخفاياه، "صخور نهرية، شلالات طبيعية، ونهر فوق نهر"، مكان يقصده المستكشفون بحثاً عن المغامرة ومكامن الجمال.

تعدّ ضفاف "نهر الأبرش" مقصداً لفرق الكشافة والتخييم والباحثين عن جمال الطبيعة وهدوئها، وإذا اتجهنا مع النهر نزولاً فإننا نصادف مناطق انكسارية ذات حواف شديدة الانحدار باتجاه ضفتي النهر، تعج بالكهوف والتكهفات الطبيعية والينابيع التي تغذي مياه النهر، ويشكل الوصل إليها تحدياً لبعدها عن طريق "صافيتا – مشتى الحلو" عبر مزارع قرية "كفر صنيف" التي تبعد 13كم عن مدينة "صافيتا"، وإلى الموقع أرشدنا الأستاذ "محمود علوش" أحد مالكي الأراضي في المنطقة المقصودة، حيث عبر بنا في طريق زراعي وصولاً إلى ممر زراعي بين الأشجار، ثم منطقة "الدوار" بداية مشوارنا.

تعد المنطقة الممتدة حول نهر الأبرش في مزارع قريتنا مقصداً لمحبي التخييم والاستكشاف، وتأتي إلى هنا مجموعات شبابية، بالأخص منطقة "الدوار"، التي تضم عدة مناطق آمنة وصالحة للسباحة، وفي نفس الوقت غنية بتشكيلاتها الصخرية وغطائها النباتي

يقول الأستاذ "محمود علوش" من قرية "كفر صنيف" المحاذية للضفة الشمالية الشرقية للنهر: «تعد المنطقة الممتدة حول نهر الأبرش في مزارع قريتنا مقصداً لمحبي التخييم والاستكشاف، وتأتي إلى هنا مجموعات شبابية، بالأخص منطقة "الدوار"، التي تضم عدة مناطق آمنة وصالحة للسباحة، وفي نفس الوقت غنية بتشكيلاتها الصخرية وغطائها النباتي».

يضيف في سياق آخر: «تميزت هذه المنطقة منذ القديم، واشتهرت بشلالاتها القوية والمرتفعة، التي عرفت بين الناس بخطورتها، وفي إحدى الحوداث الغريبة التي تصف طبيعة المكان كان جدي يبني مع زميل له سداً صغيراً لرفع المياه وجرها إلى طاحون الماء المجاورة لمنطقة "الدوار" في أسفل أراضي "كفر صنيف"، وفي ذلك الموقع وحين كان يعمل على بناء حجارة السد وقع مع أدوات البناء والحجر الذي يحمله أسفل الشلال، ليغيب بعدها عن الأنظار لساعات عدة، وجده بعدها أهل القرية ممدداً على بعد حوالي 300م من موقع البناء أسفل النهر، وهي تشبه قصص الخيال في سرد أحداثها، فالرجل غاص بفعل قوة السقوط وتيارات الماء، إلى قعر المجرى حيث دخل مع المياه في سرداب مائي قاده مع جزء من مياه النهر في مجرى أسفل المجرى الرئيسي نزولاً مع اتجاه جريان النهر، حيث عثر -وفق ما أخبر الناس به– على تكهفات واسعة احتوت بعض الهواء الذي مكنه من إكمال طريقه باتجاه منفذ للضوء ضمن الماء أوصله إلى منطقة الدوار حالياً، حيث خرج منها حياً بأعجوبة إلهية».

لاحظنا في موقع السد الذي بقيت بعض مكوناته دقة التفاصيل التي يضمها المكان، سواء بالصخور الملساء الغريبة الشكل، والنتوءات الصخرية وسط المياه، و"التكهفات" الصغيرة على جانبي المجرى المائي، وفي قعره وضمن الريف الصخري المحيط بمجرى المياه، إضافة إلى تشكيلات نباتية متسلقة أضفت على المكان جمالاً وغموضاً زائدين، كما أتاحت بعض المواقع الهادئة من مجرى النهر إمكانية السباحة وتجاوز فكرة مشاهدة الجمال إلى الإحساس به، واستكشاف أعماق المياه التي تعدّ بدورها بيئة حية تمكن المستكشف من معايشة البيئة النهرية بنباتاتها وحيواناتها، عدا ما تحدث به الأستاذ "علوش" من وجود أنفاق طويلة تغوص فيها بعض مياه النهر لتعود وترتفع إلى المجرى من جديد، وهذا الأمر يعود إلى طبيعة الأرض الكلسية الملأى بالشقوق والسراديب الأرضية الواسعة.

وفي حديث له يقول الشاب الكشاف "نوار حسين" من مدينة "طرطوس"، الذي زار مع أصدقائه الكشافة منطقة "الدوار" الأشهر بطبيعتها الغامضة: «يعدّ نهر الأبرش عموماً، وهذه المنطقة الواقعة قرب "كفر صنيف" بشكل أخص بكل مكوناتها وصفتها من خطورة وغموض وجمال ثروة وطنية حقيقية يحب المحافظة عليها، فهي تستوعب السائح، والمستكشف، والباحث، حيث نجد الشلالات الصغيرة والمتوسطة، والتشكيلات الصخرية الفريدة التي تجري بينها مياه النهر، وبعضها يشكل جزراً صغيرة وسط المياه.

من جهة أخرى نلعب نحن الشباب دوراً مهماً في كشف معالم هذه المناطق الفريدة في بلادنا، وتعريف الناس بها، وبوجودها، والتأكيد على أن طبيعة بلادنا تضاهي بجمالها مناطق العالم الأخرى».

الكشاف "نوار حسين"