هي من الناحية الشكلية أشبه بمتنزه طبيعي غني بكهوفه ومياهه الغزيرة، أما في باطنها فتضم بيئة طبيعية غنية تجذب "الباحث الجيولوجي، والمستكشف، ومحبي الطبيعة والمغامرة".

في زيارة سابقة لقرية "كفر صنيف" بتاريخ 21 كانون الثاني 2014 تحدث أهالي القرية بإسهاب عن منطقة "وادي نهر الأبرش" الملاصقة لقريتهم التي تضم مجموعة كبيرة من "المغاور والتكهفات" الطبيعية، والتي تعكس -مع الجبال المحيطة بها والنهر الذي يمر في قعر الوادي- جمالاً استثنائياً، ومادة دسمة لدارسي الجيولوجيا والحركات الأرضية، عدا وعورة المكان وغناه الطبيعي، ونتيجة لأهمية المكان كان لا بد لفريق "eSyria" الاستكشافي من زيارة الوادي لتوثيقه والتعرف على خباياه، وذلك برفقة فريق "كشاف سورية – الفوج السابع" من "مفوضية طرطوس للكشافة"، شريك مدونة وطن "eSyria" في البحث والاستكشاف.

تقع هذه المغارات على جانبي "نهر الأبرش"، في الوادي الملاصق لمزارع قرية "كفر صنيف" والواقع أسفلها، الذي تحيط به مزارع الرمان من الجهتين، وهو منطقة انكسارية وعرة بصخورها وجروفها المنحدرة بقسوة، ويبدو أن هذا الانكسار الذي تسبب بكشف باطن الأرض أظهر "التكهفات" الطبيعية التي يضمها باطن الأرض والتي أصبحت مكشوفة على جانبي الوادي النهري، وهي عموماً كهوف غير عميقة، بعضها واسع تسكنه أعداد كبيرة من الخفافيش، وأخرى ضيقة لا نعرف عنها شيئاً

توجه الفريق الكشفي بتاريخ 10 أيار 2014 إلى المنطقة المنشودة برفقة الأستاذ "محمود علوش" مدرس متقاعد، ودليلنا إلى مغاور "كفر صنيف" الذي تحدث عن المنطقة بالقول: «تقع هذه المغارات على جانبي "نهر الأبرش"، في الوادي الملاصق لمزارع قرية "كفر صنيف" والواقع أسفلها، الذي تحيط به مزارع الرمان من الجهتين، وهو منطقة انكسارية وعرة بصخورها وجروفها المنحدرة بقسوة، ويبدو أن هذا الانكسار الذي تسبب بكشف باطن الأرض أظهر "التكهفات" الطبيعية التي يضمها باطن الأرض والتي أصبحت مكشوفة على جانبي الوادي النهري، وهي عموماً كهوف غير عميقة، بعضها واسع تسكنه أعداد كبيرة من الخفافيش، وأخرى ضيقة لا نعرف عنها شيئاً».

داخل مغارة "الدوار"

تبين لنا من حديث الأستاذ "محمود" بأن اهتمام أهل المنطقة انصب على بعض الكهوف الواسعة التي يعج بها المكان، في حين بقيت الكهوف الضيقة بعيدة عن دائرة اهتمام الناس، وهي التي قصدناها في بحثنا عن مغارات المنطقة، وقد شكلت "مغارة الدوّار" نقطة البداية، وهي أكبر المغاور وأكثرها اتساعاً، التي كان سبرها صعباً للغاية بسبب أعداد الخفافيش الكبيرة التي تعج بها المغارة، حيث وجدناها مغلقة على عمق يزيد على 50م مع اتساع كبير في الداخل، وفي جوار هذه المغارة تصطف مجموعة تكهفات صغيرة ومتوسطة العمق، لكنها تنتهي بشكل عام إما بإغلاق تام، أو بنهايات ضيقة للغاية قد توصل إلى ممرات أخرى أوسع، أو تستمر بشكل شقوق ضيقة باتجاه باطن الأرض، وهذه المغاور جميعها في الجهة الشمالية الغربية من "نهر الأبرش"، وقرية "كفر صنيف"، أما من جهة القرية فهناك مجموعة أخرى من الكهوف مقابلة تماماً للكهوف السابقة، وهي بالمجمل ضيقة للغاية، وليس لها أية تسميات محلية، استطعنا الولوج إلى بعضها والدخول إلى عمق 30م تقريباً مع سقف يرتفع بمعظمه 50سم كأقصى حد، في حين استمر الامتداد وسط الصخور بشكل يستعصي على "الكشاف" الدخول فيه. وفي حديث له يقول القائد الكشفي "محمد حسامو" من "فوج الكشاف السابع": «بداية واجهنا عدداً من "المغر" بعضها واسع وأخرى ضيقة، بممرات تتسع وتضيق باتجاه جوف المغارة، كذلك فهي مغاور مغلقة في نهايتها أو شبه مغلقة، لكن شكل هذه المغارات وتوزعها أثار انتباهي إلى فكرة أنها كانت في سالف الزمن كتلة واحدة في أعماق الأرض ومتصلة مع بعضها بعضاً، إلا أن انكساراً جيولوجياً أو "حركة زلزالية" أصابت المنطقة وقسمتها إلى قسمين، أحدهما تحرك باتجاه الأعلى أكثر من الجهة المقابلة، ويجري وسطهما نهر الأبرش، فانكشفت بالتالي هذه "المغر" وظهرت التفاصيل المتشعبة في توزعها وامتدادها، وفي الجهة التي توجد فيها مغارة "الدوار" لاحظنا وجود "نوازل" في سفح الانحدار الصخري، وهذا ما يدل على أن المنطقة كانت في باطن الأرض وأظهرها الانكسار، حيث يجاوز طول النازل "1م"، وفي باطن بعض المغاور أعاقت الرمال والأتربة التي رسبتها مياه الأمطار تقدمنا باتجاه الداخل، وهو ما يعطي احتمالاً لكونها أعمق بكثير، أما بشأن المياه ووجودها في عمق المغاور فقد لاحظنا وجود آثار للمياه التي جف بعضها، وبقيت كدلالة عليها بعض الأشكال الرسوبية التي خلفتها المياه المتساقطة من سقف المغارة، وأعتقد أن الانكسار الذي أصاب المنطقة حول المياه الجارية فيها إلى وجهة أخرى وجعلها جافة، أما عن قطرات الماء التي لا تزال تتساقط من سقف بعض المغاور فقيل لنا لأن الري بالطريقة القديمة "الغمر" لمزارع الرمان أوصل المياه إلى صخور المغاور وسبب تساقط المياه من سقفها.

بالعموم يشكل هذا الوادي منطقة كهوف بقطر تقريبي قدره 500م، وأعتقد أننا لو توسعنا أكثر في المناطق المحيطة لوجدنا أعداداً أخرى من المغاور التي تشكل امتداداً لهذه المنطقة، وفي معرض حديثنا لا بد من الإشارة إلى وجود عمليات بحث وتنقيب داخل بعض المغاور، حيث لاحظنا وجود بعض الكسر الفخارية، وقطع معدنية تستخدم للحفر، مع بعض آثار التنقيب في عمق المغاور».

استكشاف مغارة جديدة

وقد أشار الأستاذ "محمود علوش" إلى أهمية المنطقة سياحياً عبر قدوم مجموعات من الكشافة للتخييم في المنطقة، عدا تمثيل عدة مسلسلات سورية في المنطقة لأجوائها الطبيعية البعيدة عن تدخل الإنسان، وهو ما لمسناه خلال التنقل بين كهوف المنطقة ومناطقها الطبيعية.

الحديث مع الأستاذ "محمود علوش"