لا يقتصرُ جمالها على سحر الطَبيعة، بل يتعداها لجمالِ قلوب قاطنيها، فقريةُ "باب النور" في ريف "القدموس" امتازت عبر تاريخها العريق بمحبّة أهلها للحياة، والمحافظة على التّراث السّوري والعاداتِ الريفيّة القديمة.

مدونة وطن "eSyria" زَارت القرية بتاريخ 1 تشرين الثاني 2019، والتَقت المدرس "ثائر محمد" ليتحدث على تاريخِ وجغرافيةِ قريته قائلاً: «"باب النور" هي قريةٌ جبليةٌ تتربعُ على تلّين، وتقعُ بين مدينتي "بانياس" و"القدموس"، حيث تبعدُ عن الأولى حوالي تسعةَ عشر كيلومتراً، وعن الثّانية حوالي ثلاثةَ عشر كيلومتراً، وتتبع إدارياً لبلدية "الدّي". يجاورها غرباً قريةُ "جارة الوادي"، وشرقاً قريةُ "الدي"، أمّا شمالاً فيحدُّها قلعةُ "العليقة" الأثريَّة، ويفصلُ فيما بينهما وادٍ سيلي مؤقّت، وجنوباً قريةُ "الدويليَه"، واسم القرية مؤلّفٌ من قسمين الأوّل باب ويعني المدخل، والثّاني نور؛ ويعني الضوء فيكون معناها مدخل الضّوء أو الضّياء، حيث يعود تاريخها إلى العصري الآرامي، ويدلُّ على ذلك بعض الأثارِ القديمة الموجودة فيها من مدافن أثريّة قديمة».

تعاني القرية كما القرى المجاورة من ضعف وصول ماءِ الشُرب إلى المنازل، وهناك ضعفٌ في الصّيانة الدّوريّة لطرقات القرية، فالطُّرق تعاني من انجرافات التّربة بسبب طبيعتها الجبلية، وأعتقد أن بعدها عن مركزِ المحافظة، أدى لضعفٍ كبير في إنجازِ الصّياناتِ الدّوريّة للطُّرقات

وتابع: «تغلبُ التّربة البيضاءُ على أغلب الأراضي الّزراعيةِ فيها، إضافةً لوجودِ التُّرب الحمراء والبنية أيضاً، وصخورها كلسيّةٌ وملحيّةٌ وبازلتية بالإضافة للقليل من الصّخورِ البركانيّة، وأمّا غطاؤها النّباتي فهو عبارةٌ عن غابةٍ متوسطيّة؛ أهمُّ أشجارها السنديان والبلوط والقطلب والبطم، كما تظهرُ بالقرية آثارُ الانهدامات القديمة في بعض المناطق كاشفةً العديد من الجروف الصّخريّة متفاوتةِ الارتفاعات».

ثائر محمد

المدرس "محمود يوسف" مديرُ مدرسةِ قريةِ "باب النور" قال: «ترتفعُ قريتنا عن سطحِ البحر بحدود 750متراً في أعلى نقاطها، ويبلُغ عددُ سكّانها حوالي 1100 نسمةٍ، وهناكَ خمسُ عائلاتٍ رئيسيّة تقطنها، وهم آل "محمد"، و"رمضان"، و"عمار"، و"الشيخ علي"، و"معلا"، أمّا تعليميّاً فالقرية تخلو من الأمّية باستثناء بعض النساء اللواتي تعدّت أعمارَهنّ الستين عاماً، وهناك بعض السُّكان الحاصلينَ على شهاداتٍ عليا منذُ زمنٍ بعيد، ويتميّزُ رجالها القدماءُ بحبّ الأدبِ والشّعر، والكثيرُ منهم لمْ يدرس عروضَ "الخليل بن أحمد"؛ لكنَّ آذانهم تتذوّقُ الموسيقا الشّعريّة بشكلٍ جميل».

وأضاف: «يعمل السكان بالزراعة والوظائف الحكومية، وأهمُّ المزروعاتِ في القرية التبغُ، والقمح، وهناكَ العديدُ من أنواعِ الأشجار المثمرة منها أشجارُ الزَّيتون التي تكفي لسد احتياجات سكان القرية، بالإضافةِ لبعض أشجار التّين والجوز والكرمَة. وفي القريةِ نبعُ ماءٍ يُسمى "عين عباس" مياهه صالحةٌ للشرب إلاّ أنّها تشحُ في فصلِ الصّيف، ويبدو اهتمامُ الأهالي جليّاً بالمحافظةِ على التُراث في جلساتهم الشَعبية، وأعمالهم الزّراعيَّة».

محمود يوسف

وعن أوضاعِ القريةِ الخدميّة قال: «تعاني القرية كما القرى المجاورة من ضعف وصول ماءِ الشُرب إلى المنازل، وهناك ضعفٌ في الصّيانة الدّوريّة لطرقات القرية، فالطُّرق تعاني من انجرافات التّربة بسبب طبيعتها الجبلية، وأعتقد أن بعدها عن مركزِ المحافظة، أدى لضعفٍ كبير في إنجازِ الصّياناتِ الدّوريّة للطُّرقات».

وتابع "كامل عمار محمد" أحد السكان عن الحياة الاجتماعية في القرية بالقول: «تتميّز بوحدة البيئة والتّربية والدّمِ والعرق بين سكّانها، فهي قريةٌ متماسكةٌ اجتماعيّاً بشكلٍ كبيرْ، والمدنيَّةُ لمْ تدخل إليها بشكلٍ وحشي، وبالتّالي الوجدانيّات القديمة مازالت ظاهرة بشكلٍ كبيرٍ بين سكَّانها، فالألفةُ والمحبّةُ ميزتُها مُضافاً إليها بساطةُ العيشْ وبعد الأهالي عن التّملق والظهور بمظاهر متخلفة.

كامل محمد

يتساعدُ السّكان في إنشاءِ المشاريعِ الخدميّة الّتي تخدمُ مصالحَ القرية والمنطقةِ بشكلٍ عام، كما يتعاونون في إنتاج محاصيلهم الزراعيّة، والتي تتميّزُ بجودتها الكبيرة، ويعود السّببُ في ذلكَ لوقوعِ القرية بين البيئةِ الدافئةِ والبيئةِ البَاردة، ما أدّى إلى إنتاجِ محاصيلٍ زراعيّةٍ ذات جودة عالية».