قرية علقت طبيعياً على السفح الغربي لجبل، وأحاطت بها الجبال وعلقتها، فسميت "علقين" القرية النظيفة بهوائها وطبيعتها البكر، إلا أن هذا لم يشفع لها خدمياً من ناحية نقص المياه والحاجة إلى شق طرق جديدة تخترقها وصولاً إلى القرى الشرقية.

سكان يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم الجديرة بالاحترام، عملوا بالزراعة واستصلحوا أراضيهم لتكون متنوعة المنتجات، بحسب ما قال عنها المحامي "غياث بكور" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 16 كانون الأول 2017، وتابع: «قرية "علقين" تبعد عن مركز مدينة "بانياس" نحو 7 كيلومترات، وهي في التنصنيف الجديد للواحدات الإدارية تدعى "حي علقين"؛ أي إنها حي من أحياء المدينة، لكن هذا لم يترافق مع جودة الخدمات المقدمة لها، من حيث طريق القرية المتضيق في بدايته نحو 700 متر نتيجة معارضة بعض أهالي القرية المجاورة "المرقب" لعمليات التوسيع، وهنا لا ننكر أن الحق معهم لعدم التعويض عليهم بعمليات استملاك عقارية؛ وهو ما أثّر سلباً في الإقبال على شراء العقارات والتملك فيها، وجعلها شبه مغلقة أمام تنوع ديمغرافي سكاني وازدهار سياحي، على الرغم من جمال الطبيعة فيها والموقع العام لتوضعها جغرافياً.

تحيط بالقرية مجموعة من الجبال، وهذا منحها الاسم الذي عرفت به منذ القدم "علقين"، حيث تبدو وكأنها معلقة على سفح الجبل بين تلك الجبال التي تعلوها

ولا ننسى أن العديد من طرق القرية الداخلية بين أحيائها أيضاً ليست معبدة، ومازالت مرصوفة بأسلوب بدائي».

من اليمين المختار سعيد والموظف أحمد والمدرّس محمد والمحامي غياث

المدرّس "محمد توفيق حسين" إمام وخطيب جامع القرية، قال: «لم تتوقف حاجة القرية إلى الطريق، وإنما حاجتها أيضاً إلى تحسين واقع مياه الشرب، حيث تضخ المياه يومين في الأسبوع فقط، وهي لا تكفي أبداً لسد حاجة القرية، وخاصة في فصل الصيف؛ وهو ما اضطر الأهالي للاستعانة بنبع القرية الذي لم نستغنِ عنه يوماً، إضافة إلى عمليات شراء المياه من مناهل خاصة خارج القرية».

ويتابع: «لدينا خط مياه إسالة يصلنا من قرية "المرقب"، لكن عمليات تنظيم دور المياه غير دقيقة، ويتم العبث فيها بدل تنظيمها، وهذا دفع وحدة مياه "بانياس" إلى تلافي النقص والتقدم بمشروع مد خط إسالة ثانٍ بتكلفة عشرين مليون ليرة سورية، لكن هذا الخط الجديد لن يكون حلاً للمشكلة، لأن سوء التنظيم سيحكمه عاجلاً أم آجلاً كما سابقه، وقد قدمنا كأهالي القرية اقتراح فتح بئر فيها مع توفر أغلب متطلباتها محلياً، وبأجور أقل تكلفة من مد الخط، حيث يمكن تنظيم العمل شعبياً من قبل الأهالي إن اضطر الأمر، لكن اقتراحنا قوبل بالرفض لأسباب غير مقنعة».

من أحياء القرية

للتوضيح أكثر قال المختار "سعيد محمد حسين": «خط المياه الواصل إلى القرية من جهة قرية "المرقب" يعاني الاعتداءات غير الشرعية عليه، حيث يوجد نحو ثلاثين مواطناً يستجر المياه منه بطريقة غير شرعية، وقد سطر كتاب للسيد المحافظ بهذا الخصوص، فكان الرد تكوين لجنة للكشف على المخالفات وتسجيلها ودفع غرامات، لكن هذا لم يجدِ نفعاً، فعاد أغلبهم إلى ذات الاعتداءات.

إذاً، سوء توزيع والالتزام بدور توزيع المياه، هو العنوان الحقيقي لمشكلة المياه في القرية، حيث يتم فتح خط إحدى حارات قرية "المرقب" في يوم التوزيع المخصص للقرية والمستمر لأربعة وعشرين ساعة وفق القانون، إلا أنه لا يوجد التزام بخصوصية التوزيع للقرية فقط؛ وهو ما خلق مشكلة في عدالة التوزيع».

القرية على خريطة غوغل إيرث

حاجة القرية إلى شق طريق جديد يعدّ منفذها من الجهة الغربية، ويخترقها وصولاً إلى القرى المحيطة بها، كقريتي "بديغان" و"الزوبة"، حاجة ماسة بحسب ما أورد وتحدث به المختار، حيث ستساهم بفتح الأفق الجغرافية والديمغرافية لها، وتابع: «في القرية التي ترتفع عن سطح البحر نحو 300 متر، وتبعد عن مركز مدينة "بانياس" نحو 7 كيلومترات، ما يقارب 120 عائلة، بتعداد سكان 1500 نسمة، وفيها أيضاً أشجار زيتون معمرة؛ وهو ما يدل على عمرها الذي يتجاوز عدة قرون، بدليل وجود منازل حجرية ومن اللبن أيضاً».

الموظف في بلدية "بانياس" "أحمد عبد العالي"، قال: «تتميز القرية بعمل أبنائها بالزراعة كحرفة أساسية لمعيشتهم، وهذا العمل أشبه بالاحترافي من حيث دقته وتنظيمه، فقلما نجد مالك أرض زراعية يهمل أرضه، وكذلك نسبة الأشجار المثمرة فيها كثيرة، حيث تصل مساحتها إلى 5000 متر مربع، ويتميز أهالي القرية بطيبتهم وبساطتهم، وهذا ناتج عن انتمائهم وثقافتهم».

وتابع: «استصلح الأهالي الأراضي الوعرة، وزرعوها بمختلف الزراعات، لتكون منتجة وذات مردود اقتصادي؛ وهذا ساهم بارتباطهم بها وانتمائهم إليها، حيث توجد أشجار الزيتون المعمرة التي تعود إلى ما يزيد على عدة قرون، وكذلك أشجار اللوز وزراعة الخضراوات».

وبالعودة إلى حديث المختار، قال عن أهم عائلات القرية وأساسها: «أصول القرية تعود إلى سبع عائلات أساسية، هي: آل "عبيد"، وآل "بكور"، وآل "حسين"، وآل "طه"، وآل "عيوش"، وآل "سليمان"، وآل "عبد العال"، وآل "ياسين"».

وفيما يخص الحدود الجغرافية قال المدرّس "محمد توفيق حسين": «يحد القرية من الجهة الشرقية الشمالية قريتا "العصيبة" و"بديغان"، ومن الجهة الشمالية قريتا "خربة السناسل" و"المرقب"، أما من الجهة الغربية، فتحدها "قلعة المرقب" وقرية "البساتين"، ومن الجهة الجنوبية قرية "المسيل"».

وضع القرية جغرافياً كان سبب تسميتها منذ القدم، وهنا قال المحامي "غياث بكور": «تحيط بالقرية مجموعة من الجبال، وهذا منحها الاسم الذي عرفت به منذ القدم "علقين"، حيث تبدو وكأنها معلقة على سفح الجبل بين تلك الجبال التي تعلوها».

وفيما يخص الطقوس الاجتماعية المتوارثة، قال: «جميع الطقوس التراثية القديمة ما تزال متوارثة حتى يومنا هذا، ومنها المعايدات في المناسبات، حيث يقف الأهالي بعد انتهاء صلاة العيد مثلاً ليعايدوا بعضهم بعضاً دون استثناء، متعالين على البغض والضغائن، وبعدها يذهب الجميع لزيارة القبور، ثم يكون اجتماع العائلات في منزل كبيرها.

كما أن أي عمل في مجال الزراعة والبناء يكون جماعياً من قبل جميع أهالي القرية دون استثناء، ومنها أيضاً حين يتأخر أحد المزارعين بجني محصوله من الزيتون مثلاً، يسارع من يجاوره بالأرض لإنهاء عمله والانتقال لإنهاء عمله، وهي عادة كانت قائمة في مختلف القرى وقد اندثرت في معظمها، إلا أنها ما تزال مستمرة حتى يومنا هذا في قريتنا، وهذا ينطبق على عمليات بناء المنازل على الرغم من دخول الحداثة في تلك العمليات، ومن لا يستطيع المساهمة بالعمل يساعد بما يستطيع مالياً.

المختار "سعيد" قال: «موقع طبيعي جغرافياً متميز بهدوئه ونقاء أجوائه من مختلف الملوثات الصناعية كـ"المحطة الحرارية" و"مصفاة بانياس"، حيث لا تقترب من أجوائنا أدخنتها إلا في حال هبوب رياح شمالية، وهي قليلة الحدوث إلا في أيام معينة ومحدودة سنوياً».

بقي أن نشير إلى أن أغلب طرق القرية الداخلية والفرعية شقت ورصفت بالعمل الأهلي، ولا تزال على وضعها السابق حتى وقتنا الحالي.