سكن أهالي "حارة الوقف" في عدة مواقع جغرافية قبل استيطانهم الأخير من حوالي 300 عام على هذه الرقعة الجغرافية الصغيرة فأوقفوها كنذر لآل "شمسين"، وأسموها بالحارة تيمناً بصغر مساحتها.

مدونة وطن "eSyria" زارت قرية "حارة الوقف" بتاريخ 14 حزيران 2014، والتقت السيد "مفيد علي" من أبناء وسكان القرية ليحدثنا عن موقعها الجغرافي وحدودها، وهنا قال: «تتبع قرية "حارة الوقف" التي تتوضع على يمين الطريق الواصل بين مدينة "طرطوس" ومدينة "الدريكيش"، إدارياً لناحية "حمين"، وتبعد عن مدينة "الدريكيش" نحو سبعة كيلومتر وعن مدينة "طرطوس" نحو خمسة وعشرين كيلومتراً، ويحدها من الجهة الغربية قرية "مطرو" وقرية "حمين"، ومن الجهة الشمالية نهر "قيس وليلى" المشهور على مستوى المحافظة، أما من الجهة الشرقية فتحدها قرية "جورة الجواميس"، ومن الناحية الجنوبية يحدها "نبع الفوار"».

القرية قريبة من مدينة "الدريكيش" ومتوضعة على طريقها العام؛ وهذا جعل من السير وعملية التنقل سهلة ومؤمنة بشكل مستمر، إضافة إلى توافر جميع الخدمات الصحية والتعليمية والاتصالات

أما الجد التسعيني بالعمر "علي أحمد علي" فقال عن تاريخ القرية: «أجداد أهالي قرية "حارة الوقف" الحاليون رحلوا من قرية "بسطوار" وسكنوا فترة من الزمن في قرية "سجنو" ومثلها في قرية "جورة الجواميس" حتى استقروا في هذه الرقعة الجغرافية الحالية، وذلك من حوالي 300 عام خلت، وكانت الحالة الثقافية والتعليمية شبه معدومة في تلك الفترة واستمرت حتى مطلع الأربعينيات حيث توجه أبناء القرية البالغ عددهم نحو 500 نسمة إلى العلم والثقافة لتحسين مستواهم المعيشي الذي اقتصر على الزراعة فقط كمزارعين عند الإقطاع في المنطقة».

الجد علي أحمد علي

ويتابع الجد "علي" في توضيح سبب تسمية القرية فيقول: «أذكر أنه قبل حوالي ستين أو سبعين عاماً على ما أعتقد لم يكن تقريباً في القرية رجل يدرك القراءة والكتابة سواي، وهذا ما جعلني أبحث عن سبب تسمية القرية بـ"حارة الوقف"، وخلصت بحسب الروايات والأحاديث المتناقلة أن سبب تسميتها بدايةً بالحارة نتيجةً لصغر مساحتها الجغرافية وقلة عائلاتها وهم: آل "سليمان"، وآل "اسكندر"، وآل "يوسف"، وآل "علي"، أما بالنسبة للجزء الثاني من الاسم المركب وهو "الوقف" فهذا يعود إلى رهن القرية أو ما يعرف بالعرف الشعبي وقفها كنذر لأجل رجل طيب صالح مقرب من الله كما يقال شعبياً وبالعامية، وهذا الشخص من آل "شمسين"».

السيد "أيمن حماد علي" من أبناء وسكان القرية تحدث عن عمل أبناء القرية، فقال: «في السابق كان أغلب أبناء القرية مزارعين عند إقطاعيي المنطقة، ويزرعون القمح والشعير والذرة فقط، ومن فترة ليست طويلة تمتد نحو ثلاثين عاماً بدأ الأهالي زراعة أشجار الزيتون للإنتاج والاستهلاك المحلي فقط، أما في وقتنا الحالي فنزرع مختلف أنواع الخضار والفواكه والحبوب لأن طبيعة المناخ جيدة ومناسبة لأية زراعة.

قرية حارة الوقف

وبالنسبة للعمل الأساسي لأبناء القرية في وقتنا الحالي، فحوالي ستين بالمئة منهم ضمن العمل والوظائف الحكومية بمختلف تصنيفاتها، وعشرين بالمئة منهم يعملون بالزراعة، وعشرين بالمئة بالأعمال الحرفية».

الجدة "عزيزة حماد علي الديب" تحدثت عن الحياة الاجتماعية التي باتت تراثاً لأبناء القرية، فقالت: «في السابق كان أبناء القرية يجتمعون في موسم الحصاد وكأنهم أسرة واحدة لينجزوا عمل كل منهم، أما الآن ومع ضعف الحالة الزراعية المقتصرة على الإنتاج المنزلي فلم يبق للتعاون على العمل والجهد العضلي وجود، واقتصر اجتماعهم على الحالات الإنسانية والاجتماعية فقط كالأفراح والأحزان، حيث تجدهم أسرة واحدة يساند أفرادها بعضهم بعضاً، أي إنهم واظبوا على محبتهم ومساندتهم لبعضهم بعضاً ولكن بأمور مختلفة».

موقع القرية وفق جوجل إيرث

أما السيدة "أحلام علي" فتروي بعضاً من ذكريات التعاون والمحبة فتقول: «أذكر منذ فترة ليست ببعيدة كثيراً أنه عندما وضعت البقرة خاصة أمي مولودها الصغير وبدأت إنتاج الحليب بشكل منتظم، نظمت أمي دوراً لمن ليس لديه بقرة منتجة من جيراننا وأقاربنا لدعمه بالحليب بشكل يشعره بالمودة والحب».

الشاب "راني سليمان" من أبناء القرية تحدث عن الخدمات المتوافرة في القرية، فقال: «القرية قريبة من مدينة "الدريكيش" ومتوضعة على طريقها العام؛ وهذا جعل من السير وعملية التنقل سهلة ومؤمنة بشكل مستمر، إضافة إلى توافر جميع الخدمات الصحية والتعليمية والاتصالات».