قرية شرقي مدينة "بانياس" بحوالي سبعة عشر كيلومتراً، لها طريق وحيد تكسوه الأشجار، سكنها الملك "شيبان" من قديم الأزمان، واستقر في منازلها التراثية آخر استيطان بشري من حوالي 200 عام.

مدونة وطن "eSyria" زارت قرية "الشيباني" بتاريخ 9 أيار 2014 والتقت السيد "محسن غانم" من أهالي وسكان القرية ليحدثنا عن جغرافيتها بالقول: «في هذه القرية الريفية البسيطة يبدأ المناخ التحيز نحو الطبيعة البكر، فالهواء نقي والطبيعة خضراء تزهو مع بداية فصل الربيع ليغطي خَضارها حتى نهاية فصل الصيف المظاهر الإسمنتية العمرانية الحديثة، التي تستقر إلى جانب المنازل التراثية القديمة، ناهيك عن اتساع الرقعة الجغرافية التي تمتد طولياً بحوالي أربعة كيلومترات، تبدأ من مدخل القرية وحتى آخر منزل فيها، وترتكز على قمة الجبل مطلة ومكشوفة على الجهات الأربع، منفردة بطريق وحيد وكأنها شبه جزيرة، يخترقها وينتهي فيها.

لقد حافظ أبناء القرية على موروثهم التراثي بمختلف مكوناته ومنها التعاون والمحبة في مختلف المناسبات والأعمال اليومية وخاصة منها الزراعية

وهذا الطريق تكسو بدايته الأشجار المثمرة والجدران الحجرية التراثية المشذبة والمنحوتة بكل إتقان، كما تكسوه الأشجار الحراجية العملاقة في بعض المواقع، حيث يمكن الاستدلال على مدخله بعد قطع منتصف المسافة الواصلة ما بين مدينة "بانياس" ومنطقة "القدموس" والمقدرة بحوالي خمسة وعشرين كيلومتراً».

مختار القرية علي غانم

وإن تربية الأبقار والمواشي والدواجن سمة من سمات الاعتماد على الذات في القرية، وهنا يقول مختار القرية السيد "علي يونس غانم": «نظراً لبعد القرية عن الطريق العام ومركز مدينة "بانياس" ومنطقة "القدموس" اعتمد الأهالي البالغ عددهم نحو 800 نسمة على الاكتفاء الذاتي منذ القدم، فزرعوا كل ما احتاجوه من قمح وذرة وعدس وفول ومختلف البقوليات الأخرى، وتبغ وأشجار الزيتون، وأنتجوا العديد من مشتقات الحليب والبيض وحتى اللحوم، وذلك نتيجة اتساع الرقعة الجغرافية بما يكفي لتأمين المراعي اللازمة لإطعامها».

ولتسمية القرية نصيب من إرثها التاريخي، وهنا يقول المختار "علي": «سميت قرية "الشيباني" بهذا الاسم نسبة إلى الملك "شيبان" الذي استوطن في منطقة مرتفعة ضمن القرية تدعى "الملوعة"، حيث كان هناك طريق مرصوف بالحجارة من مملكة الملك "شيبان" وحتى نبع الماء في منتصف القرية تقريباً، وهذا وفق الحديث المتناقل بين أبناء القرية اللذين استقروا فيها كاستيطان بشري حالي من حوالي 200 عام تقريباً.

من المنازل التراثية في القرية

فهنا وجدوا المرعى والماء الذي كان ينضح من صخرة كبيرة ولكن استصلحته الحكومة وبنت خزان تجميع إسمنتياً مغلقاً».

أما بالنسبة للعائلات التي أسست قرية "الشيباني" فهي قليلة مقارنة مع بقية القرى المحيطة بها، وعنها يقول ابن القرية السيد "أسامة عباس" الموظف في الموارد المائية: «استقرت في هذا الموقع الجغرافي عائلتان هما: آل "غانم"، وآل "إسماعيل"، وتفرعت منهما بقية العائلات كآل "صالح"، وآل "عباس" مؤسسين أسماء العائلات المعروفة حالياً والمنتشرة على جزء بسيط من رقعتها الجغرافية البالغ مساحتها نحو 1800 كيلومتر مربع تقريباً، التي يحدها من الجهة الغربية وادٍ سحيق ملاصق لقرية "تالين" ومن الجهة الجنوبية قرية "مرشتي"، ومن الجهة الشرقية قرية "رام حزير"، ومن الجهة الشمالية قرية "اسقبلة" التي يبدأ مدخل قريتنا من نهايتها تقريباً».

موقع القرية وفق جوجل إيرث

ويتابع السيد "أسامة": «في القرية هوة طبيعية كبيرة غير مكتشفة بشكل كامل لأن أحداً من سكان القرية لم يجرؤ على النزول فيها، إضافة إلى العديد من المغاور الجبلية التي كان أبناء وأهالي القرية يستخدمونها لإخفاء المواشي فيها تهرباً من الضرائب زمن الاحتلال.

كما تنتشر في القرية أشجار السنديان والبلوط المعمرة جداً، وتعيش في أحراشها طيور الحجل والعديد من الطيور البرية الأخرى وحيوانات متنوعة كالخنزير البري والأرنب والغرير والثعلب».

كما يوجد في القرية بحسب حديث السيد "منير عباس" أحد سكانها، العديد من المنازل التراثية ومنها منزل قديم جداً مازالت آثاره قائمة شاهدة على تاريخه المؤرخ على قناطره العقدية بتاريخ 1652، مضيفاً: «لقد حافظ أبناء القرية على موروثهم التراثي بمختلف مكوناته ومنها التعاون والمحبة في مختلف المناسبات والأعمال اليومية وخاصة منها الزراعية».

أما عن الواقع الخدمي فيقول السيد "منير": «تتوافر في القرية أغلب الخدمات الحكومية، ولكن ينقصنا تأمين خط سير ملتزم بأبناء القرية ينقلهم من وإلى المدينة، إضافة إلى نقل بناء خزان المياه الأساسي الأرضي جانب المقبرة، وبنائه كما كان مقرراً هوائياً مرتفعاً حرصاً على سلامة المياه من التلوث التي باتت تهدد سلامة صحتنا البدنية».