قرية زراعية سياحية تشتهر بينابيعها وأنهارها وبساتينها، في حين لاتزال سدودها شاهداً على حضارة زراعية قديمة، مازالت تنافس بعطائها تقنيات السدود والزراعة الحديثة.

"كفر صنيف"، أو "المزرعة الخضراء" باللغة "السريانية"، تقع على سفح جبلي واسع يبعد عن مدينة صافيتا نحو 15كم، وتمتد باتجاه "وادي نهر الأبرش" الذي يشكل سهلاً واسعاً وطويلاً يبلغ عرضه 2كم، ويمتد مسافة 6كم وصولاً إلى بحيرة "سد الأبرش"، ما جعل المنطقة غنية بمياهها وخصبة بتربتها وثرية بمكوناتها الطبيعية "ينابيع، كهوف، غطاء نباتي كثيف،.."، وساهم في قيام حضارة زراعية قديمة حديثة لاتزال مظاهرها قائمة على طول الوادي النهري.

حيث يقوم المزارعون بتقسم المياه بينهم بالتساوي خلال أيام الأسبوع، عبر قنوات الجر "السواقي" التي تزيد غزارة الواحدة منها على 20 إنشاً، التي كانت تسقي قديماً حقول "الذرة، والبقوليات، والخضراوات"

عن ذلك يتحدث لمدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 21 كانون الثاني 2014، الأستاذ "عادل يوسف" مدرس من القرية: «تقع قرية "كفر صنيف" في نصف المسافة بين مدينة "صافيتا"، و"مشتى الحلو"، وينال موقعها أهمية كبيرة على "وادي نهر الأبرش"، ومنها تتفرع عدة طرق باتجاه منطقة "قلعة الحصن"، وباتجاه قرية "زوق بركات"، كذلك الطرق الفرعية الخدمية العديدة بين بساتين القرية، عدا وقوعها على طريق "صافيتا - مشتى الحلو".

تشير الدلائل الأثرية إلى قيام حضارة قديمة في القرية ومحيطها بقي من آثارها الواضحة بعض "النواغيص" و"مغارة أثرية" قام الإنسان قديماً بنحتها في الصخرة حيث يخرج منها نبع ماء، كذلك الأمر كنا نجد في محيط المنطقة قطعاً فخارية وأدوات معدنية، وقطع حجرية تشبه المكعبات وتبلغ أبعادها 2سم، وأعتقد بأن هذه المكعبات كانت جزءاً من لوحات جدارية أو وسيلة لتزيين بعض الجدران؛ حيث إننا كنا نلاحظها بكميات كبيرة قبل استصلاح الأراضي الزراعية في المنطقة، علماً أن هذه الفرضيات تحتاج إلى دراسات أثرية عميقة.

من جهة أخرى فقد شكل السد الصغير "سكر نهري" الذي بناه أجدادنا بسواعدهم على مجرى "نهر الأبرش" منذ عدة قرون دليلاً كبيراً على قيام حضارة زراعية متقدمة استخدمت القنوات لجر المياه إلى مسافات بعيدة –عدة كيلومترات- بين بساتين القرية، وهي الطريقة التي مازالت متبعة لحد اللحظة، ما جعل قريتنا الأولى على مستوى "سورية" في إنتاج ثمار "الرمان"، مضافاً إليها إنتاج كميات كبيرة من "الحمضيات"».

الأستاذ "عادل يوسف"

من جهته يؤكد الشاب "علي خليل" من أهل القرية أن الينابيع الغزيرة "عين مرعي، عين المغارة، عين التينة..."، ونهر "الأبرش" ساهمت في جعل "كفر صنيف" وجهة سياحية هامة، كما أن منطقة الوادي المحيطة بالنهر تحتوي الكثير من "التكهفات الصخرية"، والمغاور الضخمة التي يمتد بعضها عميقاً في الأرض، عدا التشكيلات الصخرية الجميلة وسط مجرى النهر وفي محيطه، التي يتخللها غطاء نباتي يزيد الموقع سحراً وجمالاً، ما جعل المنطقة المحيطة بقريتنا تزدهر سياحياً عبر العديد من المراكز السياحية.

في جانب آخر تحدث مختار القرية السيد "محمد علي السيد" عن النظام الزراعي القديم الحديث الذي جعل من "كفر صنيف" الأولى على مستوى البلاد في إنتاج "الرمان": «حيث يقوم المزارعون بتقسم المياه بينهم بالتساوي خلال أيام الأسبوع، عبر قنوات الجر "السواقي" التي تزيد غزارة الواحدة منها على 20 إنشاً، التي كانت تسقي قديماً حقول "الذرة، والبقوليات، والخضراوات"».

أما زراعة "الرمان" فقد أكد أنها زراعة قديمة: «كانت منذ عدة عقود مقتصرة على بعض أشجار "الرمان الحلو" الخالي من البذور، ثم تطورت هذه الزراعة بسرعة كبيرة إلى أنواع الرمان الأخرى وصولاً اليوم إلى ما يزيد على 30 ألف شجرة رمان يتم تسويق إنتاجها في أسواق "حمص ودمشق"، ويحول أهل القرية قسم من إنتاج "الرمان" إلى "دبس رمان" هو الأجود على الإطلاق في "سورية"، في حين تأتي الحمضيات بأنواعها في المرتبة الثانية وتحتل مساحات واسعة، وصولاً إلى المدرجات الجبلية التي زرعت جميعها بالزيتون وصولاً إلى كامل المساحة المحيطة بالقرية».

يضيف: «يبلغ عدد سكان "كفر صنيف" 2300 نسمة، وتتبع إلى بلدية "بدادة"، وإلى بلدة "السيسنية" التي تشكل مركز "ناحية"، في حين تقع المنطقة مجتمعة ضمن قطاع مدينة "صافيتا"، أما تنظيم القرية فقد بدأ في حدود عام 2000، حيث ساهم المخطط التنظيمي في نمو حركة البناء العقاري التي مازالت تشهد مستويات عالية من النمو، وتقسم القرية إلى قسم قديم وهو يشكل مركز القرية حالياً بمنازله القديمة والمتلاصقة، وصولاً إلى التوسع الذي حصل في محيط القرية، والذي يشكل الجزء الحديث من القرية.

تضم القرية عدة مراكز خدمية حكومية من مدرستين للتعليم الأساسي، ومستوصف قيد البناء، إضافة إلى إرشادية زراعية، ووحدة للإطفاء، وفرن آلي ضمن حدود القرية مع المناطق المجاورة».

قديماً كانت "كفر صنيف" منطقة مزدهرة بزراعة "التفاح" بنوعيه الأخضر والأحمر، إضافة إلى التفاح البلدي الصغير، لكن تغيرات المناخ قضت على هذه الزراعة وتم استبدالها بالزيتون والرمان والحمضيات.