تميزت بموقعها الجغرافي كمحطة واستراحة للعابرين وإنتاجها الزراعي، فهي تقع على طريق "الحرير" في منطقة تصل الساحل مع الداخل.

إنها قرية "الحطانية" التابعة لمدينة "بانياس" التي زارتها مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 7/10/2013 والتقت السيد "نوفل علي ميهوب" رئيس جمعيتها الفلاحية سابقاً، الذي تحدث عن موقعها الجغرافي وطبيعتها المناخية بالقول: «يعد الموقع الجغرافي لقرية "الحطانية" موقعاً مميزاً بارتفاعه حوالي /700/ متر عن سطح البحر، ما انعكس على طبيعتها المناخية وجعلها منطقة "اصطيافية" بامتياز، ومن المعروف أن هذا الموقع هو في نهاية خط العبور من الساحل إلى الداخل وبالعكس، ما جعل مناخها جبلياً معتدلاً، فهو منعش صيفاً وبارد مثلج شتاءً.

من العائلات الأساسية في القرية آل "ميهوب" وآل "سليمان" وآل "علي" وآل "حمود" وآل "إسماعيل" وآل "رحال" وآل "نور الدين" وآل "حسن"

فـ"الحطانية" قرية كبيرة بمساحتها وتعدادها السكاني وقد كانت منذ سنوات سابقة، بلدة لها استقلاليتها الإدارية، لكنها عادت إلى تصنيفها الإداري كقرية لضعف الموارد المالية، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي /4500/ نسمة، وتشتهر بزراعة "التبغ" في المرتبة الأولى والأشجار المثمرة وعلى رأسها شجرة الزيتون، إضافة إلى زراعة القمح رغم قلة "الحيازات" الزراعية المخدمة بالطرق أو التي يمكن أن نقول عليها معدومة، حيث نعتمد لاستثمار حقولنا على طرق المرور الفردية، وتتميز هذه الحقول بالطبيعة الجبلية الصعبة.

السيد "نوفل ميهوب"

ورغم صعوبة ووعورة الوصول إلى حقولها الزراعية إلا أن بعض الأهالي قاموا بزراعة أشجار مثمرة كأشجار الكرز والخوخ والإجاص والأشجار التي تحتاج إلى ساعات برودة معينة معتمدين على طبيعة المناخ الباردة لفترات طويلة من السنة، ولأن تربة القرية تميزت بالتعددية فمنها: الحمراء والبيضاء والسوداء والرملية والكتيمة والغريقة، وهذا نتيجة تموضع القرية على عدة جبال واختلاف طبيعة هذه الجبال فيما بينها من حيث تكوينها الجيولوجي».

الجد "كامل سليمان ميهوب" تحدث عن عزيمة أبناء القرية التي أدركها خلال سنواته الأربع والثمانين، فقال: «تميز أبناء القرية بعزيمتهم وإرادتهم الصلبة وتكرس هذا باستصلاحهم لحقولهم الزراعية باليد العاملة دون دخول الآليات الحديثة إليها لعدم إمكانية ذلك أو المساعدة فيه، حيث إن أدواتهم كانت ومازالت "المعول والمجرفة"».

وتابع: «تطورت القرية القديمة وحدثت منازلها على عدة مراحل فمن المنازل المبنية من الحجارة الغشيمة وأسقفها الطينية إلى المنازل المبنية من الحجارة المشذبة وأسقفها الإسمنتية، إلى المنازل الحالية ذات التصاميم الجميلة والحديثة التي واكبها أبناء هذا الجيل في اغترابهم وعملهم في "لبنان"، فأغلب شباب القرية يعملون أعمالاً حرة وفي شركات خاصة فيها بعد الانتهاء من مراحل التعليم وخاصة منها الجامعية، وهنا يمكن القول إن العمل في "لبنان" بداية حياة كل أسرة جديدة لدينا، وذلك نتيجة الأجور المرتفعة التي يحصلون عليها هناك».

وعن تسمية القرية حدثنا السيد "محمد ميهوب" قائلاً: «حول تسمية القرية هناك عدة روايات وقصص تراثية وتاريخية وجميعها تنتهي إلى المعنى ذاته، باعتقادي فإن القرية تقع جغرافياً على خط طريق "الحرير" الواصل بين الساحل والداخل، وكانت القوافل تقصد نبع القرية للاستراحة عنده فيقولون عنه محطة استراحة، وكانت تلفظ وفق اللهجة الآرامية "حتانية" أي محطة الاستراحة ومع مرور الوقت حرفت الكلمة وفق اللهجة المحلية الشعبية، وبقيت محافظة على ذات المعنى وأصبحت "حطانية".

قرية الحطانية وفق "جوجل" إرث ضمن الدائرة السوداء

وفي رواية أخرى قيل إن النساء النشيطات العاملات في القرية كن خلال مراحل نقل سنابل القمح وبقية المزروعات يضعن أغراضهن الشخصية وحطب مواقدهن على رؤوسهن، ولوعورة الطريق كن يسترحن جانب نبع القرية ويطلقون عليه كلمة شعبية أهلية هي المحطة أي موقع الاستراحة، ومع مرور الأيام حرفت الكلمة إلى "حطانية".

وفي رواية أخرى قيل إنه جاء شقيقان إلى هذه المنطقة واختار كل منهما موقعه السكني وأجاب أحدهما الآخر عند الاستفسار عن موقع أخيه "حطينا النية هنا"، وأصبح يقال عنها مكان حط النية، ومع مرور الأيام حورت الكلمة وأصبحت "حطانية"».

وفي لقاء مع المختار "علي عبد الله حمود" تحدث عن حدود القرية بالقول: «يحد قرية "الحطانية" من الجهة الشرقية قرية "جوفين" وقرية "جارة الوادي" ومن الجهة الغربية قرية "مرشتي" ومن الجهة الشمالية قرية "اسقبلة" ومن الجهة الجنوبية قرية "العامودية".

وتتبع لها عدة مزراع منها مزرعة "بيت الميسرة" شرق القرية على حدود قرية "جوفين"، ومزرعة "رام حزير" غرب القرية، ومزرعة "بيت المروية" في بداية مدخل القرية على الطريق العام، ومزرعة "الوادي".

وفي القرية نبع ماء دائم الجريان كان المصدر الوحيد للمياه لسنوات طويلة، أما حالياً فنستخدم شبكات الري الحكومية، والقرية شبه مغلقة طرقياً فلا يوجد لها إلا مدخل واحد يخترقها وصولاً إلى مركز القرية».

وأضاف: «تجمع بين سكان القرية عادات اجتماعية متوارثة في مختلف المناسبات بعيداً عن الخلافات والمناقشات الشخصية الحادة التي لا تخلو منها كل قرية بشكل عام، وقد انتشرت في القرية الكثير من الحرف التراثية منها: صناعة "المحراث الخشبي" وصناعة "أطباق القش" و"السانونة" الخاصة بـ"مقلي الفخار"، إضافة إلى صناعة ونحت "الجرن الحجري" الخاص بقشر حبات القمح لزوم الطهو».

أما السيدة "عائدة ميهوب" فذكرت لنا الأسماء الأساسية لعائلات القرية: «من العائلات الأساسية في القرية آل "ميهوب" وآل "سليمان" وآل "علي" وآل "حمود" وآل "إسماعيل" وآل "رحال" وآل "نور الدين" وآل "حسن"».

وختمت حديثها السيدة "عائدة": «خدمياً وبشكل عام القرية مخدمة بالكامل بشبكة صرف صحي جيدة ما عدا الحارة الغربية منها، ما شكل عبئاً على الأهالي في كيفية التعامل مع هذا الأمر، أما زراعياً فالقرية تعتبر في المرتبة الأولى على مستوى منطقة "القدموس" في إنتاج "التبغ"».