على تلة ارتفعت حوالي /850/ متراً عن سطح البحر استوطن سكانها، وحافظوا على خيراتها وسخروا ثمارها ونباتاتها الطبيعية لاستمرار حياتهم فيها حيث لم يلجؤوا إلى غيرها من القرى.

إن "قرية تلة" الغافية على السفح الجنوبي الغربي من غابة "تلة" كانت مقصد مدونة وطن eSyria بتاريخ 28/3/2013 حيث التقت السيد "سهيل حسن" من أبناء القرية الذي تحدث بداية عن تاريخ وعمر القرية من حيث الاستيطان البشري فيها، وهنا قال: «بحسب معلوماتي المتناقلة عن الأجداد كان موقع قريتنا القديمة التي تعود إلى حوالي أربعة أو خمسة قرون تقريباً، على السفح الغربي تماماً من غابة "تلة" المعروفة على مستوى الساحل، وهي ليست ببعيدة أبداً عن موقع القرية الحالي، ودلائل القرية القديمة الأحاديث المتناقلة ووجود بقايا منازل تراثية حجرية وانتشار العديد من الآبار الكفرية في السفح الغربي منها، إضافة إلى الكثير من الكسر الفخارية ومرابط الخيل حيث إن هذا الموقع يعرف منذ القدم شعبياً بموقع "القلعة".

لم تعرف زراعة أشجار الزيتون لدينا سابقاً وكان اعتمادنا على الزيوت ومشتقاتها، وعلى الحليب ومشتقاته، لذلك فإن تربية المواشي لدينا حرفة تراثية منذ القدم نتقنها ونتقن الاستفادة منها، ونسوق منها إلى بعض الأسواق المجاورة كالاستراحات والمقاصف على طريق عام "القدموس- مصياف" وهي منتجات مطلوبة منا وبكثرة لجودتها

إن هجرة أبناء هذا الموقع "القلعة" منذ القدم ساهم في انتشار أبناء القرية في العديد من القرى والمناطق المجاورة والبعيدة ومنها مثلاً قرية "الدويلية" التابعة لمنطقة "القدموس" حيث يوجد عائلة كبيرة تعرف باسم "آل تلة" نسبة لقريتهم الأولى وهي "تلة"».

السيد "سهيل حسن"

وعن موقع القرية وأهم ميزات هذا الموقع يقول السيد "سهيل": «رغم بعد قرية "تلة" التابعة لناحية "برمانة المشايخ" في مدينة "الشيخ بدر" عن شاطئ البحر وارتفاعها الكبير عنه الذي يصل إلى حوالي /850/ متراً فإن لها اطلالة بحرية رائعة يظهر فيها البحر المتوسط بأبهى حلله وصفاء سمائه ومياهه، وهذا نتيجة لتربع القرية على سفح تلة مكشوفة من مختلف الاتجاهات، فمن الجهة الجنوبية يحدها قرية "حمام قنية" ومن الجهة الشرقية يحدها قرية "قنية"، ومن الجهة الشمالية يحدها قرية "المقرمدية" وقرية "الشعرة"، أما من الجهة الغربية فيحدها قرية "بسقاي" وجميعها تقريباً أخفض منها من حيث الارتفاع، وهذا الارتفاع وهذا الموقع باعتقادي هو من منحها التسمية "تلة"».

ويضيف: «أما من ناحية السكان فجميعهم من أبناء القرية منذ القدم، ما عدا عائلة واحدة تعرف بـ "آل موسى" استوطنت في القرية منذ زمن بعيد وأصبحت جزءاً من نسيجها الاجتماعي والديموغرافي العام، وهو ما أدركته من والدي المعمر في القرية، ومن أهم العائلات في القرية "آل حسن" المعروفون بـ "آل القاضي" و"آل برهوم" و"آل شاهين" و"آل حمود" و"آل عطية"، حيث يبلغ عدد السكان حوالي /1000/ نسمة، وتبلغ نسبة المثقفين فيها حوالي خمسين بالمئة نتيجة الحالة الاجتماعية والمعيشية المعتمدة على الذات في كل شيء».

الجدة "أميرة"

وفي لقاء مع الجد "محمد علي حسن" المختار السابق للقرية قال: «يعتمد جميع الأهالي هنا على الزراعة وخاصة زراعة التبغ والقمح والمزروعات المنزلية كالهندباء والبقدونس والفجل والسلق وغيرها من الأعشاب المغذية، والحبوب كالعدس والحمص، وهذه الزراعات قديمة جداً في قريتنا، فنحن تربينا على استثمار الحقول الزراعية بشكل كامل لأنها مصدر رزقنا وعلاقتنا بحقولنا علاقة وثيقة جداً. وحتى الآن نحاول تقسيم حقولنا القريبة من المنازل إلى حواكير وعزقات صغيرة لزوم زراعة الاحتياجات المنزلية اليومية والموسمية التي لا نشتري منها شيئاً على الإطلاق، بل نبيع لمختلف المناطق المحيطة، وزراعاتنا معروفة ومرغوب بها في جميع الأسواق المجاورة، ولو توافرت المياه بشكل أفضل لدينا لكانت زراعاتنا أفضل بكثير ومنافسة أكثر في الأسواق البعيدة من هنا».

وعن طبيعة العلاقات بين أبناء هذا المجتمع الريفي النقي يقول الجد "محمد": «علاقات الناس رائعة جداً، فهم ما يزالون يعيشون على بساطة العلاقات، والجميع تراهم يداً واحدة في السراء والضراء، وخير مثال على هذا أنني حين اقترحت أن نبحث عن مصدر جيد للمياه في القرية ساندني الجميع وعمل معي يداً بيد، ولم يتنصل أحد من المساعدة لأي عذر كان حتى تم إنهاء المشروع وخروج المياه وبدء توزيع المياه عبر لجان أهلية».

موقع قرية تلة ضمن الدائرة السوداء على جوجل إيرث

ويتابع الجد "محمد": «عرف أبناء القرية على مستوى المنطقة بقوتهم وعزيمتهم على العمل الحقلي وغير الحقلي، فكانوا مثلاً عند شق الطرق الزراعية ومواجهة أي صعوبة في إزاحة صخرة كبيرة يجتمعون عليها ويقتلعونها من أرضها، حتى إنهم في موسم تقليم الأشجار يجتمعون ويقلمون الغابة، وحتى إن هؤلاء الرجال عرفوا بارتباطهم بتراثهم الثقافي فأغلب معمري القرية مازالوا يرتدون اللباس الشعبي التقليدي، وهو بالنسبة لهم مفخرة وتراث يجب المحافظة عليه».

الجدة "أميرة محمود حسن" قالت: «لقد كانت المرأة رفيقة الرجل في مختلف الأعمال التي كان يقوم بها حتى العمل بالحقل، وما تزال حتى الآن فمنهن من تربي المواشي، ومنهن من تهتم بالزراعة، ومنهن من تهتم بالصناعات الغذائية التراثية، فأغلب النساء هنا ما تزال تقوم بصناعة "هبول التين" التراثي لزوم مؤونة الشتاء ولزوم التجارة في مختلف أنحاء المنطقة إضافة إلى "التين المسطوح" والمربيات المتنوعة، فقريتنا قرية زراعة أشجار التين بامتياز، لأن مناخنا البارد مناسب جداً لنموه بمختلف أنواعه وأشكاله، وينمو لدينا مثلاً "التين الغرزي" و"الرملي" و"الأحمر" و"السماقي" و"البورطاطي" و"الشبلاوي" و"الشتوي" الذي يبقى لشهري تشرين تقريباً ويزيد».

إن طبيعة الأهالي ونسبة المعمرين ساعدهم على الاعتماد على منتجات هذه القرية الطبيعية مئة بالمئة، وهنا تقول الجدة "أميرة": «لم تعرف زراعة أشجار الزيتون لدينا سابقاً وكان اعتمادنا على الزيوت ومشتقاتها، وعلى الحليب ومشتقاته، لذلك فإن تربية المواشي لدينا حرفة تراثية منذ القدم نتقنها ونتقن الاستفادة منها، ونسوق منها إلى بعض الأسواق المجاورة كالاستراحات والمقاصف على طريق عام "القدموس- مصياف" وهي منتجات مطلوبة منا وبكثرة لجودتها».

يشار إلى أن قرية تلة تبعد عن مدينة "طرطوس" حوالي خمسة وخمسين كيلومتراً تقريباً.