كثيرة هي الأمكنة التي جاوزت حدود الزمان لتسكن داخل دائرة الحياة وتؤسس فيها لتصبح أحد رموزها الخالدة التي لا غنى عنها، أحد الرموز التي تذكرنا بحدث ما ربما أو حتى بذكريات الطفولة الخالدة أبداً في نفوسنا.

سنعرفكم على أحد هذه الأمكنة من خلال الرحلة التي قمنا بها بتاريخ (22/10/2008) إلى مدرسة "اصطفان" وما تحويه جدران تلك المدرسة من القصص والحكايات، تلك الرحلة التي أخذنا بها السيد "منذر اصطفان" حيث قال: «تأسست مدرسة "اصطفان" سنة (1953) بناء على حلم أبي رحمه الله في تأسيس دار للعلم والتعليم عرفت باسم الثانوية الأهلية الخاصة ولكن ولكثرة ما أحب الناس والطلاب أبي كانوا يدعونها بمدرسة "فايز اصطفان" تيمناً به».

تأسست مدرسة "اصطفان" سنة (1953) بناء على حلم أبي رحمه الله في تأسيس دار للعلم والتعليم عرفت باسم الثانوية الأهلية الخاصة ولكن ولكثرة ما أحب الناس والطلاب أبي كانوا يدعونها بمدرسة "فايز اصطفان" تيمناً به

وأضاف: «بدايات المدرسة كانت شقة صغيرة وبسبب تقسيم الارث انتقلت المدرسة إلى بناء البعثة العلمية الفرنسية المعروفة بـ "اللاييك" واستمر التدريس فيها حتى عام (1984) حيث تم استملاك العقار، ولأن أبي كان يرغب بشدة باستمرار هذه المدرسة لما كانت تعني له، نقلها إلى بيتنا ومحل سكننا واستأجرنا نحن بيتاً في مكان آخر فهذه الغرفة التي نجلس بها الآن كانت غرفة الطفولة والغرفة التي ولدت بها».

وتابع السيد "اصطفان" كلامه قائلاً: «كان يرتاد هذه المدرسة الطلاب من كافة أنحاء القطر العربي السوري ومن لبنان الشقيق وهذا كله بسبب السمعة الحسنة التي عرفت وتميزت بها هذه المدرسة على مر الاجيال وأعتز وأفخر حين أقول أن هذه المدرسة خرجت أجيالا متلاحقة من المهندسين والأطباء والمسؤولين الذين تبوؤوا المراكز القيادية العليا، ربما كان السبب وراء نجاح هذه المدرسة واستمراريتها هو العلاقة الأبوية التي كانت تربط الطلاب بأبي فقد كان لهم نعم الأب حيث لا زلت أذكر كيف كان يستقبلهم في مكتبه ليتناقش معهم بمشاكلهم ويساعدهم ماديا ومعنويا لإيجاد الحل لها ويشجعهم بشتى الوسائل لنيل الشهادات العليا التي تؤهلهم ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع، وهذا ما حفزني على الاستمرار بهذه المدرسة رغم أن مكانها يؤهلها لأن تكون منشأة سياحية ضخمة فهي تقع وسط الكورنيش البحري ولكني سأحافظ عليها ما حييت احتراماً لذكرى هذا الانسان العظيم الذي كان اسمه "فايز اصطفان" والذي لن يغيب عن ذاكرة طلابه وأبنائه».

لقد ارتبطت هذه المدرسة بمدينة "طرطوس" حتى صارت ماركة مسجلة باسم هذه المدينة التاريخية العريقة والتي لا زالت تحوي العديد من الأمكنة المجهولة بالنسبة للكثيرين منكم والتي سنخبركم عنها وعن حكاياتها.