بدأت الرحلة من بقالية صغيرة في قريته، لكنها لم تكن تجربة ناجحة؛ لتقوده الأقدار اليوم إلى مشغل التحف الفنية واليدوية الذي أنشأه وسط مدينة "طرطوس".

"أقرب إلى الخيال"؛ هكذا يصف "فراس حسن" تجربته، ويقول لمدونة وطن "eSyria" التي زارته في مشغله بتاريخ 19 آذار 2015: «قرض بسيط بقيمة مئة ألف ليرة سورية اقترضته من هيئة مكافحة البطالة عام 2005، كان طاقة الأمل التي انطلقت منها لتحقيق هدفي؛ فبعد أن عملت بالنجارة وتقليم أشجار الزيتون، وعملت حتى كحمّال وحفّار؛ شعرت بميل لتجارة الهدايا المتواضعة وصور الفنانين والمناظر الطبيعية وغيرها، فسافرت إلى مدينة "حلب" لأشتري دفعةً من المطبوعات الملونة، وعندما قمت بتوزيعها في مدينة "طرطوس" وجدت تفاعلاً من تجار المحال، فقررت أن أفتح محلاً متواضعاً خاصاً بذلك معتمداً على القرض الذي على الرغم من قيمته البسيطة؛ كان باباً لتحقيق الأحلام».

في البداية قمنا بصناعات يدوية خفيفة لا تتعدى التعامل مع مواد بسيطة كأوراق النايلون الشفاف والورود الصناعية، وإضافات تعد صغيرة لكنها تضفي مزيداً من الجمال على القطعة؛ كحبات الصنوبر وقشور الأشجار اليابسة الملونة، وغيرها من مواد طبيعية بسيطة

يقول "علام ميهوب" أحد العمال المتواجدين في المشغل: «في البداية قمنا بصناعات يدوية خفيفة لا تتعدى التعامل مع مواد بسيطة كأوراق النايلون الشفاف والورود الصناعية، وإضافات تعد صغيرة لكنها تضفي مزيداً من الجمال على القطعة؛ كحبات الصنوبر وقشور الأشجار اليابسة الملونة، وغيرها من مواد طبيعية بسيطة».

"علام ميهوب" يتحدث عن القطع الفنية المعروضة

ويتابع الحديث عن المواد الأولية التي تدخل في صناعة منتجاتهم اليدوية: «نستخدم عيدان الكبريت في صناعة سلل الورود ومجسمات السفن الشراعية، ونحاول الاعتماد على مواد أولية بسيطة مع التركيز على التصميمات الجذابة التي يصممها لنا مدير العمل؛ الذي اكتسب خبرةً في برامج التصميم والرسوم بأنواعها، ليدخل بذلك تصاميم جديدة تلفت الزبائن وتشعرهم بالتميز والتفرد، والعمال الخمسة المتواجدون في المشغل يحاولون إنجاز هذه التصاميم بدقة».

وحول المردود المادي يتحدث "فراس حسن" بالقول: «كانت البداية صعبة من حيث المردود المادي، لكن الرغبة في ابتداع مزيد من الأفكار المتميزة عما هو موجود في السوق كانت مصدراً لجذب الزبائن وتحسين المردود قليلاً، ووضعت ضمن أولوياتي إنتاج قطع مقبولة الثمن وفي نفس الوقت متميزة في الشكل الخارجي، وبمرور الوقت تطور العمل وبدأت التوزيع في كافة المحافظات».

المواد الأولية تتحول إلى قطع فنية وفق تصاميم جذابة

وبالنسبة إلى تأثر عمله بظروف الأزمة يوضح بالقول: «لا شك أن الأزمة أثرت في عملي؛ خصوصاً أنني كنت أوزع منتجات مشغلي في كافة المحافظات، أما اليوم فالتوزيع يقتصر على محافظتين أو ثلاث، كما أنني كنت أعتمد في الحصول على بعض المواد الأولية الضرورية من تجار "حلب" و"دمشق"، واليوم أعتمد على تجار يستوردون تلك المواد من "الصين" وبعض الدول الأخرى، فأحصل عن طريقهم على الشموع والورود الصناعية وغيرها من المواد اللازمة».

يقول "أوس زغيبي" أحد الزبائن ممن صادفناهم في صالة العرض الأساسية التي أنشأها "فراس حسن" بعد مدة من إنشاء المشغل ليعرض فيها أهم منتجاته، ويقول: «تنتشر فكرة خاطئة أن القطعة الرخيصة الثمن تترافق معظم الأحيان بصبغة عدم الإتقان في الصنع، كما تكون غير جذابة المظهر، لكنني أجد في هذه الصالة قطعاً جميلة ومقبولة الثمن وتواكب كافة المناسبات السنوية، وأمام هذا الغلاء الفاحش الذي نجده في أسواقنا اليوم؛ أجد في هذه الصالة ما يلبي رغبتي في شراء هدايا جيدة ورخيصة الثمن، وتصنع بأشكال مواكبة للعصر ودائمة التجدد».

"فراس حسن" يتحدث لمدونة وطن عن طبيعة العمل في المشغل

يتعاون "فراس حسن" مع بعض الورشات المتواجدة في المنطقة الصناعية، بعضها متخصص في حفر الليزر، وبعضها في تقطيع الخشب، إضافة إلى محال الزجاج لتقطيع ألواح الزجاج إلى أحجام يحددها هو بنفسه، وحول ذلك يوضح قائلاً: «أحاول أن أدير العمل بذهنية مدروسة قدر المستطاع، فأحرص على تصميم المواد الصناعية بدقة من دون زيادة أو نقصان، محاولاً الابتعاد عن الهدر قدر الإمكان، والاستفادة من أصغر قطعة بين يدي، إذ أعتقد أن الاستثمار الأمثل للمواد إضافة إلى عدم الهدر، يعدّان من عوامل النجاح في أي عمل».

تقول "بشرى عبود" من العاملات في المشغل: «أحد أساليب العمل يتم عبر إرسال مدير العمل "فراس حسن" بعض المواد الأولية إلى ربات البيوت ممن لا تساعدهن الظروف على العمل في المشغل؛ مصحوبة بالتصاميم التي يرغب بإنجازها؛ ليقمن بتجميعها وفق تلك التصاميم، وكنت في البداية واحدة من أولئك النسوة، ومع الوقت انتقلت إلى المشغل لأعمل مع باقي الفريق ضمن جو رائع من الألفة والتعاون».