وفق ظاهرة فريدة عزّز نبع "جب القلعة" مظاهر الحياة اليومية في قلعة "العليقة" لعقود عدة، حيث استخدم أهالي القلعة القدامى قاعدة الأواني المستطرقة لتجميع مياه الشرب في أعلى موقع فيها.

أحاديث عدة دارت حول قلعة "العليقة" ونشوئها وبنائها وطريقة الحياة فيها، إلا أنها خلت بدايةً من التطرق إلى ظاهرة وجود نبع مياه عذبة صالحة للشرب والاستخدامات اليومية، ولكن مدونة وطن "eSyria" انتبهت إلى هذه الظاهرة، وتمكنت من الوصول إلى السر الكامن في وجود نبع المياه التجميعي في أعلى نقطة تقريباً من القلعة كظاهرة فريدة من حيث التجميع والموقع، وكان ذلك بفضل بعض أهالي وسكان القرية المطلعين على تاريخ هذا الموقع، وهنا قال المدرّس المتقاعد "علي عبد الحليم حسن" بتاريخ 7 تشرين الأول 2016: «بعثات أثرية كثيرة متخصصة زارت القلعة وأجرت مسحاً أثرياً بحثياً عنها وعن طريقة الحياة السابقة فيها، لكونها كانت مأهولة بالسكان على امتداد سنوات طويلة، ولكنها لم تبحث عن سبب وجود نبع تجميعي للمياه في أعلى نقطة منها على خلاف بقية الينابيع، خاصة أنه من المعروف أن الينابيع تنبع من سفوح الجبال والتلال أو الهضاب، وليس لها وجود في أعلى نقطة منها، وهذا كان سبباً للبحث في تفاصيل توفر المياه بوجه دائم، في ما يمكن تسميتها بئر القلعة، أو كما هو معروف شعبياً بـ"جب القلعة".

في كل زمان ومكان تعدّ المياه أساس الحياة، ومبدأ الحاجة إلى المياه في قلعة "العليقة" المسكونة والمأهولة حتى وقت قريب، دفعت إلى استجرار المياه لضمان التحصين في القلعة، وهذا برأيي كان إعجازاً إلى حدّ ما

ويضيف: «الأبحاث كانت من قبل بعض المهندسين في إحدى الدراسات الحديثة، والنتيجة أن وجود النبع والبئر في تلك النقطة هو ظاهرة فريدة من نوعها، لكونه مختلفاً تماماً عن بقية الينابيع والآبار التجميعية المرافقة له، حيث اعتمد أهالي وسكان القلعة القدامى على قاعدة الأواني المستطرقة لجر المياه من منطقة إلى منطقة أخرى قد تكون بعيدة جداً عن مكان تجميع المياه الحالية أو قريبة منها، خاصة أن القلعة بالكامل توصف بالفرادة؛ وهذا يعزز فكرة استجرار المياه من موقع مختلف تماماً عن الموقع المعروف حالياً».

المدرّس المتقاعد علي عبد الحليم حسن

الدكتور "مضر حسن"، قال: «في كل زمان ومكان تعدّ المياه أساس الحياة، ومبدأ الحاجة إلى المياه في قلعة "العليقة" المسكونة والمأهولة حتى وقت قريب، دفعت إلى استجرار المياه لضمان التحصين في القلعة، وهذا برأيي كان إعجازاً إلى حدّ ما».

ويتابع: «النبع دائم الجريان ضمن البئر التجميعية، وخلال إحدى الدراسات للقلعة سُئل المهندسون عن ظاهرة النبع، فكان جوابهم أن مياهه تجري إليه وفقاً لمبدأ الأواني المستطرقة، وهذه الحالة نادرة الحدوث، حيث تأتي المياه من مناطق بعيدة أو قريبة عبر الطبقات الصخرية الكتيمة إلى مكان خروجها الحالي؛ أي إن الطبيعة الجغرافية في المنطقة ساهمت بعملية الجر، والأمر الآخر أن سكان القلعة السابقين ابتكروا طريقة نقل جديدة للمياه معتمدين على علوم الفيزياء والقنوات الفخارية».

جب القلعة

أما عن الوصف الجغرافي للنبع، فتحدث المدرّس "علي حسون" من أهالي وسكان قرية "العليقة"، بالقول: «النبع موجود في منتصف القلعة من الجهة الغربية، وفي أعلى نقطة تقريباً منها، وقد استخدمت مياهه في الحياة اليومية، كما استخدمت لغرف الحمامات في القلعة، التي بنيت بجوار النبع من الأسفل، وبالعموم القلعة تعود إلى الفترة الرومانية».

الجدّ "علي محمود" من أهالي وسكان القرية، قال: «للبئر فتحة قطرها نحو ثلاثة أمتار، ضيّقت لتصبح نحو متر طولاً ومتر عرضاً، للمحافظة عليها وعدم التعثر والسقوط فيها، ووضع لها باب حماية، ويمكن القول أيضاً إن ارتفاعها كبير يصل إلى ثمانية أمتار، وكانت تستخدم للشرب وريّ المحاصيل الزراعية والاستحمام، ولكنها حالياً تستخدم للريّ فقط؛ أي إنها ما تزال مستخدمةً من قبل أهالي القرية المزارعين المستثمرين للحيازات الزراعية ضمن تحصين القلعة، وبذلك يوفرون على أنفسهم عناء نقل المياه لريّ محاصيلهم الزراعية».

رسوم نحتية ضمن حرم البئر