يتميّز مشروب "العنبرية" بطعمه المميز، إضافة إلى أنه يمنح الجسد الدفء في الشتاء البارد؛ وهذا دفع منتجي "الكرز" في قرية "العليقة" إلى صناعته بعد تأمين مواده الأولية من الفائض المحلي.

في مواسم إنتاج "الكرز" محلياً في قرية "العليقة"، يعمد الأهالي إلى توظيف فائض هذا المنتج لصناعة مشروب "العنبرية" الذي يكاد يكون منتجاً محلياً مئة بالمئة، تخصصت فيه القرية منذ أواخر الستينيات، ويقول "هيثم حسون" من أهالي وسكان القرية لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 26 أيلول 2016: «نسمّي "العنبرية" مشروب الطاقة؛ لأنه يمنح الجسد طاقة جيدة وحرارة تدفئه في فصل الشتاء البارد، لذلك نصنعه في كل موسم وضمن كل منزل تقريباً، فمواده الأولية متوافرة ومنتجة محلياً في حقولنا الجبلية، انطلاقاً من مشروب "العرق البلدي"، وانتهاءً بثمار الكرز بأجود أنواعها التي أدخلت كزراعة إلى قريتنا أواخر الستينيات على حدّ علمي، فالفائض من كلا المنتجين الزراعيين يتم استثماره الاستثمار الأمثل؛ لتكون النتيجة منتجاً ثالثاً تميزت القرية بصناعته، ولولا قلة عدد السنوات لكان منتجاً تراثياً بامتياز».

يعدّ مذاق "العنبرية" مميزاً عن بقية المشروبات، وخاصة أنه مشروب تراثي بصناعته، وينتج من مواسم الوفرة المزروعة في بيئتنا الجبلية كموسمي العنب والكرز، ويكاد لا يخلو منزل منه في مختلف الأوقات؛ لأنه يصنع بكميات جيدة كمؤونة شتوية، ومنهم من ينتجه ويبيعه نتيجة الطلب عليه

الجدّ "علي محمود" الذي يمارس صناعة "العنبرية" منذ سنوات عدة، يقول: «يعدّ مذاق "العنبرية" مميزاً عن بقية المشروبات، وخاصة أنه مشروب تراثي بصناعته، وينتج من مواسم الوفرة المزروعة في بيئتنا الجبلية كموسمي العنب والكرز، ويكاد لا يخلو منزل منه في مختلف الأوقات؛ لأنه يصنع بكميات جيدة كمؤونة شتوية، ومنهم من ينتجه ويبيعه نتيجة الطلب عليه».

حسن محمود

أما المدرّس المتقاعد "علي عبد الحليم حسن"، فيقول: «أنا من أوائل زارعي أشجار الكرز في القرية بعد تجربة عمّمت على الجميع في السبعينيات، حيث يوجد نحو 1500 شجرة في القرية حالياً؛ وهي كفيلة بتأمين إنتاج جيد للاستثمار، ووفير لصناعة "العنبرية" التي تعدّ مفيدة ومقوّية للدم، فهي تعتمد عصير العنب بعد تخميره وتقطيره وإنتاج مشروب "العرق" منه، ويضاف إليه ثمار الكرز الأسود بعد تعامل خاص معها».

ويضيف عن طريقة صناعة "العنبرية": «تنظف ثمار الكرز الأسود من الإنتاج المحلي في القرية، وتصنع في كل ثمرة شقوق طولانية وتوضع في الوعاء الزجاجي أو ما يعرف بـ"الألفية" التي تتسع لخمسة ليترات تقريباً بحسب حجمها، ثم تضاف إليه بعض أعواد القرفة أو القرنفل، وهنا يجهز مشروب "العرق البلدي" المصنع محلياً بإضافة السكر إليه بحدود نصف كيلوغرام لكل ليتر، ثم يضاف "العرق المحلي" إلى ثمار الكرز في "الألفية" بنسبة ليتر واحد لكل كيلوغرام، ويختلط سائل الكرز بالعرق السائل، ويترك نحو أربعين يوماً لتتفاعل المواد بعضها مع بعض، وتتخمّر مع تحريكها المستمر ضمن "الألفية"».

ثمار الكرز داخل الألفية

وخلال زيارتنا لقرية "العليقة" التقينا "حسن محمود" وهو ينهي المراحل الأخيرة من صناعة "العنبرية"، ويقول: «حين نضع ثمار الكرز مع مشروب "العرق" فإنها خلال عملية التخمر تسحب وتتشرب المادة الكحولية منه ليصبح أشبه بعصير الكرز المعتّق؛ وهذا ما لمسته خلال سنوات صناعته المتعددة، حتى إنني أصنعها في كل موسم كمؤونة شتوية، أبيع منها الفائض، وأبقي حاجتي وأسرتي منها لمنحنا الدفء والطاقة في الشتاء القارس، وجميع المكونات أنتجها في حقولي الزراعية؛ أي إنني مكتفٍ ذاتياً من إنتاجها، بل تحقّق لي دخلاً مادياً إضافياً عند بيعها؛ لأن سعرها مرتفع نوعاً ما نتيجة غلاء المواد الأولية المكونة لها، وحتى ولو كانت منتجة محلياً».

هيثم حسون