يعد "كسيد الفليفلة" كمصطلح اسماً جديداً على بعض ربات المنازل المهتمات بتأمين المؤون المنزلية، لكنه كفعل واقعي هو منتج تراثي لطرائق صناعته المعروفة منذ عقود في الأرياف، ويدخل في قائمة المؤونة الشتوية الأساسية.

كثيرات من ربات المنازل اعتمدن في تأمين "كسيد الفليفلة" في كل موسم شتوي على منتجاتهن من الزراعات المحلية ضمن حديقة المنزل أو الحقول المجاورة الخاصة بهن، حيث إنه يدخل ضمن قائمة الإنتاج المنزلي المعروف بالبلدي، فتسارع ربة المنزل إلى تأمين مواده الأولية بالكميات المطلوبة، وهذا من حيث الزراعة في بداية الأمر، وهنا قالت السيدة "لينا علي" من قرية "العصيبة" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 8 أيلول 2015: «مع بداية فصل الصيف أقوم بزراعة بعض شتلات الفليفلة ضمن حديقة منزلي الصغيرة، وهي هنا لا تتجاوز العشرين شتلة، وأعتني بها بالطريقة المطلوبة من حيث تقديم المياه لها، وهذا يعود إلى نوعية المنتج الذي أريد أن أحصل عليه، فإن أردت ثمار فليفلة حارة أقوم بتقنين كميات المياه المقدمة للشتول خلال فترة الري، وإن أردتها حلوة أزيد من كمية المياه لها، وهنا يلعب دوراً أساسياً أيضاً نوعية الشتول إن كانت حارة أو حلوة، وهذه خطوات اعتدتها في كل موسم للحصول على مؤونة منزلي من "كسيد الفليفلة"».

بالنسبة لي "كسيد الفليفلة" مؤونة منزلية سنوية أنتجها في الصيف وأخزنها لموسم الشتاء، حيث لا تتوافر ثمار الفليفلة، وهذا ما يمنحها قيمة إضافية تتجلى بوفرتها، ومن ربات المنازل من تصنعه في القرى الريفية وتبيعه لربات المنازل في المدينة، لكونهن لا يستطعن إنتاجه

وتتابع: «بعد إنتاج الشتول للثمار أتركها عليها حتى تصبح حمراء بالكامل، ثم أقوم بقطافها مع المحافظة على الشتول بصحة جيدة من خلال عمليات الري وتقديم "السواد العربي" لها.

فدوى أبو شاهين

بعد احمرار الثمار أجمعها بكميتها المتوافرة التي قد لا تكفي لصناعة الكمية المطلوبة من "الكسيد"، لذلك أتعامل مع المتوافرة وكأنها الكمية المطلوبة ريثما تنتج الشتول الكمية الكافية، و"أشرح" قرون الفليفلة وأنظفها مما يعرف بالشروش وأضعها في مكان مشمس تماماً لعدة أيام، فتذبل وتصبح منكمشة على نفسها، وهنا أكون قد حصلت على خلاصة الفليفلة الخالية من المياه التي تبخرت بفعل تعرضها لأشعة الشمس، وهو ما يسمى "الكسيد"، وللعلم هي الطريقة التراثية التي تعلمتها من أمي ولا أعتقد أن هناك غيرها للحصول على هذا المنتج».

لـ"كسيد الفليفلة" استخدامات عدة توارثتها ربات المنازل عن أمهاتهن، وهنا تقول ربة المنزل "فدوى أبو شاهين": «بعد الحصول على "الكسيد خلاصة الفليفلة" أتعامل معه وفق حاجتي إليه، أي إن هناك عدة طرائق لاستخدامه، وهذا يعود إلى حاجة ربة المنزل إليه، فأنا مثلاً أستخدمه لصناعة "المكدوس"، حيث أقوم بفرمه كما هو وأضعه في الثلاجة ريثما أجهز بقية المكونات، فأقوم بإخراجه من الثلاجة وتعريضه للهواء فيبدو وكأنه مفروم في الوقت الحالي، ومع خلطه ببقية المكونات يحصل على بعض الماء منها فيصبح ذا لون أحمر قانٍ، وله مذاق شهي».

"كسيد الفليفلة"

السيدة "ليلى شدود" تستخدم "كسيد الفليفلة" لوجبة طعام أخرى؛ عنها تقول: «أجهز "الكسيد" كل عام بالطريقة التراثية التي تعلمتها من والدتي وأضعه في الثلاجة ليبقى محافظاً على قوامه بعد عملية "التشميس"، وعند الحاجة إليه أخرج من الثلاجة الكمية المطلوبة فقط وأضعها ضمن وعاء يحتوي على مياه فاترة لحوالي عشر دقائق، فيتشرب "الكسيد" المياه ويصبغها باللون الأحمر ويصبح وكأنه منتج من الثمار الطازجة المنتجة حالياً، وأضيف المنقوع ومياهه إلى أي وجبة طعام أريدها كوجبة "المطبق" المصنوعة من الباذنجان المقلي والبندورة والثوم، فيضفي عليها نكهة خاصة ويمنحها لوناً أحمر قانياً شهياً خلال التناول.

كما أنني أصنع منه "مناقيش المحمرة" بعد إضافة البندورة المفرومة والبصل إليه، فتصبح "المنقوشة" حمراء وذات مذاق يختلف عنه باستخدام الفليفلة العادية التي تحتوي بطبيعتها على نسبة كبيرة من المياه».

شتول الفليفلة البلدية

وتتابع: «بالنسبة لي "كسيد الفليفلة" مؤونة منزلية سنوية أنتجها في الصيف وأخزنها لموسم الشتاء، حيث لا تتوافر ثمار الفليفلة، وهذا ما يمنحها قيمة إضافية تتجلى بوفرتها، ومن ربات المنازل من تصنعه في القرى الريفية وتبيعه لربات المنازل في المدينة، لكونهن لا يستطعن إنتاجه».