شغلت أطفال قرية "حريصون" في مختلف ساعات النهار، ضمن رقعتها الأرضية المنبسطة، أدواتها الحجر الرقيق الصلب، والحجر الكلسي الطري، فهي التحدي فيما بينهم.

قد تكون الألعاب المتنوعة التي لعب بها أطفال قرية "حريصون" كثيرة جداً لأنها وليدة أفكارهم ومناسبة لمهاراتهم الطفولية، ومنها على سبيل المثال: "الدحاحل؛ الكرات الزجاجية الصغيرة، والتكرعة؛ العصا والحجر"، و"الزيح" الذي نال القسم الأوفى من ساعات يومهم لتعدد مراحله وجدارة تحديه، وهذا بحسب حديث الشاب "علي قاسم" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 تشرين الأول 2014، حيث قال: «رغم تعدد الألعاب التي كنا نلعب بها في أزقة القرية "حريصون"، كانت لعبة "الزيح" الأكثر رواجاً ومتابعة ولعباً بين الأطفال، لأن مهارات التحدي فيها قائمة وترتكز على قدرة الطفل في رمي الحجر الصغير وتخطي المربعات بالقفز، إضافة إلى أن رشاقة هذا الطفل أمر ضروري حتى لا يغلبه التعب خلال مراحل القفز، فيحقق الفوز.

في حال أنهى أحد الفريقين جميع المربعات إغلاقاً، يكون هو الفائز، وقد تمتد هذه اللعبة لساعات تنسي الأطفال تعبهم أو جوعهم

لعب في سن الطفولة كثيراً بلعبة "الزيح"، حيث كنا نشكل فريقين وكل فريق من شخصين، يتناوب أعضاء كل فريق على اللعب لتحقيق الفوز على الفريق الآخر، وهنا يمكنني القول إن طبيعة القرية الجغرافية والزراعية قد لعبت دوراً في انتشار هذ اللعبة ورواجها بين الأطفال في تلك المرحلة؛ فأهم ما تحتاج إليه الأرض المنبسطة الخالية من حركة مرور السيارات».

رسم "الزيح" وترقيم مربعاته

وعن تفاصيل لعبة "الزيح" يقول الشاب "علي": «أهم ما يجب أن يتوافر لدى الأطفال لممارسة لعبة "الزيح" الحجر الكلسي أو ما كان يعرف بحجر "الحوارة"، ودورها في اللعبة رسم مخطط اللعبة على الأرض، إضافة إلى حجر صلب رقيق صغير بحجم راحة الكف تقريباً يطلق عليها اسم "الدوج".

حيث نقوم برسم ثلاثة مربعات متتالية فوق بعضها بعضاً، ونرسم مربعين متقابلين متجاورين على رأس زاويتي المربع الثالث، فيكونا المربعين الرابع والخامس، فيتشكل نتيجة لذلك بعدهما مساحة فارغة تكون رسماً للمربع السادس وبعده المربع السابع والثامن كما الرابع والخامس، حيث يكون طول كل ضلع من أضلاع أي مربع نحو خمسين سنتيمتراً، ليزداد تحدي القفز.

علي قاسم

وبعد تجهيز مخطط "الزيح" ينتقي كل لاعب حجر اللعب خاصته، حيث تكون بحجم راحة الكف رقيقة كما قطعة البلاط الصغيرة، وهنا تبدأ لعبة التحدي، فيرمي اللاعب الأول الحجرة المسطحة ضمن المربع الأول دون أن تمس بأضلاعه، ويبدأ القفز على قدم واحدة بعد تخطي المربع الذي توجد فيه الحجر، حتى الوصول إلى المربعين الرابع والخامس، فيقفز عليهما بكلتا قدميه، ويتابع على قدم واحدة حتى الثامن، وكذلك في طريق العودة، مع ضرورة الإمساك بالحجر قبل الخروج من المربع الذي رميت فيه، وهنا يصبح هذا المربع شبه مغلق بالنسبة للاعب الآخر، وعليه تجاوزه دون الوقوع فيه أو المساس به، أما مرحلة الإغلاق التام للمربع فتكون بقفز اللاعب مغمض العينين ضمن المربعات كما في المرحلة السابقة، ولكن دون رمي الحجر الرقيق، وذلك بعد أن يقول: "فتوحة أديسون".

اللاعب الآخر الجديد يجب عليه تجاوز المربع المغلق والقفز فوقه، كما بقية المربعات التي ستغلق لاحقاً، وهنا يكمن التحدي بعملية القفز وإغلاق أكبر عدد من المربعات، وخسارة مرحلة من مراحل اللعبة تكون برمي الحجر الرقيق بغير مكانه، وهذا لا يعني خسارة كامل اللعبة بالنسبة له، وإنما يتوقف عن اللعب حتى يخسر خصمه كما خسر هو».

القفز برشاقة على قدم واحدة

ويضيف: «في حال أنهى أحد الفريقين جميع المربعات إغلاقاً، يكون هو الفائز، وقد تمتد هذه اللعبة لساعات تنسي الأطفال تعبهم أو جوعهم».

وفي لقاء مع الجد "قاسم قاسم" قال: «هذه اللعبة قديمة جداً، وكان الأطفال يلعبون بها بشكل مستمر، واستمرت معهم حتى أيامنا هذه، حيث أراهم يلعبون بها بين الحين والآخر، لما يحصلون عليه من متعة خلالها.

وبالنسبة لكلمة "فتوحة أدسون" قد تكون من مبدأ أن "أديسون" هو من اخترع المصباح الكهربائي الذي أنار الظلام أمامنا».