في شعرها من التحدي بقدر ما فيه من الأنوثة والحب الذي يحرق الرماد، ولألوان الشعر بريق في أدبها فمن "البداوة إلى المحكي إلى الموزن"، والشعر الحديث.

افتتحت الأديبة "لينا غزالة" لقاءها بمقاطع شعرية قالت فيها: "لم أتشح كالسواد إلا لأن خطى الليل روضتني، ولم أجتر القوافي إلا لأن التاريخ فاته نسبي، ألا يحق لدمٍ ذُرفَ كرمى عيون الشآم، أن تعيدوا لي وطني".

يشكل حضورها على المنبر مشهداً أدبياً لافتاً من خلال قدرتها الذاتية المعبرة عن مكنون جمالي وإنساني، ومن خلال الروح الشعرية التي تتناسق مع تطلعاتها الروحية، وأحلامها الإنسانية القادرة على التعبير عن الوجود المؤلم والحلم الدافئ الذي يراود كل شاعرة وشاعر

تقول الشاعرة "لينا غزالة" في حديثها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 3 آذار 2014: «يعدّ الشعر بالنسبة إلى الشاعر فناً جميلاً لغاية الفن، أو أنه وجد ليحمل قضية، أو لحظة يفيض فيها شعور الشاعر فيعجز عن دفن إحساسه وينقله على الورق شعراً، هو مزيج سحري من فن إيصال قضية، أو لحظة إنسانية وجدانية تسمو فيها المشاعر وتحلق، وهو لحظة تنعتق فيها الأحاسيس عن الموجودات المادية فتتحلى بأبهى صورها».

لمسنا في شعر الأديبة "لينا غزالة" نفحات من التحدي، رفضت من جهتها اعتباره تحدٍّ باعتبار التحدي ليس صفة دقيقة للأنثى الشاعرة، وإنما اعتبرته مواجهة روحها لما يعترضها من عثرات، ومما قالته عن التحدي: "لون على جدراني ما شئت، بعثر بين اللوائح حروفي، نادني إن شئت ملاكي، تسلل إلى قصري خفية عن حراسي، كن حذراً عندما تنادي، كي لا تضيع بلحظات من الهزيان، من خوفي أعطيك كل ألقابي، فتستسلم إلى المهد".

وتتابع: «"الشعر الموزون" جنس أدبي رائع ومهم، لكن "الشعر الحديث" اللامنتمي إلى القافية والوزن أثبت وجوده، وله فرسان أوائل تحدو قيد القافية وصاروا نجوماً مقتدى بهم، وبدوري استخدمت هذا اللون الجميل لنقل كثير من هواجسي وأحاسيسي فقلت في إحدى قصائدي: "لا يشبه رائحة الشام": "هل سافر عنك أم أنه عاد، حيث تتعشق في داخله مكنونات الأجداد، واستنشق أولى أنفاسه، عطراً لا يشبه رائحة الشام"».

والجنس الآخر هو "اللون البدوي" الذي لاقى عند من سمعه قبولاً جميلاً، واستحساناً وثناء، بدليل أنه كان يطلب مني كل أمسية أن ألقي قصيدة "باللهجة البدوية"، ومما قلت في شعر البداوة: "مين قال إني يوم أحبك ما أريد أملكك، ومين قال إنك يوم تستعبدني ما أسكنك، إن ردتني بين أحضانك أضيع،... ودّي من أنفاسي أعطرك إن ردتني حارس على بابك واقف بعمري أنطرك.. إن كنت ببلادك غريب وضايع إنت غريمي ومني أحذرك.. واذا نويت أشوفك وبلحظة ما كنت بيها أتوقعك.. لخزي عيوني عن اللوم وأعمي نُظرها.. إذا بهيك لحظة ما نويت تعذرك"».

كتبت شاعرتنا في "الغزل، الوطن، المجتمع"، وقضايا المرأة بشكل خاص كجانب اجتماعي، تقول في ذلك: «كل ما يلامس وجداني من فرح أو حزن وجع أو ظلم، نور أو عتمة هو نافذة شعرية في ملكوت البوح لذالك تنوعت قصائدي بينها جميعاً، ربما الطفولة لم أفتح لها باب الحرف، مع أن الطفلة التي في داخلي لم تكبر، وقضية المرأة التي تحدثت عنها انطلاقاً من تجربتي هي قضية مجتمع بحد ذاته، وفوجئت أن قصائدي الذاتية كأنثى لامست كل إمرأة في جانب ما، وفي الشعر الوطني حاولت بث الأمل من خلال حروفي، بعد هذه الأزمة التي عصفت بـ"سورية"، إيماناً مني بأن الحق لا بد أن تنتصر رايته على كل باطل مهما امتد وتوسعت أدواته.

وفي سؤال عن التجديد في الصورة الشعرية، وهل ينحصر الإبداع والتميز في قضية التجديد؟ ترد بالقول: «لكل شاعر أسلوبه الخاص الذي يميز شخصيته ولغته، وهذه الخصوصية ضرورية لاستمرار العطاء ومن دونها لا يوجد إبداع، كما أنني ضد التكرار واجترار الشاعر لنفسه، وقد لا ينحصر التميز في التجديد لكنه بالتأكيد لن يحلق طويلاً وأنا كشاعرة في بحث دائم عن تلك الفضاءات».

من جهتها تقول الأديبة "ماجدة حسن" عن تجربة الشاعرة "لينا غزالة": «"لينا" الأخت الصديقة، القريبة والشاعرة السائرة بثبات نحو التألق. تكتب "لينا غزالة" كوة ضوء من خلال قلمها نحو عالم لا يعترف بقدرتها على امتطاء اللغة كحصان، ولكنها استطاعت أن تعبر بها نحو أمداء تجهل ملامحها ولا تغفل عن معناها، لمست في شعرها لوعة الشجن عندما تبذر حروفها في حقول الوطن، وجدت في شعرها التحدي عندما تخاطب من وضع عصاه في وجه طموحها الندي، وفي شعرها استمعت لمواويل الصحراء، تغرد بحنجرة أنثى أصيلة اخترقت بيت الشَّعر لتصدح بجميل الشِّعر، لقصائدها أنفاس تشبه لهاث روحها إلى حدّ أنني لا أستطيع فصل ذاتها الإنسانية عن ذاتها البوحية.

"لينا غزالة" قلم يثبت وجوده مع الوقت لتميزه بلغته، ولاستطاعته نقش أسلوب يتفرد بشخصية صاحبته».

أما الأستاذ "محمد حمدان" رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب بـ"طرطوس" فيعتبر "لينا غزالة" مشروع أديبة متمردة على واقعها بجميع مكوناته الأدبية والاجتماعية والنفسية، وهي تحمل في مكنونات روحها حياة جديدة جديرة بالحياة والاستمرار والتفاعل الإيجابي الخلاق.

وعن أدائها على المنبر يقول: «يشكل حضورها على المنبر مشهداً أدبياً لافتاً من خلال قدرتها الذاتية المعبرة عن مكنون جمالي وإنساني، ومن خلال الروح الشعرية التي تتناسق مع تطلعاتها الروحية، وأحلامها الإنسانية القادرة على التعبير عن الوجود المؤلم والحلم الدافئ الذي يراود كل شاعرة وشاعر».

يذكر أن الأديبة "لينا غزالة" من منطقة "يحمور" التابعة إلى مدينة "صافيتا".