بالرغم من توجهها نحو كتابة القصة، لن يكون العمل الشعريّ الذي قدّمته الشاعرة "ميادة قداح" من خلال ديوانها "هالة القمر" آخر دواوينها الشعرية، هذا ما اكتشفه "موقع طرطوس" من خلال لقائه بها في منطقة "القدموس" بتاريخ 8/8/2009.

الركود لفترة من الزمن هي حالة قد نجدها لدى عدد من الشعراء وبالنسبة لها فذلك لا ينفي تأثير الشعر في حياتها، بل تؤكد حسن وقعه قائلة: «اهتمامي بالأدب غفا لفترة من الزمن إلا أنه كان في حالة كمون حتى طلت عليه الشمس في يوم ما، لينهض من جديد منادياً بصوته: "أنا هنا" حالة إبداعية تتماهى معك لتولد القصيدة في لحظة مخطوفة من الزمن، وفي هذا اليوم صحوت أنا أيضاً كما صحا في داخلي ذلك المنادي واخترت طريقاً أصبح بالنسبة لي هو الذي يسوقني إلى المجد والخلود من خلال ما أستطيع أن أقدمه في مشوار حياتي المتبقي من الأدب سواء في القصة أو في الشعر».

لثم الهوى ثغر الهوى فتيمّم ## عشقٌ على ورد الشفاه تلعثم البوح يركض في الخَصا، ما بين ثغرك والشفا قد قال ذوقي في الهوى طعمُ الرّضاب غدا شفا

مجموعة من القصائد النثرية اختارتها لتشكل أول دواوينها، وهي تصفها ببداية طريقها الأدبي بقولها: «بدايتي الشعرية كانت بمجموعة بعنوان "هالة القمر" مهداة إلى الآلام التي جعلت مني إنسانة وإلى كل من مد لي يد العون في طريق الأدب ومنهم القاصة والروائية "ضحى أحمد" والشاعر والصديق وابن العم "حسن قداح"».

الشاعرة "ميادة قداح"

المفردات هي ما يجمع ما بين الشاعر وقصائده، لكن وقت كتابته للشعر هو ما يجعل الشاعر رهينة له، كما الحال لدى الشاعرة "ميادة قداح" حيث تقول: «أكتب بالدرجة الأولى الشعر الحديث والقليل القليل من شعر التفعيلة والعمودي مع حبي الشديد لهما، ولا يوجد نمط معين لقصائدي فحالة الشعر هي التي تتحكم بما يكتبه قلمي ولست أنا، وبغض النظر عن الزمان والمكان فأنا لا أستطيع أن أضع فنجان قهوتي وأقول يجب أن أكتب الآن، ذلك لأنّ الشعر يتحكم بحالتي ولست أنا من يتحكم بالشعر».

وجهة نظر مختلفة عبرت بها عن الشعر المحكي الذي تقول عنه بالرغم من عزوفها عن كتابته: «الشعر المحكي هو نوع من أنواع الشعر الذي أعترف به ويصل إلى أكبر عدد من الناس كما أحب سماعه لكن حظه في النشر قليل، فعند الطباعة يعاني من رضا القراء عليه كون اللهجات تختلف من منطقة لأخرى».

ديوان "هالة القمر"

توجهها نحو كتابة القصة هي تجربتها الأدبية الجديدة التي تشعر بالرضا حيالها، وتقول عنها: «بالنسبة للقصة فمنذ حوالي العام شغلتني إلى حدّ كبير حتى أصبحت لا أجد نفسي إلا معها، فعندما وقفت للمرة الأولى على أحد المنابر لإلقاء قصة شعرت بأنني أنا هنا "ميادة" التي كنت أحلم بها، وإنشاء الله ستكون لي مجموعة قصصية بعنوان "بين هالة وعيوني"، وأنا أتمنى أن أحترف كتابة القصة بالرغم من عدم قناعتي بتجزئة الأدب».

شعراً كان أم رواية، الإنجاز لا يكتمل بدون جمهور يقرأ ويستمع إلى الشعر طرباً والقصة شغفاً، وهذا هاجس جميع أدباء اليوم، لكن من خلال إجابتها لا تبدو الشاعرة راضية عن الواقع الثقافي في "القدموس" إذ تقول: «هو مشابه للواقع الثقافي على مستوى المحافظات وحتى على مستوى الساحة العربية، وهو بصراحة يتراجع ونحن الأدباء دائماً ننتظر الوقت فهو الكفيل بالعودة للأصل، وبالرغم من هذا الركود ثقتي تقول أنّ الناس لا بدّ أن تدرك قيمة القراءة بشكل عام ومهما طغت وسائل التكنولوجيا والحضارة تبقى القيمة الأكبر للكتاب، فلا ألوم وسائل الإعلام أو المراكز الثقافية فمن يريد أن يقرأ لا بدّ أن يجد ما يريد».

عند سؤالها عن تعبير الشعر عن الواقع وقيمته إن لم يقترن به أجابت: «أحياناً يكون الشعر تعبيراً عن الواقع وليس دائماً، وذلك يعود لنفسية الشاعر والحالة الشعرية التي تأتيه، ولو كان تعبيراً عن الواقع بالمطلق لتحول إلى تصوير وتكرار فوتوغرافي، لكن هناك شعراء تكون لديهم نظرة ثاقبة للأحداث».

أما عن الأساس الأهم للشعر وهو اللغة فتقول: «الكلمة شعر وموسيقى معاً واللغة هي أساس الشعر، فإن لم يكن هناك لغة لكان مجرد كلمات مرصوفة إلى جانب بعضها، وبالنسبة لي اللغة هي القسم المملوء من الكأس وليس القسم الفارغ».

نذكر أن للشاعرة "ميادة قداح" مشاركات في العديد من الأمسيات الشعرية والقصصية في القطر، كما نشرت العديد من قصائدها ضمن الصحف اليومية بالإضافة إلى أول قصة كتبتها.

من قصيدة "الهوى":

«لثم الهوى ثغر الهوى فتيمّم

عشقٌ على ورد الشفاه تلعثم

البوح يركض في الخَصا، ما بين ثغرك والشفا

قد قال ذوقي في الهوى طعمُ الرّضاب غدا شفا».