اختار اللغة العربية كاختصاص ومهنة حباً بها وعشقاً لجمالها، أغرم بها منذ الصغر ومستمر حتى الساعة فهو هاو لأنساقها وصورها القديمة والحديثة وعاشق لكل جديد لغوي على صعيد الإبداع بمختلف صنوفه .

وكغيره من الشعراء يحتفظ الشاعر"سمير حماد" بمخزون شعري لكونه من دراسته في مراحلها التعليمية كافة إضافة إلى اعتماده على مكتبتي المنزل والجامعة.

يعود ذلك لانشغالي في التعليم ومهنة التدريس وعدم توفر الظروف المادية للطباعة أو معرفة الطريق إلى وزارة الثقافة واتحاد الكتّاب

وعن محاولات كتابته الأولى التي بدأت تقليداً لعدد من شعراء الحداثة الذين أعجب بهم يحدثنا خلال اللقاء الذي جمعنا به بتاريخ "28/8/2009" حيث يقول: «بعد التعليم الجامعي وخلال ممارسة المهنة التفت إلى الحداثة بشعرائها ونقادها في الستينيات من القرن الماضي و أغرمت ب"السيّاب" و"أدونيس" و"درويش" و"البياتي" و"طه حسين" في الشعر والنقد، وبدأت محاولاتي الأولى تقليداً لهؤلاء المحدثين الكبار من الشعراء أي الرعيل الأول في الحداثة الشعرية».

من انتاجه الشعري

بدأ الكتابة منذ الستينيات لكن ديوانه الأول لم ير النور إلا في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي يفسر هذا قائلاً:« يعود ذلك لانشغالي في التعليم ومهنة التدريس وعدم توفر الظروف المادية للطباعة أو معرفة الطريق إلى وزارة الثقافة واتحاد الكتّاب».

اعتمدت في ديوانك الأول "الرحيل" الذي طبع في عام"1982" وهو شعر فلسفي وسياسي وإشراقي قصيدة النثر التي اتخذتها طريقاً شعرياً فما إصرارك على كتابة القصيدة النثرية وهنا يقول: «لأنني وجدت فيها أفضل معبّر عن تفاصيل الحياة اليومية فهي أكثر طواعية لتناول قضايا العصر، وأكثر قدراً على مسايرة الزمن الحاضر بتمردها على القديم وإخلاصها في مواكبة الأحداث والتعبير عنها على الرغم من الهجوم المستمر عليها».

تابعت طريق الحداثة الشعرية عبر قصيدة النثر وصدر لك الديوان الثاني في مطلع التسعينيات من القرن الماضي بعنوان "غابة الحروف"، بماذا اختلف هذا الديوان عن ديوانك الأول؟ يجيب: «حاولت أن أجدد فيه في اللغة والصورة، وهما سبيلان إلى الخوض في ميدان التجديد الشعري واللغوي، وقد عزفت في هذا الديوان على وتر التجريب والتجريد محاولاً قدر الإمكان أن اخلق شيئاً من الدهشة والغرابة بل الصدفة، وفي هذا الديوان كنت أكثر إغالاً في الشأن الإنساني العام مخترقاً حدود محليتي وصولاً إلى كونيتي الأعم والأعمق وهذا بالنسبة لي اعتراف ضمني بإيجابية العولمة حيث كلنا أبناء هذا العالم تهمنا هذه القرية الصغيرة بسلامتها وأمنها وتقدمها».

"حنجرة الرماد" عنوان الديوان الثالث الذي طبع عام"1995" وقد تناوله نقاد كثر ودراسات حدثنا عنه قائلاً: «يتضمن الديوان استمراراً للمنحى الصوفي و الاشراقي كرد على الواقع ومحاولة مزج الواقعي بالمتخيل، وعزفت على أحداث المنطقة وإبداء الرأي فيها بشكل غير مباشر وحاولت فيه أن أجدد أكثر في اللغة».

الديوان الأخير بعنوان "أبجدية الشعاع" طبع عام"2000" حدثنا عنه قائلاً :«يستمر في أسلوب صياغة قصيدة النثر و الاهتمام بالإيقاع أكثر من الدواوين السابقة حتى إن القوافي بدأت تفرض نفسها في بداية الديوان لا كبحور شعرية وإنما كإيقاعات شعرية بالرغم من أني ما زلت أصر على أن التجديد في العصر الذي نعيش فيه لا يقتصر على المأكل والملبس وإنما يجب أن يمتد إلى الفنون المختلفة والإبداعات الشعرية والسردية».

يحكى عن عوائق تحول دون انتشار قصيدة النثر و تحول دون قبولها جماهيرياً يقول في هذا الأمر:«: قصيدة النثر تجاوزت سن الطفولة ودخلت سن الشباب، والمعركة التي خاضتها قصيدة النثر تجاوزت "50" عاماً وأصبح من المعيب أن نشكك في مصداقيتها، وهي الآن تحتل في النشر نسبة "80" % تقريباً، وإن معظم الشعراء في العصر الحديث يكتبونها ».

ويتابع:«ما يحول دون الإسراع في قبولها هو عدم وجودها في المناهج التعليمية العربية أو اعتمادها في المناهج الجامعية إذ ما زالت تُحارب من بعض الجهات التي لا ترغب في التخلي عن الذائقة التقليدية أو القصيدة التقليدية مع اعتماد بسيط لقصائد التفعيلة أحياناً وهذا مخالف للغة العصر والتطور» .

للشاعر تعريف ونظرة خاصة للشعر والقصيدة يوضحها قائلاً: «الشعر عالم لغوي مدعم بالصور والأفكار الغريبة المدهشة والمتمردة على الواقع المألوف الخارج عن الذائقة التقليدية، والقصيدة التي تستحق هذا الاسم هي التي ترتحل بالمتلقي وتحلق به بعيداً ليعيش أحلامه وآماله ويتغلب على تشاؤمه وبأسه ويمتلئ رغبة بالحياة، إنها اللغة بأجنحتها وأساطيرها».

وعن مجموعاته الأخرى يقول:«لدي مجموعتان في أدب الأطفال الأولى بعنوان "النورس الحزين"، والثانية بعنوان "الديك المغرور" أهديتهما إلى أحفادي وأود الإشارة إلى أنني لم أكتب في أدب الطفولة إلا بعد أن رزقني الله بأحفاد صغار، حيث بدأت أكتب لهم وعنهم فهم ملائكتي الذين أحاول أن أنغرس في براءتهم وأستلهم من صدقهم صدق كتاباتي وحياتي وأستمد منهم الأمل».

لديك اهتمامات نقدية ومشروع كتاب نقدي كبير عن الحداثة وما بعد الحداثة فماذا تعني الحداثة وماهو ما بعد الحداثة؟

يجيب: «الحداثة في الأدب هي خوض في الجديد وترك للأساليب القديمة وإبداع أساليب جديدة في الكتابة بمختلف صنوف الإبداع دون أن نغفل عن أهمية التزود بالثقافة القديمة، فهي الحصن الحصين لنا والداعم للغتنا وفكرنا».

أما ما بعد الحداثة فهي مرحلة لم ندخلها حتى الآن وما زلنا نتجاذب أطراف الحوار لنصل إلى صيغة مقبولة حول مفهوم الحداثة».

يشار إلى أن الشاعر هو عضو اتحاد الكتّاب العرب، وعضو المكتب الفرعي لاتحاد الكتّاب فرع "طرطوس"، وعضو جمعية الشعر في "سورية"، مدرس لغة عربية متقاعد.