نشأت في بيئةٍ الفقرُ سيدها، ضمن أسرة مؤلفة من عشرة أولاد اضطر الأهل فيها لتعليم الذكور دون الإناث، ولكن عند بلوغها سن الثانية عشرة أدركت أنه لابد من الاعتماد على الذات لتحقيق شيء يميزها عن غيرها فكان لها ما أرادت .

هي الشاعرة "فهيمة اليوسف" التي وصفها لنا السيد "محمد يوسف" أحد المهتمين بالشعر قائلاً: «لكي نعطي السيدة "فهيمة" حقها يجب أن نقول عنها "الظاهرة الغريبة "، فهي امرأة نالت محط إعجاب وتساؤل الجميع لامتلاكها هذه الثروة اللفظية قبل أن تحسن الكتابة والقراءة والتي تعلمتها من أولادها لتصبح قادرة على ضبط مخارج الحروف».

في عام "1993" كتبت أول كلمة شعرية متأثرة بالأوضاع المأساوية التي يعيشها المبعدون الفلسطينيون في أيام الشتاء القاسية

ويتابع السيد"محمد": «لقد كانت تقرأ لي كل ما تكتبه من الشعر المحكي والعمودي، وكنت منصفاً في ملاحظاتي للصور الحركية التي تكتبها ولم يكن إنصافي لها إطراء، وإنما إعجاب بشاعر يتجدد فيها كل يوم مع تجدد الشمس في شروقها وغروبها».

ديوانها المطبوع

وخلال اللقاء الذي جمعنا بالشاعرة "فهيمة اليوسف" في منزلها بقرية "عين حفاض" إحدى القرى التابعة لمدينة "صافيتا" حدثتنا قائلة: «في عام "1993" كتبت أول كلمة شعرية متأثرة بالأوضاع المأساوية التي يعيشها المبعدون الفلسطينيون في أيام الشتاء القاسية ».

وتتابع: «المناسبة الثانية التي عبّرت من خلالها عن مشاعري بالشعر كانت وفاة أحد الجيران، حيث قدمت عزائي لعائلته بقصيدة أرسلتها إلى عمه الشاعر "حسن علي أحمد" فأعجب بها كثيراً ورد علي بقصيدة واستمرت هذه المحاورة الشعرية لمدة عامين ليعلمني أصول الشعر، حيث كان عمره الشعري"50" عاماً وانتهت بحضوره إلى منزلي ليشكرني على عزائي ولينهي بذلك هذه المحاورة الشعرية ».

من شهادات التكريم

وعن قصة الشعر الذي تحدى الأمية قالت: «عندما كنت في الثانية عشرة من عمري أراقب رفاقي الذين يذهبون للمدارس بينما أذهب أنا لرعي الأغنام تولّدت لديّ الرغبة الشديدة بالتعلم، فبدأت بمراقبة إخوتي الذين يتعلمون وأسترق النظر إلى دفاترهم وكتبهم وأستمع إلى أحاديثهم الخاصة بطرق كتابة الأحرف الهجائية، ومع التكرار أصبح لدي مبادئ الكتابة الأولية مع وجود الكثير من الأخطاء اللغوية».

وتضيف:«وبعد زواجي في سن "17" بدأ مشوار الدراسة مع أولادي حيث كنت أحاول التعلم منهم دون أن أشعرهم بأني لا أجيد القراءة والكتابة من خلال متابعتي لدراستهم اليومية لأنها كانت فرصتي الوحيدة لأتمم ما بدأته مع إخوتي وذلك حتى صفهم السادس في عام "1983"، حيث أصبحت قادرة على الكتابة وقراءة كل ما يقع بين يدي».

وعن علاقتها بالشعر تقول: «الشعر هو روحي التي لا أستطيع العيش دونها وهو المنفذ الوحيد الذي تمكنت من خلاله إظهار ما في داخلي وعند إلقائي الشعر أشعر أني على بساط الريح وربما أعلى لأني أعيش في حالة الحدث الذي أتحدث عنه ومن خلاله أستطيع تقمص شخصية الذكر للتغزل بالأنثى وبالعكس لكن الأحب إلى قلبي أن أبقى أنثى».

أما عن ردة فعل المجتمع والأسرة على الطريق الذي اختارته لحياتها: «في البداية رفضت الأسرة هذه الفكرة لعدم ثقتهم بقدرتي على إكمال الطريق وخوفهم من فشلي وانعكاسات هذا الفشل عليّ وعلى أفراد أسرتي، ولكن الحمد لله أنا اليوم مفخرة لهذه الأسرة حيث يتابعون جميع مشاركاتي وكتاباتي».

يشار إلى أن الشاعرة تعمل في مجال الخياطة ولها مشاركات أدبية عديدة منها في مهرجان "الخالدية العربي" للشعر الشعبي والنبطي في "الأردن". مشاركات في جميع المحافظات السورية من خلال الأماسي الشعرية والأدبية. صدر لها ديوان مطبوع بعنوان "ندى القلوب" ويضم "30" قصيدة وجدانية إضافة لوجود حوالي "4" دواوين جاهزة للطباعة تنتظر التمويل المادي اللازم.