من يقرأ شعره أو أياً من كتاباته؛ ومن يتابع مسيرة حياته العملية يدرك أن الإبداع لا يحتاج إلى شهادات موقعة ومختومة بل الإبداع هو الإنجاز الذي يحققه الإنسان في ظل أصعب ظروف الحياة إنه الشاعر "ناصر هلال" من أهالي قرية "حكر سمكة" التابعة لناحية "العنازة" في محافظة "طرطوس".

رحلة العمل ومسيرة الإبداع الذي أنجز خطواته متأخراً حدثنا عنها السيد "ناصر" خلال لقاء eTartus معه بتاريخ 12/10/2008 وكان لنا اللقاء التالي:

لست في موقع الناصح لأن لكل أديب وقاص تجربته الخاصة ولكن أقول جملة واحدة عدم الارتكاز على الدعاية والابتعاد عن الغرور لأن الإبداع أساس النجاح والشهرة

*نود في البداية أن نتعرف على بداية مسيرة الأديب "ناصر هلال"؟

ولدت في العام 1959 في قرية صغيرة من ريف محافظة "طرطوس"، ودرست في مدرسة القرية حتى المرحلة الإعدادية لعدم وجود ثانوية في المنطقة في ذلك الوقت، ونتيجة لظروف الفقر الذي كانت تعيشه العائلة للأسف لم أتمكن من متابعة دراستي، مما دفعني للتطوع في صفوف الجيش العربي السوري منذ العام 1967 وبقيت فيه حتى العام 1986، وكنت خلال تلك الفترة أتابع النشاطات الثقافية والفكرية حسب الوقت المتاح لي، وفي العام 1973 تجرّأت وأرسلت ما يشبه القصيدة إلى مجلة "جيش الشعب" وفوجئت بأنها نشرت كقصيدة العدد وكان عنوانها "القدس أورشليم" وتقاضيت عنها أجرة استكتاب في ذلك الوقت خمس وعشرون ليرة ورقية مازلت أحتفظ بها حتى الآن، وتابعت الكتابة في مجلة "الجيش" طوال فترة الخدمة فيه، وقد كتبت القصة القصيرة أيضاً حتى أصبحت تربطني علاقة حميمة برئيس تحريرها في ذلك الوقت الدكتور "تركي صقر" وفي العام 1986 لم أعد قادراً على المتابعة في الجيش فتقدمت بطلب تسريح وتفرغت وقتها للعمل الزراعي في القرية مع متابعة بعض النشاطات الأدبية حتى تكون لدي مكتبة تحوي ما يزيد على 1000 كتاب متنوع بين القصة والرواية والشعر والتاريخ.

وفي العام 1985 بدأت صحيفة "الوحدة" في محافظتي "اللاذقية" و"طرطوس" وقد دعاني المرحوم "نزار درويش" رئيس التحرير للكتابة في زاوية فيها تحمل اسم "وقال البحر"، وتابعت الكتابة فيها من العام 1986 إلى العام 2004 بشكل مستمر وأسبوعي».

*متى بدأت بإصدار مؤلفاتك الأدبية؟

**«في العام 1990صدرت لي أول مجموعة شعرية بعنوان "هذا أنا" وقد لاقت بعض الاستحسان لدى الأدباء والشعراء في المحافظة وقد أكون شرحت فيها نفسي ومعاناتي لأن الكاتب مهما كان حيادياً فلابد أن يسقط بعضاً من مشاعره ونفسيته على مادته الأدبية».

*في أي الأجناس الأدبية تفضل الكتابة؟

**«أنا أؤمن بالتخصص ولكن بحكم عدم قدرتي على إكمال تعليمي الجامعي كنت أقرأ كل ما يقع بين يدي وبدأت باقتناء الكتاب منذ أن كان سعره بالقروش إلى أن أصبح بمئات الليرات لذلك قرأت الرواية والشعر بأنواعه والقصة القصيرة والمسرح ولكنني أميل أكثر إلى الشعر المنثور وهذا ما أكتبه الآن».

*في "حلب" نظمت مهرجاناً شعرياً أسميته "طرطوس في حلب" حدثنا عنه؟

**«عندما كنت مديراً للمكتب الصحفي في محافظة "حلب" دعوت مجموعة من شعراء وأدباء محافظة "طرطوس" للمشاركة بمهرجان خاص بهم بهدف التعريف بهم وبشعرهم ومواهبهم وإبداعاتهم وأريد أن أقول أني كنت حينها أكتب في زاوية خاصة بجريدة "الجماهير"، كما أسست جريدة "الفرات" بـ"دير الزور" بالتعاون مع أدباء المحافظة وبتشجيع ودعم وتمويل من المحافظ آنذاك الدكتور "صلاح كناج"».

*بماذا تنصح شعراء الجيل القادم؟

**«لست في موقع الناصح لأن لكل أديب وقاص تجربته الخاصة ولكن أقول جملة واحدة عدم الارتكاز على الدعاية والابتعاد عن الغرور لأن الإبداع أساس النجاح والشهرة».

الأديب "ناصر هلال" تزوج متأخراً جداً وأنجب طفلين "خالد" و"خزامى" وقد كتب مقطوعة صغيرة أهداها إلى ابنه "خالد" بعنوان "أزرع الآن" يقول فيها:

«بيدي الممدودة كصراط

وبأصابعي المفروشة كمذراة القمح

أفتح أثلام الأرض كبوابات مشهورة

أفتح أثلام الأرض

هنا سأزرع قصباً نهرياً لصنع النايات الحزينة

وهنا سأزرع عنباً مسكراً لرواد الحانات والشعراء

وهنا سأزرع توتاً برياً بأغصان عالية وأوراق عريضة لستر العورات

أما هنا في هذا المكان البكر كرؤوس الجبال وذؤابات الغابات

سأزرع أملاً حانياً لشغاف القلب "خالد"»

بقي أن نشير إلى أن الشاعر "ناصر هلال" بدأ بالتنقل بين عدة محافظات كمدير للمكتب الصحفي منذ العام 1996، وقد صدرت له مجموعات قصصية مثل "فضاءات الذاكرة" و"طقوس الأشياء" ومجموعات شعرية مثل "أشياء متنافرة" و"الرحيل في المكان" ومسرحية بعنوان "صندوق الفرجة" مثلت في المسرح القومي بـ"طرطوس" وأخرجها الفنان "نضال حمود"، إضافة إلى مسرحية أخرى بعنوان "العصري" وهي مسرحية كوميدية مثلت من قبل نقابة النقل البري في محافظة "اللاذقية" وأخرجها المرحوم "محمود القّيم"، ومازالت لديه مسرحية تحمل عنوان "الذباب الأزرق" وهي تنتظر من يخرجها إضافة إلى مشروع مسلسل تلفزيوني لم يكتمل بعد بعنوان "النهر يتوقف الآن"، ورواية قيد الانجاز بعنوان "قد أجيء الآن".