«زرعت على قبرها وردة ومضيت.. منذها نسيت شكل الحبق.. والجوري.. كانت صفراء.. فاتنةً.. قريبةً جداً من مواطن الحزن..

بهذه اللغة الشاعرية يبدأ القاص محمد سعيد حسين عشر قصص يكاشف فيها زهرة الدفلى، التي يقول عنها أنها تشبه الحياة بكل مفارقاتها، وذلك في مجموعة «مكاشفات زهرة الدفلى» الصادرة مؤخراً عن دار الينابيع في دمشق.. حول هذه المجموعة، وما أثارته من قراءات كانت تفاصيل هذا الحوار: ‏

  • في مطلع عقد الثمانينات، بدأت الكتابة شعراً، لكن ـ وبعد توقف دام طويلاً بعض الشيء ـ كان النتاج المطبوع قصصياً، والسؤال: ‏

  • كيف حصل ذلك؟ ـ وهل كانت فترة التوقف لاختيار جنس الكتابة؟ ‏

  • ** لا أعرف كيف حصل ذلك، لم يكن الأمر قراراً اتخذته، كما لم تكن الكتابة يوماً.. ‏

    عندما توقفت، لم أقرّر هذا التوقف، وعندما عدت كذلك، لم أكن قبل فترة التوقف قد قدمت نفسي للوسط الأدبي، ولم أفكر يوماً بذلك، ثم كان الدخول في هذا الوسط ـ وبالتالي العودة إلى الكتابة ـ من بوابة صالون طرطوس الثقافي.

  • هل لهذا الأمر وسمت قصتك بأنها تتجه نحو الشعرية؟! أسأل كيف تم ذلك، دون أن يفسد الشعر القصة؟! ‏
  • ** قلت إنني مازلت أكتب الشعر، أما عن القصة الشعرية، كما تريد أن تسميها، فهي موجودة فعلاً، كما المسرحية الشعرية، الشعر القصصي أو الملحمي موجود عند العرب، كما عند غيرهم من الشعوب، منذ أمدٍ بعيد، وما زال موجوداً حتى الآن، أعتقد أنك تعني استخدام «لغة الشعر» في السرد القصصي، أو الروائي، وهنا يجب التمييز أيضاً بين شعرية اللغة، واللغة الشاعرية، فهذه ـ«اللغة الشاعرية»ـ قد تجهد النص وبالتالي تفسد السرد و تجهض القصة، إن أسيء استعمالها، لكن لا أظن أن هناك ما يمنع من استخدامها في القصة، شريطة أن يتقن الكاتب هذا الاستخدام.

  • هل تمّ ذلك لمفارقة المألوف، ثم ألا يخشى من هذا التداخل، كأن تتحول القصة إلى قصيدة؟!! ‏
  • ** لا يمكن للقصة أن تتحول إلى قصيدة، وإن حصل هذا الأمر ، فستكون قصيدة رديئة، وقصة أكثر رداءة.. ‏

    بالنسبة لي، لو أردت أن أكتب قصيدة، أستطيع ذلك، وأفعله كما أسلفت.. القصة لدي قصة، لا شيء غير هذا، والتنويع في لغة السرد تفرضه ظروف الشخصية والحدث، ولا أظنّ أنني أسعى إلى مفارقة المألوف.

  • عند «وأمست حزني اللانهائي» في الصفحة الثانية، قالت لك القصة /ورقة في مفكرة الخال/ إختم هنا، لكنك تماديت في متوالية من ست قصص جعلتها كلها قصة واحدة، لماذا لم تسمع نداء الختام؟! ‏
  • ** أنا نقلت (ورقة من مفكرة الخال) إلى بداية القصة، لكي أقدم للقارئ شخصية الخال الحقيقية، عبر ورقة من مفكرته، وهنا أظن أنني تواطأت مع الاثنين الخال والقارئ، حتى لا يصعب على أحدهما التعامل مع الآخر،

    بصراحة، أنا لم أسمع نداء النهاية، إلا عندما انتهت فصول المأساة بالنسبة إلي، ولا أرى حتى الآن أن أي مقطع في هذه القصة يصلح لأن يكون قصة مستقلّة، سوى المقطع الأول «ورقة في مفكرة الخال» وقد قدمته كذلك، ولكن باعتباره توطئةً لقصتي القادمة عن «الخال» ومأساته. ‏

    هي لعبة أردت أن ألعبها، وأزعم أنني نجحت فيها.