تمكن الحرفي "محمود حمود" من تشكيل مجسمات فنية بأبعاد دقيقة مدروسة، تحاكي واقع الحرب الحالية، من كتل معدنية صماء هي بقايا آلات متهالكة ذات أحجام كبيرة، فكانت صوراً طبق الأصل تحاكي الواقع، وتبعث رسائل للسلام والمحبة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 تشرين الثاني 2019 الحرفي "محمود حمود" الذي تحدث عن دوافعه للعمل بهذه المجسمات، فقال: «عملي الأساسي في حدادة البواخر البحرية الكبيرة، وعشقي لهذه الأعمال البحرية كان السبب الأساسي بتشكيل المجسمات التي تحاكي الواقع بنسبة تصل إلى 90%، فأستفيد من قطع غيارها المتهالكة لتصميم مجسمات السفن بتفاصيلها الخارجية الدقيقة.

المجسمات صور طبق الأصل لكتل كبيرة، وأكاد أجزم أنها حقيقية من خلال الصور لولا إدراكي لها ومعرفتي بحقيقتها، فهو كحرفي متقن لعمله، ويدخل عليه اللمسة الفنية الاحترافية، ويجعله إبداعياً مما يمكن تصنيفها من ضمن الأعمال الواقعية

والشغف لم يتوقف عند هذه التصاميم البحرية التي كانت جزءاً من حياتي، بل تعداها إلى تشكيل المدرعات العسكرية الثقيلة التي تحاكي واقع الحرب الحالية على بلادي، حيث كان للحرب وآثارها تداعيات فكرية صقلت مجمل الأعمال وحولتها من مجسمات تحاكي الحياة البحرية إلى مجسمات تحاكي الظروف الراهنة التي أصبحت جزءاً منها، مما يعني أن هذه الموهبة لم تمت بل تطورت أفكارها وأدواتها بشكل مختلف عما كانت عليه.

من المجسمات الحربية التي صنعها

هذا الولع لم يكن وليد مرحلة معنية، وإنما كان من صميم مهنة أحببتها وأتقنت مختلف تفاصيلها هنا وفي بعض الدول المجاورة والرحلات البحرية التي قمت بها، فأعمال صيانة هياكل الآليات الثقيلة والسفن البحرية كانت أقرب إلى الأعمال الحرفية الفنية، لما فيها من دقة وجودة وابتكار يحاكي كل حالة على حدا، حيث لا يوجد صيانة تشبه الأخرى كون الظروف متغيرة في كل منها، وكانت لمساتي في هذا الأعمال معروفة لدى جميع الحرفيين في ذات المجال، لذلك كنت مقصداً لجميع الراغبين بمثل هذه الأعمال الثقيلة للهياكل المعدنية العملاقة المستعصية إن صح التعبير».

وعن المجسمات المعدنية التي ابتكرها في الحرب، وأصبحت بمثابة تذكارات يحتفظ بها، ويقدمها للمحبين، قال: «كل قطع الغيار المتهالكة التي يتم استبدالها من الآليات الثقيلة هي بالنسبة لي جزء من مجسم يمكن العمل عليه ليحاكي الأصل، حيث أمضي معظم أوقات فراغي في تشكيل وتركيب قطع الخردة التي استبدلتها مع بعضها البعض بأسلوب فني جميل، منتجاً تشكيلات معدنية مصغرة للعربات المصفحة مثلاً، أو المجنزرة، أو السفينة البحرية التي قمت بصيانة هيكلها، فلا يوجد قطع تالفة وإنما هي جزء من مشاريع لأفكار فنية احترافية».

محمود حمود

ويتابع: «كل من يشاهد أعمالي ومجسماتي يطلب مني تذكاراً يخلد لحظة معينة في حياته، فعلى سبيل المثال حين كانت زوجتي ما تزال خطيبتي؛ قدمت لي قالب حلوى على شكل سفينة بحرية في إحدى مناسباتنا الخاصة، فقمت بتشكيل شكلها العام بالمعدن من القطع التالفة والصفائح المعدنية مطوعاً إياها بالنار والمطرقة وبعض المعدات المخصصة للتعامل مع هذه الكتل المعدنية الصماء.

وكذلك شكلت من البراغي والعزق والمحاور المعدنية مجسم دبابة، وأخرى عربة نقل ومجنزرة حربية ثقيلة، فالأفكار تدور في مخيلتي تلقائياً دون سابق علم بها، ولا يمكنني التحكم بها أو إبقائها حبيسة المخيلة، فتخرج بأسلوب فني حرفي رداً على واقع الحرب كرسالة سلام ومحبة».

من المجسمات البحرية التي صنعها

الحرفية "روجيه إبراهيم" أكدت أن ما يقوم به "محمود" هو أقرب إلى الإبداعي المتداخل مع الشغف الداخلي، وأضافت: «المجسمات صور طبق الأصل لكتل كبيرة، وأكاد أجزم أنها حقيقية من خلال الصور لولا إدراكي لها ومعرفتي بحقيقتها، فهو كحرفي متقن لعمله، ويدخل عليه اللمسة الفنية الاحترافية، ويجعله إبداعياً مما يمكن تصنيفها من ضمن الأعمال الواقعية».

يشار إلى أن الحرفي "محمود حمود" من مواليد "طرطوس" عام 1985.