نشأته في "حي العريض"، ومحبته لمسقط رأسه كانا سبباً إضافياً ليُجمع الأهالي على كلمة يقولها، فأسس لعلاقة طيبة ضمن عمله المجتمعي في مختلف المجالات، فأصبح في حيّه الخادم، والأمين، وحافظ الأسرار.

المختار "بشار معلا" لم يكترث بأن يدفع المال من جيبه الخاص لقاء خدمة يقدمها لأبناء حي "الرمل 1"؛ الذي يضم "العريض"، و"الغمقة الغربية"، فهو مختار ذلك الحي وممثله في مجلس المدينة، حتى إنه سخّر وقته لمتابعة مختلف الشكاوى التي ترد إليه، مع أنه طالب دراسات قانون سنة رابعة ويحتاج إلى هذا الوقت، وذلك بحسب حديث الموظف "ماهر علي العتيق" ابن الحي، ويقول: «اهتم المختار "بشار" بأهالي حيّنا كثيراً نتيجة العلاقة الطيبة والقوية التي تكوّنت فيما بيننا، فلا يوجد شخص تقريباً في الحي إلا واستفاد من خدماته أو لجأ إليه لحاجة ما؛ فأنا مثلاً ساعدني في تعديل وضعي الوظيفي بحكم علاقته الجيدة كعضو مجلس المدينة مع الجميع، علماً أنني لم أترك سبيلاً إلا واتبعته لذلك ولم أنجح.

قبل أن أدخل انتخابات المجلس المدينة عام 2012، أنا ابن "حي الرمل1"، عشت فيه قريباً من الناس وضمن أزقته، وبين هموم سكانه وأفراحهم، حتى بتّ جزءاً من كل حكاية فيه بحكم طبيعتي الشخصية الاجتماعية، حتى بعد أن أصبحت مختاراً لم أجلس في مكتبي، بل كنت في منزل كل فرد للدخول في تفاصيل حياته؛ لأن هذه التفاصيل تمثل الهمّ المجتمعي العام، ويجب أن أكون جزءاً منها ليس كمختار وإنما كـ"بشار معلا"

وأذكر في إحدى المرات عند وصول بعض المساعدات الإنسانية لأهالي الحي، كيف تكفل بتفريغ الشاحنة وتوضيب المساعدات، ثم الاتصال مع المستفيدين لمراجعته والحصول على حقوقهم، والطرفة هنا أنه انقطع بعدها عن الاتصال بعالمه المجتمعي نحو أربعة أيام، والسبب ارتفاع قيمة فاتورة هاتفه الذي سخره للتواصل مع المستفيدين لمراجعته، علماً أننا طلبنا منه تقسيم التكاليف التي دفعها على الجميع فرفض».

ماهر العتيق

"مهند عليان" عضو لجنة الحي، يقول: «علاقة المختار "بشار" مع أهالي حيه لم تأتِ من فراغ، بل هي قائمة على أساسات قوية عمرها سنوات، وهذه الأساسات كانت من تلبية حاجيات الناس، حيث كان دوره حلقة وصل بين المواطن المسؤول، لأنه مدرك تماماً لسبل التعامل معهم وفق القانون بحكم دراسته له، والمواطن لا يهتم إلا بتلبية حاجته، والمختار أدرك هذا ولبّاها بكل حرفية، وخاصة الحاجات الناتجة عن هذه الأزمة في المرحلة الحالية كمساعدات الجرحى وذوي الشهداء وهي كثيرة، وهنا أؤكد أمراً؛ وهو أننا على الرغم من أننا أعضاء لجنة حيّ فلا يمكننا الخوض في الهموم التي يخوضها ويحلها هو، ومنها ما يأتينا على صفحتنا على التواصل الاجتماعي من أغلب الأحياء للمساعدة، فيقوم المختار بالعمل عليها، ومنها إنارة الحي والنظافة التي عانينا منها كثيراً، إضافة إلى الصرف الصحي والحفر في الشوارع التي تابعها من دون كلل أو ملل حتى تمكّن من حلها، وهذا يدل على تصميمه وعزيمته على خدمة أبناء حيّه».

وفي لقاء مدونة وطن "eSyria" مع المختار "بشار حاج معلا" بتاريخ 24 تموز 2016، تحدث عن أهمية أن يكون الفرد منتمياً إلى بيئته ومخلصاً لها، ويقول: «قبل أن أدخل انتخابات المجلس المدينة عام 2012، أنا ابن "حي الرمل1"، عشت فيه قريباً من الناس وضمن أزقته، وبين هموم سكانه وأفراحهم، حتى بتّ جزءاً من كل حكاية فيه بحكم طبيعتي الشخصية الاجتماعية، حتى بعد أن أصبحت مختاراً لم أجلس في مكتبي، بل كنت في منزل كل فرد للدخول في تفاصيل حياته؛ لأن هذه التفاصيل تمثل الهمّ المجتمعي العام، ويجب أن أكون جزءاً منها ليس كمختار وإنما كـ"بشار معلا"».

المختار بشار معلا

المحبة وعمق العلاقات شعور متبادل كما يقول المختار، ويتابع: «متابعتي لأدق تفاصيل حياة أبناء حيي طواعيةً جعلتني على مسافة قصيرة منهم؛ وهو ما كوّن علاقات شخصية مبنية على الودّ المتبادل، فأصبحت بيت أسرار الأغلبية، وهذا أسعدني كثيراً وحمّلني أوزاراً كبيرة تجاه هذه الأمانة، وتكرست بمتابعة طلباتهم وحاجياتهم مهما صغرت أو كبرت في جميع الدوائر الحكومية والرسمية لتلبيتها، ومنها على سبيل المثال: إصلاح وإعادة إنارة الحي بمختلف أزقته بعد أن عاش في ظلام لمدة طويلة».

تمكّن المختار "بشار" من العمل بالشأن العام وتلبية متطلبات الناس، فيكون حيث يجب أن يكون ساعياً لتلبية تلك المتطلبات، ويقول: «صحيح أن العمل بالشأن العام صعب ويحتاج إلى جهد ومتابعة، ولكن هذا تخطيته بمحبة ما أقوم به، وبصدق أقول: إنني لم أنجح بعملي لولا عشقي العمل بالشأن العام، وباتت خدمة الناس عندي هواية ومتعة، وأحياناً كثيرة وبسبب عدم التجاوب من الجهات المعنية؛ وهو عادة ما يؤدي إلى حالة ملل وضجر، ولكن الأمر عندي دافع وحافز ويعطيني قوة للمواجهة، ودائماً كنت أقول ممنوع الإخفاق لأحاول من جديد، وهذا أيضاً كان عاملاً لزيادة احترام ومحبة الأهالي لي».

لقد أسس المختار صفحة على التواصل الاجتماعي أسماها "شكاوى أهالي محافظة طرطوس"، ويقول: «في أواخر عام 2012 نجحت في انتخابات مجلس مدينة "طرطوس"، وفكّرت في كيفية التواصل مع الناس الذين وثقوا بي ومنحوني أصواتهم وأصبحت أمانة لدي، ومن واجبي أن أكون صادقاً معهم لإيصال أصواتهم إلى المعنيين، ومن هنا جاءت الفكرة بإنشاء موقع على الإنترنت وصفحة على "الفيسبوك"، وفعلاً تلقيت كمّاً هائلاً من الشكاوى لأنطلق في كل يوم حاملاً أجندة عمل وزيارات لحلها وتقديم المساعدة للناس، ثم أنشر الحلول التي وصلت إليها على الموقع والصفحة ليكون كل شيء معلناً، علماً أن أغلب الشكاوى بحسب خبرتي بأسماء وهمية، ولكن هذا لا يهمني طالما هناك خدمة يمكن تقديمها لمستفيد».

يذكر أن المختار "بشار عبد الكريم حاج معلا" من مواليد "حي العريض" في مدينة "طرطوس"، عام 1972.