اهتمّ بالكثير من القضايا المرحلية والأدبية النقدية التي تشوبها الإشكاليات؛ بهدف إعادة بناء وتأسيس بنى تحتية قوية تساهم في بناء الجيل المناسب، من خلال التركيز على مرحلة ما بعد إنتاج الكتاب الفكري، وتوظيفه لخدمة المجتمع.

قبل دراسة الأدب العربي في "جامعة تشرين" درس الكاتب والباحث "يوسف مصطفى" الابتدائية والإعدادية في مدينته "الدريكيش"، وتخرّج في دار المعلمين في "حلب" عام 1966، وعمل مدرّساً وموجهاً تربوياً، وركّز على الكثير من القضايا المهمة؛ وأهمها ما يتعلق بالجيل الشاب، وفي لقاء له مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 7 تموز 2016، يقول: «في البدايات انطلقت من التركيز على سلامة النطق واللغة والإعراب الصحيح وجمالية النص، وحاولت فتح شهية التذوق لدى الطلبة في هذه المجالات عبر التشجيع والتحفيز، والمشاركة في العرض والتقديم، والندوات والمحاضرات التفاعلية، وكانت النتائج جيلاً مثقفاً وواعياً، ومن هذا المنطلق أرى أن هذا الجيل اليوم تلزمه إعادة العمل عليه من جديد، فهو لا يقرأ ولا يتذوق أي نص أدبي أو إبداعي وفكري، لأن العولمة قد خطفته إلى عوالم أخرى، ومن هنا أؤكد أنه يجب مشاركة وتوظيف هذه العولمة لإعادة بنائه».

إن الهدف من تسليط الضوء على هذه الأمور هو إظهارها والتثقيف بها، وصولاً إلى جيل الشباب، وبالتالي إعادة بناء العقلية الإيمانية البعيدة عن "الإسلاموية" السياسية، وبالتالي بعيدة عن توظيف الدين لأغراض سياسية، كما كتب في هذا المجال مئات المقالات وعشرات الأبحاث، وألقى العديد من المحاضرات والندوات

عمل الكاتب "يوسف" على الجانب الفكري وبطريقة بحثية منهجية نقدية، وعنها يقول: «في النقد الأدبي أو النقد التطبيقي اشتغلت على النص لكشف فنيته وبنائيته وجماليته، ومنها: البحث في موضوع "الألم" عند الشاعر "نديم محمد"، وجمالية المطالع في شعر "بدوي الجبل"، والرومانسية في شعر "نزار قباني"، والصورة عند الشاعر "شفيق خبري"، وبهذا العمل النقدي صدر لي ثلاثة كتب؛ أولها "الميزان"، وثانيها "القاع والمحراب"، وثالثها "حصاد السنابل".

المدرس يوسف دخيل

كما عملت على عدد من النصوص الشعرية لعدد من الشعراء، منهم: "محمد الماغوط" سيد قصيدة النثر، والشاعر "حامد حسن" أحد علامات الكلاسيكية الحديثة أي القصيدة العمودية المطورة، وذلك ضمن إنتاجاتهم الفنية، والجمالية، وحداثة الصورة لديهم، والإبداع، والقدرة، والتخيل، واللغة، واللفظ، والقافية، والانتقالات».

أما على صعيد المنتج الفكري، فكان له باع طويل، ويقول: «اهتممت بالتاريخ والتراث والمواقع الأثرية وتوظيفها السليم لخدمة المجتمع، عبر طرح المشكلات والحلول، وكيف يمكن التوظيف، وبالتالي على مواقع تهم النهضة العربية، ولدي كتاب مخطوط في هذا المجال بعنوان: "كتابات على جدار الزمن العربي"، وفيه أتحدث عن أزمة الواقع العربي في السياسة والاقتصاد، واللغة والخطابة، والأصالة والمعاصرة، والتجديد والإحيائيات، والتدين والإيمانيات، وكيف يجب أن نكون، وقد ساهمت بالتغيير الإيجابي في المجتمع».

المدرس يونس إبراهيم

وفي لقاء مع المدرّس "يونس إبراهيم" ابن مدينة "الدريكيش" الذي عاصر الكاتب "يوسف مصطفى" سنوات جيدة، يقول: «لقد اهتم الباحث "يوسف" بمحور مهم في المرحلة الصعبة التي نمر بها؛ وهو محور التطرف والعنف والأسباب والدواعي والعلاج، لأنه آمن بأن التنمية هي الأساس، وأن الوصول إلى الأرياف والبيئة هو أساسي في تنويعها وبالتالي إحيائها، كما اشتغل على موضوع العروبة والإسلام، وقال: (إن الإسلام هو رافعة عروبية كبيرة، والعروبة والإسلام مكملان، وإن مقومات وأساسيات الإسلام عربية وصولاً إلى الجغرافية)، وهذا ما نحن بحاجة إليه ليدركه القاصي والداني، ويتنور به الجميع، إذن، هو اشتغل على قضايا تمس حياتنا بوجه مباشر وغير مباشر».

أما المدرّس "يوسف دخيل" ابن مدينة "الدريكيش"، فيقول: «أنا والكاتب "يوسف" من جيل واحد؛ وهذا يجعلني أعرفه جيداً وعن قرب، فهو يدعو إلى المحبة والإنسانية باستمرار، ووظّف قدراته البحثية في هذا المجال، لأنه يرى الحضارات لا تبنى بغير المحبة، بمعنى أن المحبة هي قبول الطرف الآخر ومحاورته ومشاركته، وتقاسم الرغيف معه، والتعاون معه؛ لأن الانتماء إلى الهوية والوطن والعلم المقدسين واحد».

الكاتب يوسف مصطفى

ويتابع: «إن الهدف من تسليط الضوء على هذه الأمور هو إظهارها والتثقيف بها، وصولاً إلى جيل الشباب، وبالتالي إعادة بناء العقلية الإيمانية البعيدة عن "الإسلاموية" السياسية، وبالتالي بعيدة عن توظيف الدين لأغراض سياسية، كما كتب في هذا المجال مئات المقالات وعشرات الأبحاث، وألقى العديد من المحاضرات والندوات».

وبالعودة إلى الكاتب "يوسف مصطفى" يضيف: «قدمت أبحاثاً ومقالات تخص فكرة الحداثة وبعض شروطها، وكيف يجب أن نرتقي بصورها لنعوض عن انكسار الموسيقا الشعرية فيها، إضافة إلى الاهتمام بمرحلة ما بعد إنتاج الكتاب الفكري؛ أي توظيفه لخدمة المجتمع، لأن قيمة أي فكر أن يصل، فشاركت ببرنامج إذاعي يديره الإعلامي "جمال الجيش" رئيس الدائرة الثقافية في "إذاعة دمشق"، وقدمت العديد من الحلقات في النقد والعقل النقدي، والثقافة، والإحيائية الثقافية، والمشروع الثقافي وتجديده».

يشار إلى أن الكاتب والباحث "يوسف مصطفى" من مواليد عام 1946.