لم يدرك "جرجس جبارة" أن تفكيره التنموي الكامن داخله، سيلاقي في الأيام القادمة من حياته مساحة تُبرزه، وتقدم مشاريع تشغيلية تحقق الفائدة لمن يرغب في إطار تنمية مستدامة.

إن المشاريع التنموية التي بادر الموظف في "معمل إسمنت طرطوس" "جرجس جبارة" إلى إقامتها بهدف تحقيق عائدات مادية وفائدة إنتاجية على الناس، ومنهم "عبد الله معوض" القاطن في قرية "الفيحاء"، الذي قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 شباط 2016، عن معرفته وعلاقته برجل الخير "جرجس جبارة": «نحن في زمن قلما نجد فيه من يمد يد العون للآخر، لكن "جرجس جبارة" كسر هذه القاعدة، وجعل من فعل الخير مبادرات يتسابق الناس للمشاركة بها، فهو يساعد الناس جميعاً، وخاصة الأخوة الوافدين، ويده ممدودة لأي جانب فيه خير لهم، فمن خلال مشاريعه التي بادر بإنشائها كمشروع تربية النحل لإنتاج العسل، يقوم بتشغيل عدة عائلات فيه، وحتى في مشروع مزرعة الأبقار الذي جاهد لإنجازه وتقديم العمل لمستحقيه من الفقراء، كما أنه يقدم من إنتاجه في كلا المشروعين للعائلات المحتاجة من دون أن يحصل على مقابل، وهذا بحد ذاته في وقتنا الراهن إنجاز لتقوية العلاقات الاجتماعية وتحييدها عن الارتباطات المادية».

كان له الفضل في تقديم المساعدات للمحتاجين، وبوجه خاص للوافدين، ومنها الأدوية والسلل الغذائية، كما كان له الفضل في التشبيك مع بعض المنظمات الدولية لتمويل مشاريع إنتاجية تخدم مجتمعه المحلي والأخوة الوافدين عن طريق عمله في جمعية "الفيحاء" الخيرية

ويتابع: «عندما نرى شخصاً مثله يسعى لتحقيق تنمية مستدامة لمجتمعه لا بد من المشاركة معه وفق المستطاع، وهذا دفعني إلى المبادرة وتقديم قطعة أرضي بأجر رمزي لإقامة مشروع تربية النحل الذي حقق فرصاً حقيقية لمن يستطيع العمل، وفعلاً تحقق الهدف وتم تشغيل عدة عائلات به، وأنا أعدّ نفسي من المستفيدين باستثمار أرضي بالمشروع».

مشروع النحل

أما "جورج يوسف" من أبناء القرية ذاتها، فقال: «أنا أعدّه إنساناً عملياً يمتلك أفكاراً نيرة في مجال خدمة المجتمع، ومنها على سبيل المثال "مشروع إنتاج الفطر" الذي حقق ويحقق مردوداً مادياً يعود بالخير على من يعمل به، وبات مصدراً لمادة غذائية نستهلكها دائماً، أي إنه أمّن لنا منتجاً فقد من السوق في مرحلة معينة، وبأسعار منافسة».

ويضيف: «كان له الفضل في تقديم المساعدات للمحتاجين، وبوجه خاص للوافدين، ومنها الأدوية والسلل الغذائية، كما كان له الفضل في التشبيك مع بعض المنظمات الدولية لتمويل مشاريع إنتاجية تخدم مجتمعه المحلي والأخوة الوافدين عن طريق عمله في جمعية "الفيحاء" الخيرية».

مشروع إنتاج الفطر

وتحدث "جرجس جبارة" عن الدافع الذي جعله ينذر وقته وحياته لهذه الأعمال، فقال: «منذ الصغر وأنا أرى أن المجتمع كتلة واحدة من التعاون والمشاريع المدرة للدخل، لكنه يحتاج إلى بعض التفكير لاكتشاف الطرائق المثلى التي تحقق الهدف التنموي، وهنا بدأت الأفكار تتبلور على أرض الواقع، وبدأت آخذ حيزي في مجال التنمية المجتمعية، فأصبحت ممثل الجمعيات الأهلية في المحافظة، أقدم الأفكار وأحققها على أرض الواقع، وقد تمكّنا من تأسيس معهد كمبيوتر لتدريب الراغبين بالتعلم المجاني، بإشراف مدرّسين مختصين، والهدف تنشئة مجتمع قوي وسليم ومثقف، وخاصة مع ثورة المعلومات والاتصالات التي غزت كل بيت، إضافة إلى إنشاء معهد رسم يحقق الهدف ذاته، حيث تم تدريب 100 طالب وطالبة، واكتشاف مواهب مغمورة في الفن.

وعلى صعيد المشاريع الإنتاجية المشغلة لليد العاملة التي تعاني من البطالة فكانت مزرعة الأبقار واحدة من هذه المشاريع، وأخرى لزراعة الفطر وتربية النحل؛ وهي من المشاريع المستمرة، والنتائج فيها مميزة، حيث إن مشروع النحل أنتج في عامه الأول 150 كيلوغراماً، وشغل عدة أسر محتاجة».

السيد جرجس خلال متابعة العمل

العلاقات الاجتماعية التي حققها ساهمت بتذليل بعض الصعوبات، وهنا قال: «أنا مرتّل بالكنيسة ومحاسب لجنة الوقف فيها، وهذا خلق لدي علاقات اجتماعية قوية وظفتها في خدمة المشاريع التنموية، وتصريف المنتجات من المشاريع، كالحليب المنتج في مزرعة الأبقار ومشتقاته التي يمكن أن أقول عنها إنها وصلت إلى دول الاغتراب لجودتها والهدف المنشود منها، حتى إن علاقاتي ساهمت بجمع تبرعات كبيرة لمصلحة الجمعية الخيرية التي تم تأسيسها في قرية "الفيحاء" وحملت الاسم نفسه، وتم إشهارها عام 2006، حيث أشغل الآن رئيس مجلس إدارتها، وهي المسؤولة عن المشاريع الإنتاجية وإدارتها».

يشار إلى أن "جرجس جبارة" من مواليد قرية "الفيحاء" منطقة "الخراب" عام 1953، متزوج وله ثلاثة أبناء.