هواية تربية الطيور المميزة والفريدة رافقت مربي الطيور "سليم رضوان" منذ الصغر، وما لبثت أن تحولت مع مرور الوقت إلى عمل ينتج منه أصناف وأجناس طيور محلية ومستوردة، معتمداً على أندرها للتسويق.

البداية كانت من تربية طيور الحمام، وليس أي حَمَام! وإنما أجملها وأميزها شكلاً ونوعاً، وهنا قال مربي الطيور "سليم رضوان" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 4 تشرين الثاني 2015: «عندما بدأت تربية طيور الحمام كنت في الصف السادس تقريباً، وكان لدي نحو عشرين زوجاً من أجملها وأندرها، واستقدمت أمهاتها من بعض الأصدقاء في قريتي "خربة السناسل"، أي حينها لم يكن بمقدوري الخروج خارج حدود القرية للبحث عنها وتربيتها، ومع مرور الوقت تكوّن لدي سرب كبير لفت أنظار الناس والأهل، وفي إحدى الفترات مرضت ولم يعد بمقدوري العناية بها فقررت البدء بتناولها كوجبات لحم لها فوائدها وأهميتها بالنسبة للمتوعكين صحياً كما في حالتي، ومن يشعر بالمرض لا يمكنه تناول الطعام، وهذا أمر ركزت عليه كنوع من المقاومة للمرض.

عندما تفقس البيوض ضمن الحاضنة التي أصنعها بنفسي، وتنتج الفراخ يكون لدي تعامل خاص معها كما أتعامل مع أطفالي الصغار، فأطعمها البيض والأرز المسلوق، وأحياناً أطعمها بواسطة فمي، ومن هنا تتكوّن العلاقة الخاصة فيما بيننا

وبعد شفائي اهتممت بتربية الدجاج الفرنسي ذي النوعية الجيدة وبعدها طائر الحجل والدنور والبط أيضاً، وأخذت هذه الهواية كل وقتي ولازمتني حتى يومي هذا، وأصبحت شغلي الشاغل وكأنها أسرتي الصغيرة التي أهتم لها وأعتني بها عبر اقتيادها إلى الطبيعة خارج الأقفاص وكأنها مواشٍ تسير برفقتي، وهذا كان حديث الناس عن طبيعة العلاقة فيما بيننا. ولم أكتفِ بتربيتها كأزواج قليلة العدد، إنما عملت على تفريخها طبيعياً عبر أمهاتها أو عبر دجاج من النوع الفرنسي والتحكم بمواعيد احتضانها للبيوض وتفقيسها، وهو أمر يحتاج إلى علاقة مميزة مع الطيور؛ الذي ساهم بتكوين أسراب من تلك الطيور لدي».

سليم يقوم بعملية تشذيب ريش دجاجة الفرح ديبا

مربي الطيور أصبح شاباً في مقتبل العمر، وبدأ يفكر بالاستثمار وتحقيق مردودية مادية تعينه على تربية الطيور المكلفة، وهنا قال: «قمت بتربية طير الكنار، وكانت التربية عبارة عن أزواج قليلة العدد، وبدأت أنتج منها عبر التفريخ والتفقيس الطبيعي والصناعي طيوراً بأعداد كبيرة، حتى وصل عددها إلى حوالي 140 زوجاً، ونتيجة ارتفاع أسعار أعلافها بعتها بالكامل، وكانت هذه أولى عمليات الاستثمار الحقيقي لهوايتي، ومن هنا انطلقت بمشروع التربية والتفريخ لمختلف الطيور المحلية والمستوردة المميزة».

وعن مغامرته في التربية، قال: «ربيت طائر "الدنور" المميز، لكن عانيت من حساسيته المفرطة تجاه العناية به، وقد تمرست عليها بالخبرة والتعامل المباشر معه، علماً أنه لم ينفق من عندي أي طائر منها خلال عملية التربية، وهذا أمر قلما يحدث مع المربّين، لقد تأقلمت مع هذا الواقع وامتلكت أسلوباً خاصاً ومميزاً في التحاور والتفاعل معها».

الفازان من الطيور لديه

التميز في عمليات التفقيس رافقه تميز في طريقة التعامل مع صغار الطيور، حيث أضاف: «عندما تفقس البيوض ضمن الحاضنة التي أصنعها بنفسي، وتنتج الفراخ يكون لدي تعامل خاص معها كما أتعامل مع أطفالي الصغار، فأطعمها البيض والأرز المسلوق، وأحياناً أطعمها بواسطة فمي، ومن هنا تتكوّن العلاقة الخاصة فيما بيننا».

ويضيف: «كما عملت على تربية طائر "الفري"، وبدأت بها كمشروع استثماري بعد عملية صيده بواسطة الشباك الكبيرة التي ساهمت بإدخالها كطريقة آمنة وسليمة إلى القرية، فأمسكت بطائرين ذكر وأنثى وعملت على تربيتهما وكأنهما يعيشان في الطبيعة البرية، ووفرت لهما مختلف وسائل التربية التي توحي بذلك، حتى إنني بتّ أجني لهما بعض الحشائش البرية التي يعتمدان عليها في حياتهما الطبيعية، وبعدما بدأا إنتاج البيض قررت إنشاء فقاسة كبيرة ضخمة خاصة بهما تعمل بالحرارة وتوفر درجات مستقرة وثابتة منها على مدار أيام الاحتضان، وهذا ما استدعى عمليات تجريب متعددة؛ لأن طبيعة الفقاسة الكبيرة تختلف عن الفقاسة الصغيرة التي صنعتها مسبقاً، وعلى الرغم من ذلك تمكنت من تطبيق "براد" منزلي كحاضنة مجهزة بمختلف التجهيزات المهمة للتفقيس».

مع فقاسة البيض التي ابتكرها محلياً

وعن الأنواع التي يملكها حالياً وأنتج منها أزواجاً جاهزة للاستثمار قال: «لدي طيور دجاج قزمية وقطنية وقرنفلية، إضافة إلى طائر الفازان البلدي منها والأجنبي، فالبلدي متوفر بمنطقة الجزيرة في "الرقة" و"دير الزور"، حيث أحضرها إلى بلادنا "هارون الرشيد"، وكان مذاق لحمه من أطايب الطعام لديه لغناها بالفيتامينات والبروتينات بنسب عالية، أما الأجنبي فمصدره رومانيا وبلغاريا ومنطقة أوروبا الشرقية، ويتميز عن البلدي بألوانه الزاهية المائلة إلى الأصفر الذهبي الذي أعطاه جمالية رائعة، وتعدّ تربيته في منطقتنا ناجحة نتيجة المناخ المعتدل في موطنه الأصلي؛ الذي جعله يتكيف مع مناخنا جيداً، كما لدي زوج ناضج منه حيث وضعت بيضه تحت دجاجة قزمية لتفقيسه، وهذه تجربة لم يسبقني أحد إليها في منطقتنا، وكذلك تربيته؛ وهو ما دفع محبي تربية الطيور للقدوم والتمتع بجماليته».

المربي "سهيل عبد الله" يتعامل مع المربي "سليم" دائماً فيما يخص تربية الطيور، وقال: «أنتج المربي "سليم" كميات كبيرة من طائر الفري، وهذا أمر لم يحدث مسبقاً في منطقتنا بذات الطريقة ومنهجية العمل اليدوي، وأنتج كميات جيدة منها وبدأ تسويق المنتج كلحم أو طائر أو بيض، معتمداً على أصدقاء ومعارف وعشاق ومهتمين بهذا النوع من اللحم اللذيذ».

مجمل ما ذكره المربي "سليم" عن الطيور يعدّ من النوادر، لكن هذا لم يشفِ غليله، وهنا قال المربي "سهيل": «الجديد في التربية لديه هو تربية طيور "الفازان" النادرة وتفريخها لديه لإنتاج عائلة كبيرة منها يمكن استثمارها والبيع منها لمحبي هذا الطائر الجميل، وهذا جعل منه مصدر خبرة يستنير بها أغلب مربي الطيور والهواة على حد سواء».

زوجته "رفيقة" غاصت في أجواء التربية وتعلمت من خبرته الكبيرة، حيث أكدت: «لم تنحصر خبرة زوجي عليه وحده بل استفاد منها أغلب المربين، لأنه محب لهذا العمل ويتمنى أن يعمم ويشمل الجميع للفائدة.

وعلى الرغم من هذا سيبقى التميز عنوان عمله، فقلما تجد مربي طيور يقوم بتنظيفها عبر رشها بالماء وتسريح ريشها بهواء مصفف الشعر النسائي، كما يقوم بتقليم ريش بعضها كدجاجة "الفرح ديبا" الهندية».