قدم الباحث والكاتب "حسن بلال" مؤلفات فكرية ونظريات علمية، لو سنحت الفرصة لتطبيقها لأغنت المجاميع البحثية، وقلبت الكثير من المفاهيم العلمية باستخدام التقنية النانوية.

فما قدمه هذا المفكر والباحث السوري أغنى المكتبة السورية، حيث غاص من أجل أبحاثه في الكثير من المراجع العلمية العالمية، واعتمد في بعضها على تجارب مخبرية بحثية، في فترة اغترابه ضمن العديد من الدول العربية، وهذا بحسب حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 22 تشرين الأول 2014، حيث أضاف: «شغلت فكري تساؤلات الحياة التي شغلت العالم أيضاً في مرحلة من المراحل، فذهب هذا العالم باتجاهين متناقضين، الأول نحو المتناهي في الصغر كالذرة ومكوناتها، لاكتشاف سر الحياة، والثاني نحو المتناهي بالكبر، حيث إن المركبة الفضائية عبرت المجموعة الشمسية إلى مجرة أخرى.

يحاول الباحث "حسن" من خلال منتجه الفكري تبسيط المفاهيم العلمية، حيث تصل إلى أكبر قدر ممكن من الناس، ومن ثم يصبح لدى الجميع حب الاطلاع والمعرفة، وهو ما يساهم بثقافة علمية نحن بحاجة إليها كثيراً للنهوض بالمجتمع، وهذا يساهم في بناء جيل وطني معرفي

وهذه التساؤلات لم تأت من فراغ، ولم تكن عبثية فكرية، وإنما كانت نتيجة تخصصٍ علمي، فبعد دراستي الجامعية؛ اختصاص الفيزياء والكيمياء في جامعة "حلب"، تقدمت لدبلوم تأهيل تربوي وأسست لمشروع تعليمي يؤسس لأجيال تنطلق بتفكيرها وتحاول إيجاد الحلول لأغلب المشكلات التي تثير التساؤل.

مجموعة من مؤلفاته

حقاً هنا يمكن القول إن المخزون الفكري اغتنى بمكتبة المنزل التي كانت حاضرةً في معرفتي الشخصية وأساساً في طاقتي الفكرية، التي دفعتني بمحاولات لكتابة القصة كنوع من التفريغ، وهو مشروع ما زال قائماً حتى الآن، فالمعرفة كما يقول المؤرخ "أرنول توينبي": "التحدي أساس الحضارة"، وكان لدي التحدي لاستكمال المعرفة الشمولية لأغلب فروع الحياة في تلك المرحلة، فحتى مطلع السبعينيات كان للمثقف قيمة، ولكن الآن تدهورت بكثرتهم وقلة إنتاجهم، وتدهور القراءة العامة، بسبب دخول العامل الاقتصادي كمعيار مادي في القيمة المعرفية».

ويتابع الباحث "حسن": «في البداية أغراني الأدب، وقد اطلعت على جميع أعمال "دستوفيسكي"، و"جبران خليل جبران" في الثانية عشرة من عمري، وفي المرحلة الثانوية كانت طريقة التفكير الموجودة في المجتمع من عادات وتقاليد، إغراء بالنسبة لي لمعرفة أصولها وأبعادها وتأثيراتها، ولماذا هي مؤثرة حتى اليوم، فاشتغلت تاريخ منطقة لثلاث سنوات بمخطوطاته القديمة والحديثة، للإجابة عن سؤال لماذا انهزمنا عام 1967؟ وهل هي هزيمة معرفية، أم أن الهزيمة في بنية الإنسان؟ أم أن هناك أسباباً أخرى يجب تسليط الضوء إليها، حتى نستطيع كجيل قادم الخروج من هذه الهزيمة، فأهمية العلم برأيي بانعكاس أفكاره الفلسفية على المجتمع.

الباحث حسن مع عائلته

عند إذ تقلص الأمر باتجاه مهم، هو لماذا لا نفسر هذه الظواهر التي تحيط بنا؟ ولماذا نترك للأسطورة تفسير هذه الظواهر؟ ولماذا لا نؤسس طريقة تفكير علمية نخلص الجيل من كثير من العادات والتقاليد والفكر الأسطوري، لبناء وطن ومجتمع حديث؟ فكان الاتجاه والتعمق بالعلوم المعاصرة، التي هي علم جديد يسمى "تقنية النانو" وهو جزء من مليار من الشيء، وتقاس أنصاف أقطار الذرات الطبيعية بالنانو، عند إذ تبين للعلماء اتجاهان متعاكسان: الأول إذا كانت الذرة أو الجزئية أكبر من مئة نانو فعلينا أن نضغط مداراتها حتى تكون أقل من ذلك، فنحصل على المواد الجديدة في الطبيعة، التي خصائصها مختلفة عن خصائصها في الواقع، كأن نحصل على ذهب ذي مواصفات فيزيائية وكيميائية مختلفة تماماً عن صفاته الطبيعية الموجودة فيه، أي بمواصفات جديدة وخصائص أيضاً، كقساوة أفضل ولون ودرجة انصهار أحسن، والبحث عن هذه الخصائص للاستفادة منها إلى أقصى ما يمكن، وسميت هذه المواد غير الموجودة في الطبيعة بالمواد النانوية، أما الاتجاه الثاني للذرات التي هي أصغر من مئة نانو، حيث نبعد بواسطة الماسح الإلكتروني المدارات فتصبح بين واحد نانو ومئة نانو، لأنها كبرت الذرات وأصبحت بخصائص جديدة وفريدة، وهنا كان دوري في توضيح أهمية هذه المعرفة والفجوة الحاصلة نتيجة لذلك بيننا وبين الغرب، لأننا لا نملك مختبراً يقوم بهذه الأبحاث، ضمن مقالاتي وكتاباتي التخصصية وأبحاثي المخبرية، أي إنني حاولت أن أجعل المجتمع السوري على تماس مباشر مع هذه العلوم، عبر صياغة الأفكار النانوية بصيغة مبسطة تصل إلى جميع الناس، ولدي القدرة الكافية للقيام بهذه الأبحاث والإنجازات لو توفر المخبر والأدوات اللازمة».

وعن أهمية الفرد العارف في المجتمع المعرفي لتكوين بيئة معرفية عامة، يقول: «الفرد إن لم يكن ضمن مجموعة معرفية لا يمكن أن ينتج شيئاً إبداعياً، خصوصاً في مجال علوم تعقدت لدرجة ليس من السهل لفرد واحد أن يضيف شيئاً إليها، فنحن في "سورية" يجب أن ننشط الأبحاث، وأقترح تفرغ الكثيرين من علماء الاجتماع لدراسة الواقع الاجتماعي، ومن ثم صناعة تقارير دورية عن حالته وحالة تعليمه وعدد الأميين والجرائم وغيرها، وذلك بتوصيف عام وجيد للمجتمع، حتى نعمل على التحسين، وقياساً على ذلك علماء الفيزياء والكيمياء وغيرهم في الاختصاصات العلمية، وبذلك نؤسس لمشروع بحثي سوري في جميع مجالات الحياة، لأنه علم معاصر، فمنه الأبحاث، ومنه الدراسة المعرفية لإيصالها بطريقة علمية إلى الجميع».

حسن بلال

وعما قدمه خلال فترة اغترابه قال الباحث "حسن": «قدمت أبحاثاً ومحاضرات وتعليماً للطلاب، ومنها كتاب "الهندسة الوراثية وتطبيقاتها"، التي هي علم جديد صدر عنه في عام 2003 الخريطة الجينية، إذ إن كل الجينات المتواجدة في البشر عرفت بدقة تركيبها الكيميائي، وإمكانية تصنيعها، والتصنيع يعني أن أي مرض وراثي قادم عبر أجيال معينة، يمكن الآن رصده وسحبه واستبدال مورثه بمورث جديد سليم.

في عام 1983 أرسلت فكرتين لجامعة "متشيكن" الأميركية لإمكانية الدراسة التطبيقية عليها: الأولى أن موضوع الجسميات المتواجدة في الطبيعة، لماذا لا تصنف في جدول كما تصنيف العناصر بالجدول الدوري المعروف؟ والفكرة الثانية: أنه يوجد المادة والمادة المضادة، أي عندما يوجد إلكترون يوجد مضاد له في الطبيعة يسمى بزترون، له ذات الكتلة ولكن بشحنة مختلفة، وإذا التقى أحدهما بالآخر تتفانى الكتلة تماماً، وتتحول إلى طاقة تسمى أشعة "كاما" أي تصبح فوتونات، وهنا قلت: لماذا لا نفكر بوقود منها يستخدم في صاروخ يمكن أن تصل سرعته إلى سرعة الضوء؟ وهاتان الفكرتان قُبلتا للدراسة فوراً، ولكن الظروف لم تسمح بالسفر وإتمام البحث العلمي لهما.

كما قدمت كتاباً عن "الطاقة النووية" منذ أكثر من ثلاثين عاماً، والبداية بالنسبة لي فيه، كان كمشروع تخرج أقدمه كتميز بحثي قيمي معرفي، لكن بعد اطلاعي على مجمل المراجع المعاصرة، أنتجت خلاصة هي: كيف نستطيع من الناحية النظرية أن نستفيد من طاقة النواة؟».

ويضيف: «قدمت كتاباً عن "الطاقات البديلة"؛ وهو كتاب يتحدث عن الطاقات البديلة التي يمكن الاستفادة منها، والتي كان فائدتها مطلقة في هذه الظروف الصعبة، كالمد والجزر وطاقة الرياح الموجودة في "حمص" أو المعروفة بفتحة "حمص"، والمياه الحارة الموجودة في الشمال الشرقي من "سورية"، وكذلك كتاب عن "تقنيات النانو وتلوث البيئة"، للتخفيف من تلوث البيئة عبر المواد النانوية، وذلك بتفكيك الروابط للملوث العام، وتحويلها إلى صيغ غير ملوثة».

وفي لقاء مع السيدة "فاطمة محمد" مهندسة إلكترون، قالت: «يحاول الباحث "حسن" من خلال منتجه الفكري تبسيط المفاهيم العلمية، حيث تصل إلى أكبر قدر ممكن من الناس، ومن ثم يصبح لدى الجميع حب الاطلاع والمعرفة، وهو ما يساهم بثقافة علمية نحن بحاجة إليها كثيراً للنهوض بالمجتمع، وهذا يساهم في بناء جيل وطني معرفي».

يشار إلى أن الباحث "حسن عز الدين بلال" من مواليد قرية "المنزلة" في مدينة "بانياس"، عام 1952.